عرفت الجزائر العاصمة أمس الكثير من الاضطرابات التي مست مختلف الخدمات وقطاع التجارة وحركة المرور سببتها المسيرات العشوائية التي نظمتها مختلف الفئات العمالية من عمال البريد والأساتذة المتعاقدين والأطباء المقيمين وعناصر الدفاع الذاتي وآخرهم الطلبة الذين قاموا بحركة احتجاجية بساحات أول ماي و الشهداء والبريد المركزي و«موريس أودان». وقد تجمع العشرات من الطلبة للمطالبة بتسوية مشاكل محل الانشغال، وهي مطالب كانت في صلب الاحتجاجات السابقة التي استدعت ندوة وطنية للفصل في الكثير منها واتخذت إجراءات من أجل عودة الجامعة إلى وضعها الطبيعي بعد التكفل بكل المسائل واحدة واحدة. لكن الطلبة يريدون الملموس على حد تعبيرهم لهذا قاموا بمسيرة أمس وهذا أمام طوق أمني مكثف ومحكم على العاصمة. فقد منعت قوات الشرطة الطلبة من الوصول الى رئاسة الحكومة ما جعلهم يتوجهون نحن رئاسة الجمهورية وهو الأمر الذي جعل العاصمة شبه مشلولة. إنها صورة نقلتها «الشعب» عبر جولتها الاستطلاعية في مختلف شوارع العاصمة حيث كان الغليان. عاشت العاصمة يوما غير عادي من خلال تدفق الآلاف من الطلبة على ساحة البريد المركزي للاحتجاج، وهو ما جعل مصالح الأمن تنتشر بشكل مكثف بدء من الحديقة المجاورة للبريد المركزي حيث قاموا بتسييجها لمنع الطلبة من احتلالها. وقطعت مصالح الأمن الطريق المؤدي إلى الدكتور سعدان وقصر الحكومة وأبقت على حركة المرور للسيارات القادمة من شارع العربي بن مهيدي. وانتشرت الشرطة على مختلف الأدراج المؤدية الى قصر الحكومة الواقعة قرب الوكالة الوطنية للنشر والاشهار وكذا قرب فندق ألبير الأول بنهج باستور. وامتد الطوق الأمني قرب وكالة القرض الشعبي الوطني عبد الكريم الخطابي مرورا بنفق الجامعة الذي يربط نهج باستور بشارع محمد الخامس وهو ما اجبر الطلبة على التفرق. وفي نفس الوقت أغلقت المتاجر والمقاهي و البنوك ومكاتب البريد أبوابها خوفا من اية أعمال عنف أو شغب قد تكلفهم الكثير من الخسائر، وعبر الكثير من التجار والموظفين عن استيائهم من استمرار هذا الوضع المضطرب الذي تعيشه العاصمة حيث باتت الحركة التجارية متدهورة جراء كثرة الاعتصامات والاحتجاجات. وباتت حركة المرور لا تطاق حيث توقف نشاط الكثير من حافلات نقل المسافرين للمؤسسة الوطنية للنقل شبه الحضري عن العمل لفترات متقطعة جعل المواطنين يعانون الويلات في النقل خاصة نحو أعلى العاصمة من الأبيار إلى المرادية وحيدرة وبئر مراد رايس أين كانت أخبار قطع الطرقات تنتشر بسرعة. وهو ما أدى بسائقي سيارات الأجرة إلى العزوف عن نقل الأفراد بحجة أن الطرقات مغلقة وهذا أمام الازدحام الهائل. ووصل هاجس المشاكل والمسيرات للجامعة المركزية التي أغلقت ابوابها أمس خوفا من أية مضاعفات قد تحدث في حال التحام الطلبة القادمين من مختلف الجامعات والمدارس مع طلبة الجامعة المركزية، كما خرج مختلف عمال وموظفي المؤسسات والشركات المحاذية للبريد المركزي وشارع وساحة موريس أودان إلى الشوارع لمتابعة ما يحدث وهو ما شكل جوا مشحونا بالقلق يؤكد الأوضاع الهشة لمختلف القطاعات التي عجزت عن ايجاد الحلول اللازمة لمختلف المشاكل والعراقيل لتجاوز المراحل الانتقالية والمناهج الجديدة التي لم تشارك فيها مختلف الأطراف عند تطبيقها. ويحدث كل هذا في وقت قامت فيه السلطات بتسييج ساحة الشهداء التي عرفت الكثير من الاعتصامات وكادت أن تتحول إلى صراعات مع سكان المناطق المجاورة وتفاديا لأية مضاعفات خطيرة ستعرف العاصمة من دون شك العديد من الاجراءات لتفادي الفوضى والمشاكل بين السكان ومختلف الفئات العمالية والطلابية التي تحتج بالعاصمة للمطالبة بحقوقها.