رابح درياسة فنان الطبوع الخالدة على الرغم من تقدمه في السن إلا أن ألحانه وأفكاره وأعماله الفنية تبقى شاهدة على عطائه السخي، لأن ألحانه وأداءه الرائع بقي يسري في وجدان الأجيال المتعاقبة فهو أحد أبرز الرومانسيين الذي عبر في أغانيه عن أشواق العشاق بكل مصداقية فضلا عن صوته الذي أشعل حماس مستمعيه داخل الوطن وخارجه وحتى أوروبا، ولا زال عشاقه إلى اليوم يتابعون مسيرة هذا الفنان الذي تقدمت به السن لكنه لا زال معطاء ولو بكلمة فنية لجيل اليوم حتى يقتدى بنصائح هذا العملاق الذي غنى في بداية الاستقلال لثورتها المظفرة «حزب الثوار» بعدها اقتحم عالم الفن الرومانسي على غرار «نجمة قطبية» وغيرها من الأغاني الخالدة والتي ذاع صيتها عبر المغرب العربي والأوروبي وعبر المشرق العربي. وبهذه المناسبة صفحة ذكريات تنتقل بقلمها وأفكارها وتغوص في دفاتر هذا الفنان المتميز وتكشف مسيرة عطائه الفني الراقي، إنه رابح درياسة البالغ من العمر (85) سنة، لكنة لا زال نجما ساطعا في سماء الأغنية الجزائرية والعربية وهي بالمئات مرصعة بصوته الذهبي. مشواره الفني انطلق في مجال الغناء سنة 1953 وهو شاب بعد أن عمل في عدة مجالات، إلا أن الفن كان المحطة الابرز في حياته، حيث غنى للوطن والحب، والجمال والأغنية الحكيمة، البدوية الجزائرية الملتزمة ما جعله متميزا في آداء الأغاني عبر محطات الجزائر. محطة نادرة ومحبوبة كان الحاج رابح درياسة يحظى بمكانة خاصة لدى المجتمع الجزائري والمغربي والعربي وعند الجالية الجزائرية، نظرا لسلاسة أدائه للأغاني وعذوبة ألحانه واختياره للكلمات الجميلة، والمتاحة والمحبوبة لدى عشاق فنه، كان درياسة مطلوبا بكثرة أينما حل وارتحل نظرا لقيمة هذه القامة الفنية وقدرته على الاداء الرائع للأغاني. فنان تشكيلي بامتياز رغم تفوقه البارع في الطرب والتلحين والغناء إلا أنه ابدع في الفن التشكيلي وفن الزخرفة والمنمنمات وقد أقام عدة معارض في هذا الفن المتميز عن الغناء، ولذلك فإن عملاق الطرب العصري، والصحراوي هو فنان من الطراز العالي، حيث ابدع في أكثر من مناسبة بتقديمه للوحات خاصة بالرسم التشكيلي الذي أحبه وأبدع فيه مثلما أبدع في الغناء. غيابه عن حفل قرطاج الدولي الذين تحدثوا عن هذا العملاق وصاحب الحنجرة المتميزة في الغناء ذات يوم جاءته دعوة رسمية من طرف منظمي حفل قرطاج الدولي بتونس إلا أن المرض في تلك المناسبة حرمه من الذهاب وكان درياسة من المدعوين الابرز والمطربين الاقدر على مستوى منطقة المغرب العربي غير انه لم يحضر التكريم الذي حظي به العديد من الفنانين المعروفين على غرار عبد الوهاب الدكالي، والتونسي ناصر الزغندار والفنانة المصرية شريفة فاضل التي زارت الجزائر في حفل الاستقلال الاول سنة 1963 إلى جانب كبار الفنانين المصريين الذين غنوا للثورة الجزائرية يتقدمهم محمد قنديل، كريم محمود فائزة كامل، إضافة إلى أصحاب الفكاهة محمود شكوكو، الفرقة الماسية بقيادة الموسيقار احمد الحفناوي والحفل أقيم «بملعب فرحاني» باب الوادي ولذلك أعزائي القراء هذه فكرة بسيطة عن هذا الحفل المتميز وسنعود إليه في اعدادنا القادمة بالتفصيل. درياسة أستاذ ابنه عبدو درياسة كان للحاج درياسة الفضل