تجديد الاحتياطي يتصدّر الأولويات لمواصلة تموين الأسواق تحتل الطاقة قلب النهضة التنموية، حيث كانت ولازالت المحرك الذي يقود النمو ويبني مختلف القطاعات سواء كان ذلك في الصناعة أو الفلاحة، بل بثروة الطاقة ينهض بالسياحة، ولعلّ من بين الأولويات الراهنة التخطيط الدقيق والتجسيد الفعلي السريع وتبني مختلف الخطوات التي تصبّ في التحضير للمستقبل الطاقوي الذي بات يخيف العديد من الخبراء الذين صاروا يدعون إلى ضرورة التعجيل بتجديد الاحتياطي الطاقوي الوطني وتنويعه، معتقدين أنه من الصعب العثور على حقول جديدة بحجم حقلي حاسي مسعود وحاسي رمل الاستراتجيين، بل أنهم يظنون أن مختلف الاكتشافات المستقبلية، لن تتعدى أن تكون آبارا صغيرة أقل حجما بشكل كبير، ولأن الاستثمار فيها يتطلّب جذب شريك أجنبي حتى يتحمّل تكلفة أي خسارة يتكبدها مشروع التنقيب على النفط. حظي موضوع إشكالية تطوير قطاع الطاقة في الجزائر اهتمام المتعاملين الاقتصاديين، حيث فتح منتدى رؤساء المؤسسات نقاشا واسعا بمشاركة الخبراء ورجال الأعمال والجامعيين من أجل الوصول إلى حلول تجسّد التطلّع القائم حول التأمين الطاقوي، من خلال التوصّل لإرساء نموذج طاقوي مناسب وينسجم مع القدرات والطموحات الوطنية. فكان الخبير الطاقوي عبد المجيد عطار متمسكا بالرأي الذي يدعو إلى التعجيل بتجديد الاحتياطي الوطني من الطاقة، ويعتقد أن تغيير القانون بات ضروريا على خلفية أنه كل سنة يرتفع الاستهلاك المحلي للطاقة بما لا يقل عن 8 بالمائة، ويتوقّع أنه إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية لتحقيق المردودية بسبب تراجع السوق المستمر، فإن صادرات الغاز سوف تبدأ بالاختفاء تدريجيا في آفاق عام 2030، معتبرا أن التحدي الطاقوي سيكون مضاعفا، لذا الرهان سيكمن في تجديد الاحتياطي الطاقوي، من خلال الشراكة كون الجباية وحدها لا تكفي، أي التحرّك لتحديد ما هي الصعوبات التكنولوجية والاستثمارات اللازمة للتوزيع والتصدير كون النموذج الطاقوي لا يتحقّق من خلال تغيير القانون وحده، ولأن حسب تقديره أن الغاز الصخري، لا يمكن الاستثمار فيه قبل 10 سنوات على الأقل، في ظلّ تمتع الجزائر بإمكانيات كبيرة، في هذا المجال حيث تعدّ صاحبة الاحتياطي الثالث في العالم. وقدّر عطار أن مشروع قانون المحروقات الجديد الذي يحتاج إلى 5 سنوات حتى يمكنه الرفع من الاحتياطي الطاقوي، من خلال انفتاح سونطراك على الشراكة الأجنبية، التي تحتاج إلى الاستثمار، وبدا مقتنعا أن الوضعية الطاقوية الجزائرية تعتمد إلى حدّ كبير على إرساء سياسة شاملة للقفز بنجاح نحو تحول طاقوي، يتضمن الاستهلاك المحلي والطاقات المتجدّدة من خلال نقاش واسع. وحاول الخبير أن يطمأن أنه خلال عقود الشراكة السابقة كان القانون يحافظ على 27 بالمائة من الغاز في الحقول للأجيال المقبلة، معولا على الابتكار والتطور التكنولوجي لضمان الأمن الطاقوي. وحول بلورة سياسة طاقوية تؤمّن التحوّل الطاقوي، من أجل الرفع من الاحتياطي الوطني، يرى عطار أن مشروع قانون المحروقات بالفعل من أهدافه الجوهرية الرفع من الاحتياطي الطاقوي الوطني، مبرزا أن حقلي حاسي مسعود وحاسي رمل خلال الخمس سنوات المقبلة، يصعب تجديد 10 بالمائة مما تمّ استهلاكه منهما، ولأن مختلف الحقول الصغيرة تحتاج إلى استثمارات ضخمة وشراكة مع الأجانب، بهدف تطوير هذه الحقول، وأشار في سياق متصل أن حقل حاسي مسعود يتوفر على 28 بالمائة، من الاحتياطي الوطني. وتمّ في النقاش إثارة مسألة النموذج الطاقوي الحالي كعائق في التطوّر الطاقوي، في ظلّ الارتفاع الرهيب للاستهلاك المحلي، وجاء الاقتناع والتوافق حول قدرات إطارات سوناطراك والثقة في كفاءتهم، رغم النزيف والهجرة للخارج الذي مسّ العديد منهم، وتقاطع الخبراء المشاركون في النقاش حول حقيقة أن التحضير لمستقل الطاقة في الجزائر، يجب أن يبدأ اليوم وأن التحدي لا يقبل المزيد من التردد أو التأخير، مسلطين الضوء على أهمية تبني إستراتجية واضحة حتى يتوقف أي تبذير في الاستهلاك، ومع منح الأهمية للتأطير والتكوين، في ظلّ تغيّر السوق لأن العديد من المنتجين في العالم صاروا يتجهون نحو الطاقات المتجدّدة، وأكد الخبراء أن تحديد ملامح النموذج الطاقوي للجزائر لآفاق عام 2030 و2040، ينطلق من الآن مع وجود فرصة كبيرة للاستدراك والتصحيح وتغيير الخيارات، حيث حذّر الخبير شمس الدين شيتور من أن أوروبا في آفاق العشر سنوات المقبلة لن تستعمل البنزين لأنه سوف تعمم السيارات الكهربائية.