بوغالي يستقبل وفدا عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف الشمال الأطلسي    نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني يتحادث بكاراكاس مع رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية    الصحراء الغربية: 300 مراقب أجنبي طردهم المخزن من المدن المحتلة منذ 2014    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة    كرة اليد/ مونديال- 2025: أربع اختبارات ودية في برنامج السباعي الجزائري بتربص بولونيا    الانتخابات الرئاسية الأمريكية : فتح صناديق الاقتراع للتصويت    نسف مبانٍ وقصف خيام نازحين..جيش الاحتلال يواصل إبادة العائلات    المنيعة.. نتائج "مشجعة" في زراعة نبات دوار الشمس الزيتي    الملابس الشتوية تملأ المحلات بدون زبائن    تظاهرة متطوعي التراث العالمي.. إطلاق أسبوع التراث بباتنة    بمشاركة 1007 دار نشر من 40 بلد.. صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتتح غدا    تندوف.. إفتتاح المهرجان الوطني للمونولوغ والفنون المسرحية    تيارت: أكثر من 60 مشاركا في الصالون الولائي للصناعة والحرف    للتعريف بالإنتاج الوطني على المستويات الوطنية والدولية..اتفاقية إطار للتعاون بين الهلال الأحمر الجزائري ومجمع "ديفنديس"    التسيير المدمج للنفايات: مرافقة خاصة للطلبة وأصحاب المشاريع المهتمين بالنشاط    دعا زبائنه الى عدم تقديم أي معلومات حول الحسابات البريدية أو البطاقة الذهبية..بريد الجزائر يحذر من صفحات ورسائل نصية احتيالية    ينعقد في روما اليوم..عرقاب يشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة الطاقة الاندماجية العالمية    الجزائر – المملكة المتحدة: فرص الاستثمار موضوع منتدى بلندن    تتولى تسيير أرضية رقمية تابعة للصيدلية المركزية للمستشفيات..خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    تقديراً لنجاح المنتدى والدعم الذي يقدمه للشباب الجزائري والإفريقي : منتدى الشباب الإفريقي يكرّم الرئيس تبون    ينعقد في أكتوبر المقبل.. الجزائر ستحتضن ملتقى الشباب العالمي لمساندة القضية الصحراوية    مشروع قانون المالية 2025: النواب يعبرون عن ارتياحهم للتدابير الرامية لتنويع الاقتصاد الوطني    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية: إصدار 7 طوابع بريدية بشعار "شهداء نوفمبر"    فوفينام فيات فو داو: إعادة انتخاب محمد جواج رئيسا للاتحاد الإفريقي لعهدة أولمبية جديدة    وزير الصحة: إنشاء خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    حوادث المرور: وفاة 52 شخصا وجرح 1472 آخرين خلال أسبوع    كأس إفريقيا للأمم: أشبال "الخضر" في آخر محطة تحضيرية قبل دورة "لوناف"    العدوان الصهيوني على لبنان: محو أكثر من 37 بلدة وتدمير أزيد من 40 ألف وحدة سكنية بشكل كامل جنوب البلاد    بيع محل تجاري( قاعدة تجارية)    في انتظار ثبوت هلال الحكومة..؟!    الجزائر ستظل حصنا مدافعا عن القضايا العادلة في العالم    شبيبة القبائل تلتحق بكوكبة الصدارة    صالون الجزائر للكتاب ينطلق غداً    الجزائر حصن للدفاع عن القضايا العادلة في العالم    دعم الاستثمار ومشاريع كبرى في 2025    تطوير الهيدروجين الأخضر أولوية للجزائر    إشادة واسعة بمواقف الجزائر لحماية الحقّ الدولي    وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    مشاريع تنموية لبلديات سكيكدة    توزيع 1110 وحدة سكنية    مدرب دورتموند يتحدث عن إصابة رامي بن سبعيني    بلايلي يتألق مع الترجي ويردُّ بقوة على منتقديه    ماندي: أتفاهم جيدا مع بيتكوفيتش وهذا دوري مع محرز في المنتخب    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    حضور بهية راشدي وفانون وغافراس    الرسم ملاذي حينما أتوجّع    الإطاحة بثلاثيني يحترف السرقة    في الراهن النضالي للقضية الفلسطينية    الشرطة تتلقى 4604 مكالمة خلال شهر    أين السعادة؟!    صلاح يصدم جماهير ليفربول    وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    تدشين المخبر المركزي الجديد    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا: قوّة توازن ودعم لتسوية الأزمة اللّيبيّة
نشر في الشعب يوم 04 - 03 - 2020

في الوقت الذي فيه دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية تمارس وتتّجه تصاعديا باستمرار نحو الإنفراد والأحادية والانحياز الازدواجية في القضايا الإقليمية والدولية، أمنية كانت أم اقتصادية أو إنسانية نجد روسيا وخاصة في العقد الأخير تشكّل قوة توازن لتسوية القضايا والأزمات الدولية. الغرب وحلفاؤه الإقليميّون من خلال التدخلات العسكرية كانوا وراء الأزمات والانقسامات التي تعيشها دول عربية (السودان، العراق، سوريا، اليمن، ليبيا،...)، بالمقابل روسيا على مستوى العلاقات الثنائية أو على مستوى دورها الإقليمي والدولي (في المؤتمرات الدولية، بمجلس الأمن…) تدفع عمليا إلى الحلول السياسية والواقعية في حضور الثقل الأقوى للمتسبّبين في الأزمات الإقليمية في حد ذاتهم على غرار الأزمة الليبية. منطقيا من غير الموضوعية أن المتسبّب في الأزمة يكون طرفا جادا في الحل. بأبسط قواعد سبر الآراء نجد الشعب العراقي، السوري، الليبي واليمني لا يثقون في وساطة الغرب لتسوية أزماتهم المحلية لأنّها أصلا من نتائج التدخل الغربي العسكري وحلفائهم في المنطقة.
