يقصدها السياسيون، الديبلوماسيون، الباحثون ومواطنون من مختلف الفئات والأعمار، فجمالها الطبيعي العجيب يغري أي كان لاكتشاف مكامن الإبداع الخارق فيها، هي الكهوف العجيبة بمدينة زيامة منصورية بولاية جيجل الساحلية، التي تعيش أوج عطاءها السياحي هذه الأيام، بفعل الإقبال المنقطع النظير عليها، كهوف حوّلت حبات المطر معادن الأرض فيها إلى أشكال هندسية، ومجسّمات صنعت لوحة يعجز اللسان عن وصفها. كانت “الشعب” من بين المحظوظين بزيارة هذا المعلم الأثري السياحي الأخّاذ، حيث سمحت الرحلة الإستكشافية التي نظّمها الديوان الوطني للسياحة لفائدة الصحافيين بمناسبة الإحتفال باليوم الوطني للسياحة المصادف ل 25 جوان من كل سنة، باكتشاف سحر الكهوف العجيبة وجمالها الطبيعي الأخاذ. ويعود أول اكتشاف لهذه المغارة إلى سنة 1917، حينما كان عمال الجسور والطرقات بصدد قيامهم بشق الطريق الوطني رقم 43 الرابط بين جيجل وبجاية، حسب ما صرح لنا المرشد السياحي خليفة بوعوينة، حيث اضطروا إلى حفر نفق أدى إلى ظهور هذه المغارة التي تشكل ظاهرة عجيبة في شكل معلم طبيعي أثري وسياحي، تجازوت شهرته الحدود. وتقع الكهوف العجيبة وسط ديكور طبيعي خلاب، حيث يتعانق فيه الجبل بالبحر في لوحة نادرة، زادتها جمالا ألوان البساط الأخضر، وزرقة مياه البحر المتوسط. مغارة ترتدي ألوان المعادن، ودرجة حرارة تساوي الرقم الإداري للولاية للوصل إلى الكهوف ما عليك بعد أن تصف سيارتك على حافة الطريق إلا بقطع جسر قديم، يعد تحفة هندسية، فهو يمر فوق واد دار الواد، ويطل على شاطئ الكهوف حيث حوله بعض الشباب إلى مكان للاستجمام، بعد أن كان مهملا لسنوات. ولعل من بين الأشياء التي تثير انتباهك وأنت تتلقى الشروحات من قبل المسؤولين عن حماية الكهوف العجيبة، درجة حرارة المغارة الثابتة، والتي تحمل نفس ترقيم الولاية 18، فعلى مدار السنة وفي كل الفصول، والأيام والساعات، تبقى درجة الحرارة في حدود 18 درجة، وستتأكد من ذلك إذا ما دخلت إلى أغورها، حيث تكتشف الفرق بين حرارة الجو وحرارة عمقها خاصة إذا زرتها في فصل الصيف، كما تتميز هذه المغارة بالرطوبة العالية حيث تترواح مابين 60 إلى 80 بالمائة. والشيء الجميل في المغارة أنّها تكتسي ألوان المعادن، اللون البني أكسيد الحديد، اللون الأبيض الكلس، أما الأسود والذي يكاد يغلب على الكهوف فهو راجع إلى التلوث الناجم عن لمس الإنسان للصخور، وضوء آلات التصوير، فقد ثبت علميا أن الضوء وحرارة الإنسان تتفاعل مع معادن الصخور ممّا يعرضها للأكسدة، وهذا ما يبرر منع التصوير داخل المغارة. وتتشكل المغارة من نوازل وصواعد، تتكون إثر تفاعل الماء بالمعادن، فالمعادن الثقيلة تمنح صواعد، والخفيفة نوازل، وجميعها يخضع إلى قانون الجاذبية، ويزداد طولها كل مئة سنة ب 1 سنتمر. 30 دج لرؤية كأس العالم، تمثال الحرية وأعلى قمة في الأقهار الدخول إلى بطن المغارة يخضع إلى شروط وقوانين، لأنها محمية طبيعية تشرف على تسييرها الحظيرة الوطنية لتازة، بالتنسيق مع مديرية الغابات بالولاية، هذه الأخيرة التي حددت مبلغ 30 دينار للزيارة المغارة والتمتع بجمالها الساحر. وأنت تلج من بابها الضيق، تتاسبق إلى مخيلتك كل الأشكال والرسومات الموجودة في العالم، فمن غرائب هذه المغارة احتواؤها على أشكال عجيبة تبدو منها على سبيل المثال لا الحصر تمثال الحرية بأمريكا، كأس العالم، وردة الرمال، وشكل آخر يرمز إلى أعلى قمة في الأهقار، نسر، أسد وحتى شكل خاص بشاطئ وسمكة مجمدة، الأرجل الأربعة للجمل، القردة الثلاثة التي تمثل رمز الحكمة، وغيرها من الأشكال التي أبدعها الخالق، والتي تشكلت بواسطة الترسبات الكلسية داخل المغارة بفضل مياه الأمطار التي تكون محملة بمختلف المعادن، على مساحة 500 متر مربع. 3 آلاف زائر يوميا والعدد يرتفع إلى 6 آلاف شهر جويلية يختلف عدد زوار الكهوف العجيبة من يوم لأخر، وحسب دليلنا السياحي يزداد هذا العدد في العطلة الأسبوعية، حيث يصل إلى 3 آلاف زائر يوميا، وفي شهر جويلية يتراوح ما بين 6 آلاف إلى 7 آلاف زائر منهم أجانب من دول عربية وأجنبية على غرار المغرب، العراق، فرنسا بنسبة كبيرة، والولايات المتحدةالأمريكية، وحتى الشخصيات المعروفة على الصعيد الوطني وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورؤساء بعض الدول الأجنبية، فالمغارة عبارة عن مرآة عاكسة لولاية جيجل لتراثها ومعالمها السياحية.