قبل سنوات قليلة عقدت الجلسات الوطنية للسياحة بهدف بلوغ نفس الأهداف التي لا يتوقف عن الإعلان عنها، والى اليوم لا يزال التراشق بين الأطراف المعنية كل يدافع عن تصوره في غياب تقييم جدي ومنتظم لتوصيات تلك الجلسات فيما يتأكد باستمرار الثقل الذي يحمله قطاع السياحة في تأسيس اقتصاد خارج المحروقات وهو التحدي الذي يعني المجموعة الوطنية خاصة في الظرف الاقتصادي والمالي الذي يخضع لمتغيرات الاقتصاد العالمي المتأزم. صراعات لا تنتهي بين شركاء القطاع مثل أصحاب وكالات السياحية وأصحاب فنادق ومستثمرين حيث يرفع كل مطالبه ويتخندق وراءها، فيما يتصارع الآخرون في مختلف جهات العالم على حصصهم في السوق العالمية للسياحة مستحوذين على هذا المورد الذي يدر عليهم ما لا يعد ولا يحصى إلى درجة أن مداخليهم تتعدى موارد المحروقات. إذا ما تم التوقف عند الأرقام وتحليلها يمكن تشكيل صورة فيها من التفاؤل لما تبعث عليه من ارتياح، لكن بترجمة المعادلة من حيث الأثر الاقتصادي والاجتماعي للسياحة يبقى السؤال كبيرا يثير انشغال مختلف المتدخلين في الموضوع بما فيها السلطات العمومية على مختلف المستويات من منطلق إرساء أدوات الوثبة الاقتصادية المطلوبة والتي ترتكز في الأساس على وتيرة نمو السياحة خاصة وان شروط الانطلاقة متوفرة من حيث المادة السياحية نفسها من مواقع مصنفة والمرافق المختلفة مرورا بالمهنة نفسها بمعنى جودة الخدمات على مختلف مراحل المنتوج السياحي. سوق السياحة ببلادنا قابلة للتطور فقد استقبلت سنة 2011 ما يعادل 2،4 مليون سائح ويتوقع أن تستقبل هذه السنة 3،2 ملايين سائح مما يضع الملف على درجة عالية من الاهتمام ومن ثمة ضرورة الحرص على انجاز المشاريع الجارية منها 700 مشروع مسجلة للفترة الممتدة إلى 2014 بطاقة 80 ألف سرير تضاف لما هو موجود حاليا من 1250 فندق من مختلف الدرجات بطاقة 93 ألف سرير. لقد كشف المعرض الدولي للسياحة والأسفار الذي انعقد قبل أيام بحضور 25 عارضا أجنبيا من 15 جنسية ضمن 250 مشارك عن فرص لا تتوفر في بلدان أخرى للاستثمار والتسويق السياحي على مدار السنة وعبر جميع مناطق البلاد، ومن ابرز التحفيزات مختلف أنماط التمويل والدعم وتشكيلة التسهيلات للمستثمرين الاحترافيين. لكن يبقى فقط أن يحظى التكوين وإعادة التأهيل بدرجة فعالة من الاهتمام خاصة من أصحاب وكالات الأسفار المؤهلين أصلا لخدمة وجهة الجزائر السياحية كمقصد منافس محليا وإقليميا خاصة وان الاستقرار والأمن يصنفان وفق المعدلات الدولية ولا ينقص سوى روح المبادرة والانتشار ميدانيا لتعامل مع الواقع.