شهدت أسعار النفط خلال الأسبوع المنصرم قفزة نوعية تجاوزت الأربغة دولارات للبرميل الواحد، وهي بذلك تكون قد دشنت السنة الميلادية الجديدة 2012، على ارتفاع ليس بالمهين، تجاوز 4٪ . عاملان أساسيان وراء هذا الارتفاع، لا علاقة لهما تقريبا بحالة الاقتصاد العالمي، الذي لايزال يراوح مكانه،و من حيث محاولات الإنعاش، أو ايجاد حلول ناجعة وسريعة نسبيا لأزمة منطقة »اليورو« ويتعلق الأمر باتفاق دول الاتحاد الأوروبي المبدئي، فرض حظر على واردات النفط الإيراني والتهديدات الايرانية بغلق مضيق هرمز. حالة التوتر التنديد التي تسود غلافات طهران مع الغرب، أثرت بصفة مباشرة على أسعار النفط في مطلع العام الجاري، وإن كان قرار الإتحاد الأوروبي حول منع استيراد النفط الايراني لم يتم يترسيمه، في انتظار عقد لقاء في نهاية الشهر ببروكسيل، إلا أن ا لأسعار تفاعلت مباشرة نحو الصعود لتناهز 114 دولار للبرميل الخام برنت المرجعي. الاتفاق المبدئي حول حظر واردات الخام الايراني أثار حفيظة بعض دول الاتحاد الأوروربي، خاصة تلك التي تعول كثيرا على النفط الايراني مثل اليونان الذي يعيش وضعا اقتصاديا هشا للغاية، وأي محاولات لتعطيل عملية توقف الركود ستنعكس سلبا ليس على أثينا فحسب وإنما على دول منطقة اليورو جميعا، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي تدفع نحو تشديد العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. في أقل من 24 ساعة عن لقاء دول الاتحاد الأوروبي وعن الحسم المبدئي ضد النفط الايراني، تراجع الموقف الأوروبي من الإعلان عن دحول القرار حيز التنفيذ نهاية جانفي إلى تأجيل حظر واردات النفط الايراني لأشهر، بعد أن أيقنت دول الاتحاد الأضرار السلبية المباشرة على اقتصاديات بعض أعضائها، وهو ما تؤكده برقية وكالة »رويتز« نقلا عن دبلوماسيين في بروكسيل على أن دولا اوربية اقترحت فترة سماح للعقود القائمة التي تتراوح مدتها بين شهر وأثنى عشرة شهرا فيما طلب اليونان فترة سماح أطول بعد اقتراح كل من ألمانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا بفترة سماح لا تتعدى الثلاثة أشهر. وفي ردها على القرار الأوروربي، أعلنت إيران أنها تعتزم تصدير مالا يناهز 3،2 مليون ب / ي في سنة 2012، وأنها تبحث عن بدائل أخرى لتصدير نفطها في حالة ما إذا دخل القرار الأوروبي حيز التنفيذ، وحظر الواردات المقدرة ب 450 ألف ب /ي من النفط الإيراني. ومثلما جرت العادة، فقد سارعت المملكة العربية السعودية إلى عرض خدماتها على الغرب، من خلال الإعلان عن استعدادها لسد أي نقص في الإمدادات النفطية في حالة مقاطعة أوربا للنفط الايراني، وهو ما يبدو أمرا ممكنا جدا بالنظر إلى كمية النفط الايراني المصدر لأوربا، الذي يعد هزيلا مقارنة مع قدرة إنتاج السعودية التي تتجاوز 5،12 مليون ب / ي، حسب وزير النفط السعودي علي النعيمي الذي لم يتوان في ارجاع ارتفاع الأسعار في السوق العالمية إلى التهديدات الايرانية باغلاق مضيق هرمز، واستعراض لقوتها بتجرية صواريخ جوية. وكانت ايران قد أجرت مناورات عسكرية بحرية، وهددت بغلق مضيق هرمز الذي ينقل 40٪ منن الاحتياجات العالمية للنفط، وذلك في حالة ما إذا شدد الغرب عقوباته النفطية على إيران، مشيرة إلى أن الأسعار، ساعتا لن تتوقف عن الصعود، وقد تتجاوز 200 دولار للبرميل، وهو ما بدا يلوح في الأفق بعد ارتفاع الأسعار بمجرد الاعلان عن الاتفاق الأوروبي، قبل أن يتم التراجع عنه بناء على طلب بعد دول الاتحاد، أو هكذا يزعم هذا الأخير، من أجل إتاحة المزيد من الوقت لبحث تداعيات القرار الذي بدا للبعض أنه متنسرع وأن عواقبه ستكون بمثابة المثل القائل »إنقلب السحر على الساحر«، أي أن العقوبات الغربية على حظر النفط الايراني، ثاني أكبر مصدر للنفط في أوبك ستنعكس عليهم سلبا إن عاجلا أم آجلا.