إنهارت معظم البورصات العالمية في بداية تداولاتها مسجلة خسائر جسيمة لم تبلغها بالنسبة للبعض منها منذ سنوات طويلة، رغم الجهود المتواصلة لانقاذ ما يمكن انقاذه من خلال صب المزيد من المال في الأسواق المالية ولجوء البنوك المركزية الى تخفيض أسعار الفائدة لتشجيع الإقراض. ولإطلاع القارئ على خلفيات وتداعيات الأزمة المالية العالمية واحتمالات انعكاسها السلبي على الاقتصاد الوطني إرتأت »الشعب« استقصاء آراء الأسرة الجامعية ليقع الاختيار على الأستاذ الجامعي بمعهد العلوم الاقتصادية بالبليدة السيد فارس مسدور. يعتبر الأستاذ مسدور أن الأزمة المالية العالمية هي أزمة قروض بنكية بدون ضمانات أمريكية، انحصرت بالدرجة الأولى في القروض العقارية، حيث أن عجز المقرضين على تسديد أقساط ديونهم أدى الى تخليهم عن العقارات، ليشهر أول بنك أمريكي إفلاسه والقائمة لا تزال مفتوحة حسب ساسة المال في أمريكا، رغم تدخل البنك الوطني الأمريكي لشراء 80٪ من الرهون التي عجز البنك المفلس عن استيرادها، الأمر الذي أدى الى انتعاش السوق، ولكن كان ذلك مؤقتا لتنهار البورصات الأمريكية وتليها بورصات أوروبية وآسيوية وحتى عربية متأثرة بوضعية السوق المالية الأمريكية المتدهورة. وكشفت عملية التخلص من القروض عن طريق سندات بيعت في أسواق مالية عالمية أخرى عن ما وصفه الأستاذ الجامعي بأكبر عملية نصب واحتيال للبنوك الأمريكية بعملية قانونية، قبل أن يقر الكونغرس الأمريكي خطة للانقاذ كان لها عدد من الأهداف أهمها ضخ كمية من النقود عن طريق خزينة الدولة بإجمالي 700 مليار دولار في الأسواق المالية وعلى مراحل لشراء الرهون المتعثرة وإدارتها بعد عملية الشراء. هل ستتأثر الأموال الجزائرية المودعة في البنوك الأمريكية والمقدرة ب 43 مليار دولار سلبا بتداعيات الأزمة المالية العالمية.. سؤال طرح على الأستاذ مسدور، فكان جوابه أن ذلك مرتبط أساسا بعملة الدولار، لأن مزيدا من التراجع في العملة الأمريكية أمام اليورو خاصة، سيؤدي الى خسارة أكيدة، فضلا عن مستوى التضخم العالمي الذي يعني ارتفاعه مزيدا من الارتفاع في الأسعار وبالتالي تداعيات سلبية مباشرة على المواطنين وأخيرا استمرار تراجع أسعار النفط. وحسب السيد مسدور، فإن الميزة التي تحسب على خبرائنا أننا تمادينا في التحوط من الوقوع في الأزمة العالمية خاصة عندما اقترح هؤلاء تقسيم الاحتياطي بالعملة الصعبة على عدة عملات، ومع هذا فإن المتحدث يرى بأن الجزائر ليست في منأى عن الأزمة، معتبرا أن التطمينات الرسمية حول الأزمة المالية العالمية ماهي إلا تهرب من الواقع وأن الحديث عن الصناديق الخاصة لتغطية الانخفاض المتسارع في سعر البرميل لا يعتبر اجراء احترازيا. وفي إطار مواجهة الأزمة العالمية، اقترح الأستاذ الجامعي انضمام الدولة الجزائرية الى الكتلة العالمية للمساهمة في إيجاد موارد مالية واعتماد نظام يكون بمثابة الحاجز الدولي إزاء الأزمة المالية الراهنة. وفي الأخير وعن احتمال انهيار النظام الرأسمالي كما تردد على ألسنة العديد من المراقبين والملاحظين، أكد نفس المتحدث أن الحديث عن ذلك أمر مستبعد في الوقت الراهن، بل يذهب الى أبعد من ذلك عندما يتوقع أنه عندما يخرج الاقتصاد الرأسمالي من أزمته الراهنة سيكون أقوى مما كان عليه سابقا، لأنه يعتمد على معايير علمية، فضلا عن أنه لا توجد أية مؤشرات سياسية بالدرجة الأولى تدعم الاعتقاد بانهيار محتمل في نظام الاقتصاد الحر. ------------------------------------------------------------------------