دخل ممثلو المجتمع المدني، في سباق محموم، لجمع رؤساء الجمعيات والمنظمات الناشطة في الميدان في تنظيم واحد. وأطلق البعض مبادرات بالفضاء الأزرق وأصدروا بيانات تأسيسية لتكتلات جمعوية وطنية ومجالس استشارية، تركت ألف سؤال عمن يقف وراءها وما سبب هذه «الصحوة» المفاجئة، هل خدمة المصلحة العامة؟ أم هو إعادة تموقع. تحدث رئيس الأكاديمية الجزائرية للعمل الإنساني وحقوق الإنسان، سمير بورمكي ل»الشعب»، بخوف عن وقوف أطراف وصفهم «بغير الخيرين»، وراء محاولات جمع التنظيمات والجمعيات الناشطة، في تنظيم مشترك بأهداف غير صريحة، عن طريق استغلال مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر استعمالا من قبل الجزائريين. وتساءل بورمكي، عن سبب عدم الكشف عن أسماء والهوية الحقيقية للأشخاص الداعين لتوحيد الجمعيات في تنظيم مشترك، مثل مؤسسي المجلس الاستشاري لرؤساء التنظيمات وإطارات الحركة الجمعوية، الذي اتسع تنظيمهم بسرعة البرق دون أن يكشفوا عن هويتهم وأهدافهم، إذا كانت فعلا ترمي للمساهمة في بناء الجزائر الجديدة، وخدمة الصالح العام ومصلحة الوطن، مستغربا التفاعل الكبير من قبل المواطنين مع أصحاب هذه المبادرات، في وقت كان يفترض بهم التعامل بحذر وعدم الإنسياق وراء دعوات «تنظيم غامض». وحذر بورمكي المنخرطين في أكاديمية العمل الإنساني والحقوق الإنساني، من الإنضمام إلى أي مبادرة أو تكتل دون موافقة المكتب الوطني. بالمقابل، أعلن عن إطلاق «تكتل جمعوي وطني الجزائر الجديدة»، بالشراكة مع الجمعية الجزائرية لذوي الإعاقة، انضمت إليه أكثر من 30 جمعية، بغية تفعيل الدور الحقيقي للمجتمع المدني والتنظيمات الناشطة في الميدان وإدماجه في الجهد الوطني، ومرافقة السلطات العمومية في تنظيم وتأطير الحركة الجمعوية، للمساهمة في رسم السياسات المستقبلية لأجل بناء الجزائر الجديدة. وأوضح المسؤول أن «الجمعيات ليست في معزل عن محيطها الوطني، تتأثر وتؤثر في القضايا الوطنية وتساهم بدورها في رسم مستقبل الوطن ومصير الأمة»، مؤكدا أن هذه «المبادرة ليست حركة سياسية ولا مشروعا حزبيا، لكن هذا لا يمنعنا من أن نكون حاضرين في المحطات التاريخية الكبرى للوطن ولا أحد يمكن أن ينتزع منا هذا الحق». واسترسل قائلا: «لو كنا نريد مشروعا سياسيا لأمكن لنا ذلك وبمعزل عن هذه المبادرة عن طريق إنشاء جمعية ذات طابع سياسي، وما أسهل ذلك مقارنة بالعمل الجمعوي الشاق والمرهق في بيئة لا تشجع على ذلك بل تعرقل المبادرات بفعل بقاء ممارسات السياسة السابقة في الإدارات والمجالس المحلية». وأكد أن «التكتل الجمعوي الوطني الجزائر الجديدة»، هو لبنة في جدار البناء الوطني، يرتكز على العمل لصالح المجتمع والوطن في كل الظروف والأوقات، وفي إطار جمعوي منظم، وفي تكتل واحد وموحد من خلال التشاور قبل البت في أي قضية سواء تعلقت بالعمل الجمعوي أو قضايا وطنية تهم الرأي العام. ومن بين أهداف التكتل تجسيد عمل تشاركي بين الجمعيات والمنظمات والسلطات المحلية والمركزية، وتوحيد صفوف الحركات الجمعوية عن طريق التكامل في النشاطات والهيكلة والانتشار للمساهمة في بناء الجزائر الجديدة، إرساء المبادئ الحقيقية للعمل الجمعوي والمواطنة الفعلية، والمشاركة في صناعة القرار الوطني كهيئة استشارية ذات قوة ومصداقية في الطرح وتقديم المشورة. وتأسف بورمكي لحال جمعيات عانت في فترة الحكم السباق «من اختلالات وانتكاسات أهمها خسارة رهان الاستقلالية في العمل والقرارات، إثر التوجه لتعبئة السلطات التنفيذية بفعل الإغراءات أو الترهيب من خلال ربط الإعانات المالية بتقديم طقوس الولاء والطاعة وشراء الذمم»، مشيرا إلى أن قانون الجمعيات رقم 06-12 يبقى بحاجة إلى تعديلات أكثر مرونة واستقلالية للعمل الجمعوي.