في الوقت الذي كان الشارع الرياضي الجزائري ينتظر عودة الفريق الوطني الى نشاطه ببرمجة التربص التحضيري الذي سينطلق يوم الأحد بباريس، وبالتالي معرفة التشكيلة التي سيستدعيها المدرب وحيد هاليلوزيتش، تسارعت الأحداث من جهة أخرى غير منتظرة تماما، والتي دشنها عنتر يحيى الذي في بيان عبر موقع الفاف أعلن عن اعتزاله اللعب دوليا، بعد سنوات قضاها ضمن صفوف »الخضر« والتي كانت موفقة الى حد كبير بمشاركة في المونديال الماضي. وفي نفس السياق، قرر زميله بنادي السد القطري نذير بلحاج أنه هو أيضا اتخذ نفس القرار منذ شهر مارس الماضي، وكان قد أعلم كل من محمد راوراوة ووحيد هاليلوزيتش بهذا الأمر منذ تلك الفترة، معتبرا أن ذلك سيسمح له التركيز على مشواره بالنادي، وأنه لم يعد يتحمل ضغط السفر باستمرار والتربصات، بعد ( 8 ) سنوات قدم فيها الكثير للخضر. ويمكن القول أن اقدام نذير بلحاج على هذه الخطوة لم يكن مفاجأة كبيرة، بالنظر لطلبه في المباراة الماضية عدم استدعائه، مما أدخل بعض الشك لدى العديد من المتتبعين حول وضعية هذا اللاعب الذي تراجع مستواه منذ المونديال الماضي واختياره مغادرة البطولات الأوروبية. مطمور.. مؤقتا أم نهائيا؟! لكن المفاجأة الكبيرة جاءت في مساء يوم الخميس عندما نشر المهاجم كريم مطمور بيانا يؤكد فيه أنه قرر عدم المشاركة في المواعيد القادمة للمنتخب الوطني، وأنه سيركز كل طاقته لفريقه انتراخت فرانكفورت.. وهذا التوقف قد يكون ظرفيا أونهائيا حسب العديد من الاختصاصيين!! والأمر الذي يطرح سؤالا محيرا هو أن سن اللاعب مطمور لا يتجاوز ال 26 سنة، وهي المرحلة المثلى للاعب لتقديم خدمات كبيرة، بفضل امكانياته الفنية والبدنية، خاصة وأنه يتمتع بخبرة في هذا السن، مقارنة باللاعبين عنتر يحيى ونذير بلحاج، فإن مطمور انسحب مبكرا من القطار.. بالرغم من أنه أوضح في البيان المنشور أنه يحاول أن يكون في لياقة ممتازة عندما يأتي الى الفريق الوطني وأن وضعه الحالي لا يسمح له بذلك وسيسعى للعودة الى مستواه، لكي يفيد »الخضر« .. وبالتالي، فإن انسحاب مطمور يكون في نفس الاطار الذي اتخذه نذير بلحاج وعنتر يحيى، أي أن صفحة قد طويت بالنسبة للفريق الوطني مع هؤلاء اللاعبين. لماذا في هذا الظرف بالذات؟ لكن لماذا في هذا الظرف بالذات وعلى بعد أسبوع أوأيام معدودة من عودة النشاط الى صفوف »الخضر« والبرنامج المسطر من طرف المدرب وحيد هاليولوزيتش؟ يبدو أن السنوات السابقة التي كان الفريق الوطني يلعب على أهداف محددة ضحى اللاعبون كثيرا بالفترة الصيفية التي كانت بهدف الراحة بعد المجهودات الكبيرة في النادي والمنتخب الوطني، هذا الأخير الذي كانت مواعيده كثيرة بالمقابلات التصفوية والمونديال، أثر كثيرا علي اللاعبين الذين دخلوا في دوامة بفعل عدم تلقيهم القسط الأوفر من الراحة وأثر على مردودهم في مسيرتهم الاحترافية.. الأمر الذي جعلهم هذه المرة يحاولون الاستفادة من هذه الفترة للراحة والانطلاق في تحضير الموسم القادم مع أنديتهم المختلفة، خاصة وأن الفريق الوطني سيكون مدعوا للعب والنشاط لفترة شهرين أي ماي وجوان. نقطة تحوّل.. ومن جهة أخرى، تكون استراتيجية هاليولوزيتش نقطة مهمة في هذا التحول، خاصة وأن المدرب البوسني بدأ فعلا في خطته التي تعطي ثمارها في المستقبل حيث دعم التشكيلة الوطنية بلاعبين شبان بدأوا يكشرون عن أنيابهم وقدموا أشياء أدخلت التفاؤل لدى أنصار» الخضر« على غرار فغولي وكادامورو، بالاضافة الى امكاناية رؤية هلال سوداني من جديد، واستقدام بن موسى، دون نسيان بعض الأسماء التي تلعب في البطولة الفرنسية والتي أكدت استعدادها لتقمص ألوان المنتخب الوطني الجزائري. فالحدث لم يسبق وان عاشه الفريق الوطني بهذه الصفة بإعلان (3) لاعبين في أيام معدودة عدم رغبتهم في الاستمرار، حيث ألفنا أن تحدث القطيعة بشكل أقل ضجة أين يطلب اللاعب مباشرة من المدرب الوطني عدم استدعائه أو يقوم المدرب الوطني لوحده عند رؤية مستوى اللاعب تدني بعدم توجيه له الدعوة. فالأمور تغيرت الآن، خاصة وأن وسائل الاعلام تلعب دورا مميزا في هذا الاطار حيث أن نجوم الكرة عالميا يستخدمون هذه الوسيلة التي أصبحت عالمية. قاموا بدورهم على أكمل وجه المهم أننا نحترم كثيرا قرارات اللاعبين الذين قدموا الكثير للفريق الوطني، وضحوا بالعديد من الأشياء من أجل تحقيق نتائج كبيرة التي أوصلت الجزائر الى المونديال بعد ( 24 ) سنة من الغياب.. ولابد من ذكر في هذا المقام مسيرة عنتر يحيى الذي كان من ضمن أول الوافدين للفريق الوطني في الخطة التي رسمتها الفاف وانطلق في المسيرة الذهبية » للخضر« منذ » الدورة المنعرج« بسوسة في اطار كأس إفريقيا للأمم 2004 ، أين كان أحد أبطال تلك المنافسة وكانت بمثابة ميلاد فريق المستقبل. فبحنكته وعزيمته وطريقته الفريدة فوق الميدان حصنا منيعا أمام المهاجمين وأعطى الثقة المثلى للدفاع الجزائري منذ تلك الفترة، والتي تواصلت في التصفيات المؤهلة للمونديال.. والكل يتذكر الهدف الذي قضى على أحلام الفريق السينغالي في البليدة، والتي كانت بداية المغامرة الى المونديال.. وشاءت الصدف أن يكون عنتر يحيى هو الذي يختم الحلقة الى كأس العالم 2010 بالهدف التاريخي الذي سجله في أم درمان أمام المنتخب المصري.. أين تصدر كل صفحات الجرائد الوطنية والعالمية. فعنتر الذي كان دائما حاضرافي المناسبات الكبرى ضحى بمسيرته الاحترافية، أين كانت له مشاكل عديدة مع ناديه الألماني بوخوم من أجل المشاركة مع الخضر في كأس افريقيا بأنغولا. كل هذه التضحيات والمجهودات التي قدمها عنتر يحيى لن ينساها الجمهور الجزائري، الذي رغم تأسفه لاعتزاله دوليا.. إلا أنه ارتاح لكل ما قدمه للفريق الوطني.