رغم ذلك، الواقع يملي استحالة إيجاد تسوية خارج القوى الغربية وحلفائهم الذين يتغيرون حسب كل ظرف أو مرحلة. التدخل العسكري الغربي ومحاولات التسوية مرتبطان بالمصالح الاقتصادية الغربية في المنطقة بعيدا عن المنطق الإنساني والفعل الديمقراطي، واسترجاع استقرار الدول والشعوب الضحية في المنطقة. واقعيا كذلك، من المبالغة اعتبار دور روسيا بعيدا عن المصالح في المنطقة، ولكن الفرق أن الدور الروسي قائم على العلاقات الثنائية والإقليمية من منطلق المصالح والمنفعة المتبادلة، ذلك ما تمّ مع ليبيا قبل 2011 والذي تضمّن التعاون في مجال النفط والغاز وطرق السكة الحديدية والطاقة والمجال العسكري ليصل مستوى التعاون إلى أكثر من 6 مليار دولار في 2010. وبعد الإطاحة بنظام القذافي وبداية الأزمة الليبية، وجدت روسيا نفسها من بين الدول الضحايا الكبرى في هذه الأزمة.
مقاربة روسيا لتسوية الأزمات العربية ناتج عن مرجعية إيجابية مع دول المنطقة، وقائم على التعاون في المجال الاقتصادي والعسكري على غرار مصر والعراق وسوريا وليبيا. روسيا الإتحاد السوفيتي أو روسيا الاتحادية الآن لم تكن في صراع أو تباين مع هذه الدول، والعلاقات كانت باستمرار قائمة على التعاون المتفق عليه. لم تكن روسيا يوما ما دولة استعمارية في عالم الجنوب بل هي نفسها كانت ضحية للاستعمار والتدخلات العسكرية بما فيها أنها أكبر ضحية في الحرب العالمية الثانية وضحية حاليا للحصار والتهديدات الغربية حتى مع حلفاء روسيا سابقا (بولونيا، أوكرانيا،...)، بل أكثر من ذلك، كادت روسيا أن تواجه نفس مصير التقسيم والدمار في الشيشان على غرار ما تمّ لدول عربية.
خلافا للدول الغربية التي هي باستمرار مشكل لدول وشعوب المنطقة من الاستعمار التقليدي إلى الاستعمار الجديد إلى التدخلات العسكرية التي أسّست للأزمات الإقليمية القائمة. قراءة وتقييم ليس فقط من الدول والشعوب الضحية خارج المحيط الغربي بل حتى من داخل الغرب نفسه على المستويين الرسمي وغير الرسمي. يكفي التذكير بموقف إيطاليا، رغم أن هذه الأخيرة نفسها لها مرجعية وممارسات استعمارية، عندما نائب رئيس الوزراء الايطالي لويجي دي مايو (جانفي 2019) حمل فرنسا المسؤولية التاريخية لما يحدث في الدول الإفريقية والعربية بسبب الاستعمار والاستغلال المستمر لشعوبها، أما على المستوى غير الرسمي أحزاب ومحلّلون ومراكز دراسات ومؤسّسات إعلامية كبيرة ومتعددة تسقط نفس المقاربات والأحكام على حكوماتهم الغربية.
