تمر الأيام والأسابيع والشهور والسنين ويبقى اسم الكبار ساطعا، لأن محطاتهم في الحياة مرتبطة بالانجازات التي حققوها عبر مسارهم المهني، ومن بين الشخصيات الفنية والقامات الكبيرة خليفي احمد الذي لقب بملك الأغنية الصحراوية التي بصم بها في قلوب الملايين صوت وآداء هذا العملاق ليس ككل الأصوات في هذا النوع من الغناء، حيث أبدع في أداء الأغاني الخالدة على غرار أغنية «نتفكر عربان رحالة» «قمر الليل» وغيرها من الروائع الصحراوية البدوية التي اقتحم بها أكبر الحفلات الراقية والمهرجانات داخل الوطن والمغرب العربي وبعض الدول العربية مثل سوريا التي غنى بها أمام الجماهير العربية ونال اعجابا كبيرا نظرا لأدائه الرائع وبصوت عربي أصيل. بحثنا في صفحات ذكريات خليفي احمد الثرية والفنية، فانبهرنا من ألحانه الخالدة والتي بقيت منقوشة في قلوب الملايين من عشاق هذا العملاق وفنه الرائع ..انه خليفي احمد الذي وصفه كبار النقاد والمعجبين به، بملك الأغنية الصحراوية. مولده ونشأته ولد المطرب الصحراوي الكبير وأستاذ الأغنية البدوية والصحراوية في 1922 بسيدي خالد وترعرع في بلدته وقضى طفولته وسط عائلة المحافظة كجميع أسر اولاد بن خليفة فكان خليفي احمد من الذين قرؤوا القرآن الكريم وحفظ نصفه. ولعه بالقصائد وهو شاب بعدما تمتع بحفظ جزء من القرآن الكريم كان مولوعا أيضا بالقصائد الدينية الذي سقلت موهبته وصوته، حيث حفظ بعض القصائد عن طريق خاله سي الحاج وسي بن خليفة الذي كان هو الآخر عاشق للفن الصحراوي، من هنا بدأت بذرة البداية تظهر لهذا المطرب المتميّز في الغناء الصحراوي الذي أبدع فيه أينما حل وارتحل وأصبح بعدها المطرب الصحراوي المتميز عن باقي مطربي جيله. ظهوره .. في الاذاعة بعد بدايته الموفقة في بلدته، اقتحم مبنى الإذاعة فانتقل من قصر الشلالة إلى العاصمة وعمره 20 سنة، لكونه كان عاطلا عن العمل، عمل نجارا ثم يقوم بإحياء بعض الحفلات وكان هذا سنة1941 داخل بلدته، وخارجها. حيث جاء به للإذاعة فأخذه معه وقدمه للجمهور عبر الاذاعة كمطرب واعد في الأغنية الصحراوية. سطع .. نجمه إن خليفي الذي قدم إلى الفن وهو في سن الشباب، فتمكن في وقت وجيز بأن يبدع نظرا لتميز صوته فجاءته فرصة كبيرة في 1956 / 1958، أين شارك في حصة الجيلالية بالاذاعة رفقة رفيق دربه في الغناء والطرب عبد الرحمن عزيز، من هنا سطع نجمه في الأغنية الصحراوية .. والقصائد الدينية التي انطلق بها وهو شاب في قصر الشلالة. الاحتراف دخل عميد الأغنية الصحراوية الاحتراف من بابه العريض بأغنيته المشهورة وطنيا ومغاربيا (قمر الليل نتونس بيك) للشاعر البدوي المشهور عبد الله بن كريو من الأغواط وأصبح هذا الشاعر وخليفي ثنائي متكامل في مجال التعاون الفني الأصليل. ذاع صوته مغاربيا في 1967 جاءته دعوة رسمية للمشاركة في المهرجان الثقافي بتونس ويقولون أنه أبدع في هذا المهرجان الذي حضرته شخصيات فنية راقية، مما جعله يفوز بأحلى وأرقى تكريم نظرا لأدائه الرائع للأغنية الصحراوية الممزوجة بالنغم الصحراوي الأصيل وبنوتة شرقية، عرف خليفي رحمه الله كيف يوظفها بصوته الأنيق والجذاب والذي يتجاوب مع كل الألحان التي قدمت له. مسرح قرطاج بعد النجاح في مهرجان تونس 1967 جاءته دعوة أخرى للمشاركة في مهرجان قرطاج الدولي الذي شارك فيه كبار الفنانين من المغرب العربي، والعالم العربي والدولي تحصل على وسام الدرجة الثانية تقديرا له للمحافظة على التراث المغاربي. زيارته لليبيا كما جاءته دعوة إلى ليبيا الشقيقة، وكان له استقبالا جماهيريا متميزا مقابل ما قدمه بآدائه للأغنية الصحراوية الجزائرية الأصيلة وذات البعد العربي. تألقه .. بسوريا إذا كان خليفي قد أبدع في بداية حياته الفنية سابقا، إلا أن تألقه الكبير كان سنة 1979بسوريا، أين شارك في ملتقى الأغنية العربية، أين كان هذا الملتقى بمثابة لقاء كبار الفنانين العرب وكان هذا الملتقى متلفزا عبر المعمورة العربية ونال الميدالية الذهبية بامتياز كما زار المملكة السعودية وكان له نصيب من اللقاءات مع المثقفين وأصحاب الفن الأصيل في المشرق والمغرب العربي، كما غنى لفحول الشعراء من أمثال الشيخ سي يوسف، والشيخ بن قيطون، وكلهم من أبناء بلدته، وغنى أيضا للشيخ عيسى بن علي من قصر الشلالة. حضوره الدولي كان خليفي