شدد صالح موهوبي الخبير الاقتصادي على آليات الضبط التي تضمن حالة التوازن في الأسواق، وتعطي المناعة للأداء الاقتصادي والمصرفي، وتحمي المواطنين من أي انهيار مفاجئ. وذكر الخبير بمركز الشعب الاستراتيجي أن هذه الآلية التي تؤدي الدولة وظيفتها باقتدار واستقامة منذ الانفتاح، ولم تترك الأمور لشأنها، هي التي جعل تأثير الانهيار المصرفي الدولي الراهن على الجزائر اقل حدة عكس البلدان الأخرى التي تحتفظ بعلاقات اقتصادية مترابطة متشابكة. وعكس هذا سقطت الأنظمة المالية التي تعمل خارج أدوات الضبط والمواظبة سقوطا حرا فاتحة المجال لمراجعة تسيير السوق وعدم إبقائه مفتوحا على مصراعيه، والأمثلة تعطيها بالإضافة إلى الأنظمة الأمريكية، الأوروبية واليابانية، مقدمة حلولا أخرى تقر بحتمية تدخل الدولة. وحسب موهوبي الذي يملك تجربة اكتسبها عبر تقلده مناصب قيادية في مختلف الهيئات تضاف إلى رصيده كإطار سابق بالرئاسة، فان الجزائر، تفادت تأثيرات الأزمة المالية مباشرة في الظرف القصير باعتبارها تمتلك آليات ضبط قوية، ولكونها لا تتوفر على اقتصاد قوي مندمج في الاقتصاد العالمي، تمنحه القوة والمتانة بورصة القيم وهي بورصة تمر عبرها كل مؤشرات النشاط والتطور، وترصد الاتجاهات المالية والاقتصادية والصفقات والتبادلات. لكن هذا لا يمنع من التأكيد الصريح أن الجزائر ليست في منأى عن الأزمة المالية التي هزت أركان الأنظمة المصرفية لأكثر البلدان تقدما وتطورا على الإطلاق، وهي تتحكم في كل شيء وتسيره عبر مجموعة الثمانية. الجزائر ليست في معزل عن العالم، وتأثيرها يكون من خلال ما ينجر عن النفط وتأثيراته تحت حدة الانهيار والاهتزاز، وبقدر ما يعرف النفط تراجعا في التسعيرة تتراجع مدا خيل الجزائر وتتاثر عملية تمويل المشاريع والبرامج التي تتولاها على الدوام الخزينة العمومية فقط. ونتذكر ما أحدثته الانهيارات النفطية في أواخر التسعينيات، وما انجر عن تدني أسعار البرميل إلى درجة أدت إلى توقيف مشاريع حيوية في خلق الثروة والقيمة المضافة والعمل. نتذكر كيف أحدثت الانهيارات أزمة حادة وطرحت خيارات وبدائل أخرى. تعود هذه الصورة مع الأزمة المالية الراهنة التي تضرب في العمق الإيرادات الجزائرية التي تمثل المحروقات 98 في المائة منها، وتكون الأزمة مضاعفة بالنظر إلى تراجع المداخيل وتزايد الإيرادات التي تمثل المواد الغذائية والأدوية الحلقة القوية، وهي إيرادات تقدرها مختلف الأوساط ب35 مليار دولار والمرشحة إلى بلوغ عتبة 40 مليار دولار مع نهاية العام. الجزائر التي اتخذت من الأزمة الغذائية الدرس، واجهت الخطر بإجراءات استعجالية تمثلت في تعزيز آليات الضبط التي تتولاها الدولة على أحسن حال وتعطي التدابير المتخذة في مواد البطاطا والقمح والحليب المثال الحي حيث تدخلت الدولة وفرضت نفسها كمدير رئيس لهذه المواد دون السماح للسماسرة والمضاربين يملون ما يريدون ويوجهون السوق حسب المنفعة والربح. لكن هذه التدابير تكسب قوة إضافية وتعزيزا بتوجيه العناية اكبر للإنتاج الوطني الذي يؤمن البلاد من السقوط الحر في الاستيراد وما يحمله من املاءات واكراهات ترهن السيادة والقرار الوطني. ------------------------------------------------------------------------