تعرف روسيا مسبقا خلفيات وأبعاد المنظومة الغربية المتمثلة في أوليات تحقيق أقصى ما يمكن من مصالح مادية بغض النظر عن البعد الإنساني أو المصالح والمنفعة المتبادلة، تعتبر ليبيا من بين النماذج لذلك. استمرار الأزمة الليبية بالنسبة للغرب هو استمرار لتحقيق المصالح، ولهذا فإنّ مقاربات الغرب للتسوية ولدت ميّتة (اتّفاق الصخريات، المؤتمرات المتعددة حول ليبيا التي تمت بأوروبا...) لأنّ الهدف بقاء الوضع متأزّما في ليبيا، وبالتالي استمرار استغلال الموارد خارج وجود دولة ليبية. حكومة السراج أو حكومة اتفاق الصخريات لم تكن شرعية وفق مضمون الاتفاق نفسه، لأن هذا الأخير تطلب مصادقة البرلمان الليبي، ولم يتم ذلك وأن ثلثي أعضاء المجلس الرئاسي الذي يترأّسه السراج هم منسحبون وحتى الدول الغربية التي كانت وراء اتفاق الصخيرات (2015) بما فيها فرنسا التي هي الآن عمليا تقف إلى جانب الجيش الوطني الليبي بحكم أنه أصبح أمر واقع في الميدان، حيث يمتد نفوذه وتحكمه تقريبا إلى 90 % من الأراضي الليبية بما فيها طرابلس.
الظرف جاهز حاليا لقوى إقليمية ودولية أخرى، وفي مقدمتها الجزائر على المستوى الإقليمي وروسيا على المستوى الدولي للدفع لمسار إيجابي لتسوية الأزمة الليبية المتداخلة المصالح، وكلما طالت الأزمة تظهر فواعل ومعطيات إقليمية أخرى تدفع للتصعيد وليس للحل، ليس فقط على مستوى قوى إقليمية ودولية لم تكن أطرافا في الصراع، وأخرى كانت منطلقا وسببا في الصراع، بل على مستوى الأطراف التي كانت سببا في الصراع نفسها، المتمثلة في الدول الغربية وتركيا كل يريد أن يحقق مكاسب أكثر من الآخر قبل الوصول لاتفاق لتسوية الأزمة الليبية.
إنّ المنطق والواقع الحالي لا يعطي للغرب الإنفراد لوحده لإيجاد الحلول السياسية الأحادية الجانب، وأن التوازن والأخذ في الاعتبار إشراك كل الأطراف الليبية المتباينة والانسجام مع قوى إقليمية ودولية أخرى خارج المحيط الغربي هي الحل والبديل الأمثل الدائم الذي يخدم مصالح الجميع أمنيا، سياسيا واقتصاديا. بإفريقيا والعالم العربي الانتفاضات الشعبية تتصاعد ضد القوى الغربية وحلفائهم في المنطقة، وأن استمرار ذلك لن يكون في صالح الغرب لأنّ الإفرازات هذه المرة قد تنتج أنظمة وحكومات تعكس توجهات متباينة مع الغرب. الحل الأمثل من مصلحة الغرب الإسراع لاحتواء التصعيد والاتجاه نحو حلول سياسية قائمة يحكمها على الأقل التوازن في المصالح.
تطرّف أو أنانية الغرب في الاستحواذ على المكاسب سيدفع القوى الدولية الصاعدة، والتي ترقى لمستوى قوى كبرى وفي مقدمتها روسيا والصين للتكامل أو التحالف مع دول عالم الجنوب في مواجهة المد الغربي المتطرّف. روسيا من الجانب العسكري على الأقل والصين من الجانب الاقتصادي يشكّلان ثقلا أكبر في العلاقات الدولية والتأثير في القضايا الإقليمية. إضافة إلى ذلك، وجود قوى إقليمية على غرار الجزائر في المحيط العربي والإفريقي بمنظور ومقاربات تتكيّف أكثر مع الصين وروسيا. الجزائر مثل روسيا والصين لم تكن طرفا في الحرب ضد ليبيا، الجزائر منذ البداية وقفت ضد التدخل العسكري وطالبت بحل سياسي. هذا دون ذكر أنّ الشّعب الليبي بمختلف أطيافه وفئاته بما فيها الذين ساندوا في البداية الإطاحة بنظام القذافي لهم مواقف مناقضة للسلطات المتعاقبة في ليبيا بسبب فشلهم في تقديم بديل للنظام الليبي المطاح به، سلطات ناتجة عن التدخل والدعم الأجنبي. الشعب الليبي ووفق مختلف مؤسسات سبر آراء أوروبية تؤكّد أنّه في حالة وجود حل سياسي أو انتخابات سوف يتم إزاحة العناصر المتسببة في الأزمة الليبية بما فيها مجموعتي حفتر والسراج، وتفرز قوى وطنية بديلة تعكس إرادة الشعب الليبي. ضمن هذه الإفرازات الحل الأمثل للغرب أن يتكيّفوا مع المقاربة الروسية ودول المنطقة، وفي مقدمتها الجزائر لإيجاد حل سياسي لاحتواء التصعيد، الذي سيمس بمصالح الجميع خاصة موضوع الإرهاب والهجرة غير الشرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.