الكبير على ظهور ابنه عبدو درياسة الذي أصبح مطربا متميزا في الجزائر وخارج الجزائر وحتى في الدول العربية، واوروبا حيث غنى من أغاني أبيه عدة أغاني منها (نجمة قطبية، الممرضة..). أغاني درياسة الشهيرة للحاج درياسة مئات الأغاني والأناشيد الوطنية والقصائد إنما الأغاني التي نالت شهرة كبيرة داخل الوطن وخارجه، نجمة قطبية، الممرضة، التفاحة، يامحمد، القمري، يا رشيدة، يحياو ولاد بلادي، وهذه الأغنية حيا بها الخضر يوم تأهلوا إلى كأس 1982 وبقيت هذه الأغنية مشهورة إلى اليوم تترددها الأجيال كلما فاز الخضر هنا وهناك وهذه الأغنية أعطت للحاج بصمة متميزة في حياته الفنية لأنها تعبر على أمور مستقبلية واعدة وهو نجاح أبناء الجزائر بصفة عامة. التكريمات كرّم فنان الجزائر والمغرب العربي في أكثر من مكان، غير أن تكريمه من وزارة الثقافة في عهد الوزير عز الدين مهوبي، يقولون أنه كان متميزا. مهرجان قرطاج بمناسبة غياب درياسة عن التكريم فإن ابنه كان حاضرا هناك، بحسب من تحدثوا لنا فقدم عبدو درياسة تشكراته وامتنان والده لمنظمي المهرجان ومحبيه بتونس لتفكيرهم في تكريمه وقد شارك عبدو درياسة في هذا المهرجان بقرطاج. غنى بسوريا كما كانت له فرصة كبيرة حين استدعي كضيف في سوريا في أحد المناسبات الفنية الكبيرة وغنى عدة أغاني من أغانيه المشهورة والخالدة، خاصة أغنية نجمة قطبية التي سجلها آنذاك بالابيض والأسود وكان الحفل هناك متميزا حيث شارك أكبر المطربين العرب، والسوريين وكان هذا سنة 1974، كما غنى أيضا درياسة بالمغرب الشقيق 1989 نظرا للعلاقة الفنية والأخوية التي تربطه مع مطربي المغرب وتونس وغيرهم من الدول العربية لأن درياسة فنان مثقف ويعرف كيف يوظف ثقافته الفنية أينما حل وارتحل. الحياة الفنية ان رابح درياسة يبقى قامة خالدة، لأنه مؤلف ومغني وموسيقي وملحن وكاتب كلمات، وهو من رواد الفن الجزائري، وكان من الأوائل في الاستقلال حيث غنى النشيد المشهور له حزب الثوار ثم تليها أناشيد أخرى وأغاني على غرار نجمة قطبية، أولاد بلادي لأنه فنان عبقري ومثقف ومتشبع بالطابع الشعبي البدوي الجزائري الأصيل، حيث أعاد بعض الأغاني الشهيرة لغيره على غرار «حيزية» وقام بأدائها بمستوى فني راق، يشهد له الجميع. معلومات شخصية ولد رابح درياسة 15 / 07 / 1934 بالبليدة، (85) سنة الجنسية: جزائرية المهنة: مغني من 1953 إلى 1990 النوع: موسيقى فلكلورية الآلات: صوت رحلة فنية مع ذكريات بلبل مدينة الورود انها رحلة ذكريات بحق مليئة بالانجازات الثقافية والفنية والالحان لفنان خرج من رجم مدينة الورود، المدينة التي خرج منها عمالقة فن الزمن الجميل على غرار عبد الرحمان عزيز وأخيه ومحمد رشدي. ان رابح درياسة صاحب الكلمة والآداء فانتاجاته الوطنية والفنية ملأت مكتبة الإذاعة والتلفزيون الجزائري وغيرها من المكتبات الفنية لتبقى منقوشة في قلوب عشاق هذا الفنان، كما سيذكرها جيل بعد جيل لأن الحاج رابح درياسة يبقى مبدعا في الألحان والغناء ومنفردا بصوته المتميز، إنها ذكريات العمالقة التي تبصم عبر صفحة «الشعب» الفنية وتواكب مسيرة كل الأجيال في المجال الفني الأصيل ودرياسة واحد من الأصالة الجزائرية المتفتحة على عالم الفن الراقي.