شهد الميركاتو الصيفي المنصرم هجرة غير طبيعية للاعبينا الدوليين إلى مختلف البطولات الخليجية، وبالخصوص القطرية بعد التحاق كل من زياني، مغني، بوقرة وقبلهم بلحاج بدوري “نجوم قطر”، في حين فضل القائد عنتر يحيى الوجهة السعودية بعد أن أمضى لنادي النصر، ليلتحق بزميله في المنتخب عبد المالك زياية لاعب إتحاد جدة، لكن بعد مرور بضع جولات من انطلاق المنافسة الرسمية، لاحظ المتتبعون تراجع مستوى هؤلاء بشكل ملفت، ووصل الأمر إلى حد تضييعهم لمكانتهم الأساسية مع “الخضر” وهم الذين صنعوا ما عجز عنه الآخرون طوال عشريتين كاملتين من الزمن... ما زاد من تضاؤل فرص محاربي الصحراء - كما يحبذ الأنصار تسميتهم - في الحفاظ على المكانة الأساسية التي حظيوا بها في المنتخب الوطني والتي دامت أشهر عديدة، بل سنوات، تعيين المدرب البوسني “وحيد هاليلوزيتش” على رأس العارضة الفنية الوطنية، حيث أعلن غداة ترسيم إشرافه على حظوظ “الخضر” و بعد تضييع فرصة التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2012، أنه لا يعترف بالأسماء ولا بالألقاب، بل سيعطي الأولوية للاعبين الأكثر جاهزية فنيا، بدنيا ونفسيا لتكوين فريق تنافسي قادر على بلوغ الأهداف المتفق عليها مع المكتب الفدرالي قبل إمضائه على العقد، والمتمثلة في التأهل إلى “كان 2013” و«مونديال البرازيل “2014، مشيرا إلى أنه لا مجال للتساهل مع الجانب الانضباطي والصرامة في العمل مهما كان وزن اللاعب الذي يتجاوز حدوده في التشكيلة التي يدربها، حتى يتمكن من تطبيق إستراتيجيته الاحترافية بحذافيرها التي ستوصله والمنتخب الجزائري إلى بر الأمان ويخرج الجميع من هذه المغامرة - كما وصفها - غانما أو مرفوع الرأس في أسوأ الحالات. يحيى وزياني...من قائد إلى عنصر ثانوي !! من منا لا يتذكر ما صنعه الثنائي زياني وعنتر يحيى خلال مباراة السد المؤهلة إلى المونديال الإفريقي أمام منتخب مصر بأم درمان السودانية، والتمريرة السحرية من الأول إلى الثاني في لقطة الهدف الوحيد الذي أهل الجزائر إلى جنوب إفريقيا بعد غياب قارب ال 24 سنة عن المحافل العالمية... لو كان هناك لاعبان فقط ممن يستحقون لقب اللاعب الدولي في السنين الأخيرة، فحتما سيقدم لهذين اللاعبين لما قدماه للجزائر عامة وللكرة خاصة، ولا ينكر أحدنا الروح والعزيمة التي تميز أداءهما في التحديات الرسمية والودية التي خاضها الفريق الوطني، لكن ولأن دوام الحال من المحال، فقد انقلبت أمورهما رأسا على عقب في المنتخب، بعد أن قرر هاليلوزيتش إبعاد زياني عن التشكيلة بمناسبة المباراة الأخيرة من التصفيات ضد إفريقيا الوسطى بداعي الإصابة - في حين شارك اللاعب مع ناديه الجيش القطري في مباراة البطولة في اليوم الموالي!! - ليشكل ذلك مفاجأة من العيار الثقيل لكل محبي “الخضر” بما فيهم اللاعبين أنفسهم. لكن بالنظر لانخفاض مستوى كريم مقارنة بما كان عليه الأمر منذ أقل من سنة، يمكن تفسير إبعاده من طرف التقني البوسني بأنه إنذار صريح لكل اللاعبين عن طريق عدم توجيه الدعوة لقائدهم. نفس الشيء حصل مع القائد الأسبق ل “الخضر” عنتر يحيى في ذات المباراة، ولو أن الأمر لم يصل إلى حد إبعاده عن المنتخب، حيث اكتفى المدرب بوضعه على دكة الاحتياط. بوڤرة الإستثناء... سقط التحاق مجيد بوقرة بالدوري القطري، كالصاعقة على كل أنصار الفريق الوطني، بعدما كان يشكل اللاعب أملهم الوحيد في رؤية محاربيهم ينشطون في بطولات قوية وأندية دائمة التنافس على الألقاب والمنافسات الأوروبية، حيث تبددت كل أمالهم بمجرد نزول خبر إمضاء “بوڤي” في نادي لخويا بطل الموسم الماضي بفضل مدربه الجزائري الآخر جمال بلماضي، لكن بعد مرور جولات قليلة تبين أن اللاعب لم يفقد الكثير من إمكانياته، وواصل تقديم مستويات مقنعة إلى حد ما، وهذا راجع للصرامة والجدية التي يتميز بها في التدريبات رغم تغير المناخ والمحيط، حسب ما صرح به بلماضي في مناسبات عديدة. وأثمر العمل الكبير الذي يبذله بوڤرة مع ناديه الخليجي، بمحافظته على مكانته الأساسية مع المنتخب. أما بخصوص مدلل الجزائريين مراد مغني، الذي أمضى لنادي أم صلال القطري خلال فترة التحويلات المنقضية، فإن حالته استثنائية إن صح التعبير، لأن إلتحاقه بالبطولة القطرية يندرج في إطار تحمس اللاعب للعودة إلى الميادين وكسب مباريات بعد معاناته الطويلة من الإصابة، بلحاج وزياية .. مستواهما متذبذب كان اللاعبان نذير بلحاج وعبد المالك زياية السباقين إلى اللحاق بأحد الأندية الخليجية، بعد التحاق الأول بالسد القطري والثاني بإتحاد جدة السعودي، ورغم المستوى المقبول المقدم - في بعض الأحيان- من طرفهما في مباريات نادييهما، إلا أن المكانة الأساسية مع المنتخب الوطني صارت بعيدة المنال بالنسبة لهما، نظرا لبروز لاعبين يؤدون أفضل منهم فنيا وبدنيا داخل الميدان تمكنوا من إقناع “وحيد هاليلوزيتش” وكسبوا ثقته في صورة مصباح، مهدي مصطفى وكذا جبور ومطمور إلى جانب غزال الذي بدأ يستعيد مكانته تدريجيا مع المنتخب الوطني. وهنا يمكن ملاحظة الفرق بين مستوى العناصر التي مازالت تنشط في البطولات الأوروبية مقارنة بنظيرتها في الخليج، حيث حافظ أغلب لاعبونا الدوليون الذي فضلوا البقاء في أنديتهم على مستواهم ولياقتهم، في حين لم يتمكن لا زياني ولا عنتر ولا بلحاج من استعادة مكانتهم الأساسية .