أحمد سفير للأغنية الصحراوية وتحصل على جوائز وميداليات وتكريمات خارج التراب الوطني، وهذا ليس مجاملة لهذه القامة ولكنه فرض نفسه كمغني في الفن الصحراوي الذي غناه بعض مطربي جيله على غرار عبابسة عبد الحميد، رابح درياسة، لكن خليفي كان يتميز بصوت متميز في الاداء الراقي، مما جعله يلقب بملك الأغنية الصحراوية والبدوية. خليفي كُرم على طريقة الكبار تميزه في أداء الأغاني الصحراوية وقدرته الفائقة في توظيف اللحن الصحراوي، جعلته من بين الفنانين الذين اعجب بهم آلاف المستمعين وحتى الملوك، ففي 1989 جاءته دعوة رسمية من ملك المغرب الحسن الثاني آنذاك ليشارك في الحفل الخاص بعيد العرش الذي حضرته نخبة كبيرة من الفنانين العرب، فكان خليفي أحمد من بين هؤلاء القطاحل في الغناء فكرم أحسن تكريم من قبل الملك المغربي الحسن الثاني. في 1988 كانت له فرصة أخرى ليكون حاضرا بالمغرب ليشارك في عدة حفلات بمناسبة عيد الملك الحسن الثاني، وعيد الشباب بالمغرب وكان مشاركة قياسية من الفنانين العرب. كما كرم أيضا من طرف وزير البيئة سابقا شريف رحماني الذي زاره في بيته وقدم له تكريما متميزا نظرا لقيمة هذا الفنان الكبير الذي ابدع في الغناء الصحراوي والبدوي. في 2006 التلفزة الوطنية تكرمه كانت سنة 2006 في حياة خليفي أحمد، أين قامت التلفزة الوطنية بتكريمه، وهذا بحضور رجال الدولة يتقدمهم رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم وشخصيات سياسية وفنية راقية جاءت لحضور هذا التكريم لصاحب الحنجرة الذهبية والصوت الذي ظل شامخا كالطبول وسيبقى خالدا إلى الأبد وكان آخر تكريم لهذا العملاق الذي قال عنه تكريم التلفزة الوطنية يبقى خالدا في نفسي. الأغاني الخالدة تغنى خليفي احمد مئات الأغاني عبر الحفلات والمسارح داخل الوطن وخارجه، إنما الأغنيات تختلف من واحدة إلى أخرى خاصة أغنية «حيزية» التي نالت شهرة كبيرة في الوسط الفني، حيث غناها عدة مطربين، منهم عبد الحميد عبابسة، درياسة، غير أن أداء خليفي كان متميزا لهذه الأغنية التي صورت فيما بعد في مسلسل للمخرج حزرلي، كما غنى أيضا (نتفكر عربان رحالة) (قمر الليل نتونس بيك) والكثير والكثير من الأغاني الناجحة والخالدة والتي بصمت في قلوب عشاق الفن الصحراوي. فرقة خليفي الموسيقية الكل يعرف أن الأغاني الصحراوية أغلبها يرافقها الناي، والقصبة و خليفي كان دائما مرفوقا بالكصاب (سعد) الذي يعتبر أحد الموسيقيين الذين يرتاح لهم خليفي إضافة إلى المرافقة مع أصحاب الطبل والدربوكة ورغم أن الغناء الصحراوي يحلى بالناي والكصبة إلا أن خليفي يحب التنويع في الألحان، بحيث رافقته الفرقة الموسيقية في أكثر من لحن والتي كان يتناوب على قيادتها عمالقة التلحين. على غرار الموسيقار شريف قرطبي، تيسير عقله، معطي بشير، عبد الله كريو، لأن هؤلاء الملحنين والعازفين الماهرين في سماء الأغنية العصرية، أو الشعبية أو الصحراوية فكلهم كانوا فطاحلة تسيير الفرقة الموسيقية التي كانت ترافق كبار المغنيين الجزائريين وعلى رأسهم خليفي احمد الذي رافقته هذه الفرقة في أكثر من حفل خاصة أغنية (نتفكر عربان رحالة) التي أبدع في ادائها نجم الأغنية الصحراوية .. وغيرها.. ميلاده عباس احمد المعروف فنيا خليفي احمد نسبة إلى قبيلة أولاد بخليفة التي تسكن بدائرة رأس الوادي، ولاية البرج ولد في 1921 أو 1922، بسيدي خالد ولاية بسكرة نشأ وترعرع في بلدته وقضى طفولته وفي وسط عائلته المحافظة كجميع أسر أولاد بخليفة. المهنة: مغني، ومترجم وشاعر وكاتب وصحفي حيث برز في الآداء، أينما حل وارتحل في توظيف الأغنية الصحراوية بشكل عصري متميز. وفاته توفي عملاق الأغنية الصحراوية الذي عرفناه عن قرب، ها هو القدر يخطفه يوم 18 /03 /2012 عن عمر 91 سنة كلها عطاء، حيث ترك إرثا فنيا خالدا تتذكره الأجيال. خليفي .. مات لكن فنه باقٍ يبقى خليفي رحمه الله أحد القامات الخالدة في سماء الأغنية الصحراوية والبدوية الأصيلة حيث أبدع في آداء الأغاني التي غناها داخل الوطن وخارجه وكان بحق سفير زمانه في الطرب الصحراوي عبر المسارح والقاعات وأمام الملايين وطنيا وعربيا. يبقى فن خليفي خالدا لأن الآداء راق ويتغنى بصوت ليس ككل الأصوات لذا لقب خليفي بملك الأغنية الصحراوية على غرار أغنية حيزية، نتفكر عربان رحالة و….