أجمع أساتذة الإعلام أمس على التطور الإعلامي الحاصل ببلادنا خلال السنوات الأخيرة ودورها الكبير في الرقي بمهنة الصحافة والرقي برسالتها. وقال زهير إيحدادن الإعلامي وأستاذ الإعلام حول رفع التجريم عن كتابات الصحفي في ندوة نقاش بمنتدى «المجاهد» تحت عنوان الصحافة الجزائرية من المقاومة إلى الحركة الوطنية و أثناء الثورة التحريرية انه مما لا شك فيه ان مثل هذا القرار يشكل خطوة مهمة إلى جانب احترام قانون أخلاقيات المهنة. واقترح زهير إيحدادن في هذا السياق ان يتم تسميته بمجلس انضباط بحيث يمكن له التدخل في حال تجاوز الصحفي لحدوده سواء في نشر الأكاذيب و تحريف الحقائق أو القذف أو السب و تخويله حق حرمان الصحفي من ممارسة مهنته في حال التكرار. ولدى تطرقه إلى التجربة الإعلامية الجزائرية قال زهير إيحدادن أنها تعد رائدة في العالم العربي مشيرا إلى ان الصحافة المكتوبة جاءت مع دخول الاستعمار الفرنسي و كان المثقفون الجزائريون يراقبون ويشاهدون إلى ان أدركوا أهمية هذه الوسيلة و صدرت أول صحيفة جزائرية سنة 1882 «المنتخب» باللغتين العربية والفرنسية. وقال زهير إيحدادن ان الكتابة الجزائرية آنذاك أنها كانت دعائية سياسية بالدرجة الأولى حسب مقتضيات الكفاح المسلح، واستمرت كذلك إلى غاية الاستقلال حيث بقيت بعض الصحف الفرنسية مثل «لا ديباش دالجيري» ولكنها كانت تتناول المواضيع الجزائرية إلى غاية صدور جريدة «الشعب» في ديسمبر 1962. وأشار إيحدادن في تقييمه للتجربة الإعلامية في الجزائر تطورت بعد الاستقلال وعرفت قفزة نوعية بعد سنة 1989 بعد الإعلان عن الديمقراطية التعددية حيث ظهرت الصحافة المستقلة وطغى عليها الطابع السياسي الدعائي باللغتين بالإضافة إلى الصحف العمومية. وعلق المتحدث عن تجربة الصحافة المكتوبة الوطنية بالايجابية بعد ان عرفت كيف تستغل الحرية التي أعطيت لها في ظل التعددية وقطعت بموجبها أشواطا كبيرة في الرقي بالرسالة الإعلامية ولكنه اعتبرها ناقصة حيث انتقد تعامل بعض الصحف الحرة مع المادة الإعلامية ومن ذلك عدم تغطية النشاط الحكومي أو النقابات وهو ما ينفي أنها مستقلة وموضوعية بالمعنى الدقيق ويجعل تجربتها ناقصة . ورأى إيحدادن انه من باب الموضوعية والمسؤولية الإعلامية وعملا بمبادئ الديمقراطية ان تكشف هذه الصحف المستقلة عن اتجاهها الذي تسير وفقه وعدم مغالطة الرأي العام وتترك الحرية للقارئ في الخيار. و بخصوص التلفزيون اعتبر المتحدث ان التجربة الجزائرية التلفزيونية في البداية كانت لها طابع دعائي، معتبرا انها نجحت في كل الميادين خاصة الرياضية والثقافية والدينية ما عدا الميدان الاجتماعي وخاصة السياسي. وقال إيحدادن بهذا الشأن انه رغم الأنشطة المتنوعة التي تشهدها الساحة السياسية الجزائرية إلا ان التلفزيون الجزائري مقصر جدا في تغطيتها والاكتفاء بالنشاط الحكومي، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من تجربة العالم الديمقراطي حيث هناك قنوات تلفزيونية عمومية إلا أنها تعطي أهمية كبيرة للأصوات المعارضة على عكس ما يجري عندنا إذ لا بد من الانفتاح على الأخبار وليس فقط على الحصص. من جهتها اعتبرت البرلمانية والوجه الإعلامي زهية بن عروس ان الجزائر كانت رائدة في تجسيد الديمقراطية الإعلامية الخاصة على مستوى الصحافة المكتوبة والتي عرفت الكثير من العناوين تخرجت من الجريدتين الأم «الشعب« و«المجاهد» إلا انها لم توافق ما ذهب إليه زهير إيحدادن في كون التلفزيون الجزائري يطغى عليه الطابع الدعائي السياسي حيث اعتبرت ان في الفترة الممتدة بين 1989الى 1997 كان إخباريا بالإضافة إلى الخدمة العمومية التي كان يقدمها كالإرشادات الصحية والتربوية والفلاحية. وفيما يخص الوضع الحالي الذي يعيشه التلفزيون رأت بن عروس انه تقهقر غير مقصود نظرا للتطور التكنولوجي الكبير الذي عرفته وسائل الاتصال خاصة الخدمات الاجتماعية وظهور القنوات الموضوعاتية الفضائية. وفي سياق آخر أشارت بن عروس إلى نقص قنوات الاتصال ولغة الحوار لدى الإعلاميين و في كيفية التعامل مع المادة الإعلامية وتعلم التحاور مع الرأي الموافق لنا والمعارض من منطلق الحرية الإعلامية. وحول دور الصحافة الجزائرية في الثورة التحريرية أكد عمار بلخوجة الباحث والإعلامي السابق أن الإعلام كان من بين الوسائل التي وظفت في العمل الثوري المسلح لدعم التفاف الشعب حول جيش التحرير الوطني ما شكل درعا واقيا ضد الدعاية الفرنسية المغرضة، بالاعتماد على كل الوسائل البشرية والمعنوية والمادية والدعائية والإعلامية المتواضعة ، لإبلاغ رسالة الثورة إلى الشعب الجزائري إلى الرأي العام الدولي . من جانبه تطرق حسان بومالي أستاذ الإعلام والاتصال نظرة تاريخية إلى أولى الأعمال الصحفية أثناء الثورة التحريرية و التي تعود إلى منشور 30 أكتوبر وبيان أول نوفمبر، حيث شكلت مناشير الثورة البسيطة أسلوبا راقيا للتأثير السياسي والمعنوي على الجماهير ما جعلها مقتنعة بضرورة مقاومة العدو، فكانت أولى وثيقة إعلامية في الصحافة الجزائرية . وفي نفس السياق أشار محمود بوسوسة صحفي قديم بجريدة «المجاهد» إلى دور الإذاعة حيث استغل ممثلو الثورة في الخارج وسائل الإعلام في البلدان الشقيقة والصديقة للتعريف بالثورة الجزائرية وبأهدافها وأبعادها الحقيقية، فقد نظمت الجبهة برامج إذاعية بعنوان «صوت الجزائر» باللغة العربية في كل من المغرب و تونس والقاهرة.