وتزداد دهشتهم بموقع المغارة نفسها التي تغازل البحر وتلتحف الغابة وتتربع على أحد جبالها المطلة على وادي ''دار الواد'' والمياه العذبة المتدفقة من أعالي الصخور التي تحرس المكان، ليتحول الموقع إلى قطعة حقيقية من السحر والجمال• لماذا سميت بالعجيبة••؟! عند دخول أي زائر إلى مغارة الكهوف العجيبة أول شيء يشرحه لهم المرشد السياحي الموجود هناك هو لماذا تسمى بالعجيبة، إذ يوجّه المرشد أنظار الزوار إلى سقف المغارة حيث يتراءى للعيان شكل ضخم لزهرة رملية بنية اللون غاية في الجمال، وكأنها ثرية تتوسطها المسامير الكلسية، أو كما تسمى عند المختصين في الميدان بالصواعد والنوازل هذه الأخيرة تشكّل بتناغم جميل مع الخيال البشري صورا مدهشة لتماثيل تتنوع ما بين أشكال حيوانية وآدمية وأخرى تحيلك على مواقع أثرية عالمية معروفة إلى غيرها من الأشكال، التي يلعب فيها الخيال دورا كبيرا في التأويل الذي يمنحه السائح لها• إضافة إلى كل هذا، فإن الخالق أبدع مكونات المغارة التي تضم أشكالا كلسية تشكلت بالمغارة منذ 20 قرنا في حين تم إنجازها منذ مئات السنين فقط في مختلف الدول كبرج بيزا بإيطاليا وغيرها• درجة حرارة ثابتة تحمل ترقيم الولاية ''18'' ونمو بواحد سم في القرن مغارة الكهوف العجيبة بزيامة منصورية بولاية جيجل، التي تبعد بحوالي 35 كم غرب عاصمة الكورنيش، لا تزال تمثل أهم المعالم الأثرية والسياحية في الجزائر إضافة إلى كهوف أوقاس ببجاية وبني عاد بتلمسان، تم اكتشافها سنة 1917 من طرف عمال الجسور والطرقات وذلك أثناء قيامهم بشق الطريق الوطني رقم 43 الرابط بين بجايةوجيجل ويتوسط الكورنيش الجيجلي على مسافة 25 كلم مما اضطرهم إلى ثقب نفق أدى إلى ظهور هذه المغارة التي تشكّل ظاهرة عجيبة في شكل معلم طبيعي أثري وسياحي• ومن غرائب هذه المغارة احتواءها على أشكال غريبة مجسّدة في الطبيعة عبر العالم تشكّلت بفعل ظاهرة تسرّب مياه الأمطار المحمّلة بالكلس والأملاك المعدنية، مشكلة بذلك نوازل وصواعد وأشكال مختلفة من بينها تمثال الحرية الشهير بأمريكا، برج بيزا بإيطاليا، قصر الكريملن بموسكو سمكة مجمدة، البودا، ضرس كبير بجذور، اسم الجلالة ''الله'' محفور في كتلة صخرية صغيرة تشبة الزهرة المفتوحة ومن تحته اسم ''محمد'' صلى الله عليه وسلم، الأرجل الأربعة للفيل، شكل جنين في بطن أمه، القردة الثلاثة والذين يمثلون رموز الحكمة ''صم، بكم، عمي''، فيل بخرطومه، وتلك نوازل تشبه آلات عزف إفريقية تصدر أصواتا شجية يداعبها المرشد السياحي العصامي التكوين الذي يتقن عدة لغات بضربات خفيفة فوق سطحها• ممنوع اللمس••• وممنوع التقاط الصور بالمغارة يجد زائر المغارة نفسه محاصرا من قبل المرشدين السياحيين الذين يمنعون كل الزوار من محاولة لمس تلك الصواعد والنوازل وكذا منع التقاط الصور الفوتوغرافية سواء بواسطة آلات التصوير، أو الهواتف النقالة ولا الكاميرات، وهذا نظرا لتأثيرها على الصواعد والنوازل والتي تؤدي إلى تغيير لونها من الأبيض إلى البني وكذا الاختلال في المحافظة على درجة الحرارة الثابتة بداخلها• ويكون الزوار الفضوليين مشاكسين، لاسيما عندما يبدأ الجميع في اللمس والتقاط الصور حيث يختلط الأمر على المرشدين السياحيين الذين يجدون صعوبة في التحكم في الوضع، وتكون فرحة كبيرة للزائر الذي يظفر بالتقاط صورا داخل المغارة، الخافتة الإضاءة فيها• ومن عجائب وغرائب هاته المغارة أن نمو هذه النوازل والصواعد حسب ما أثبته الخبراء يقدر ب 01 سم في القرن الواحد أي كل 100سنة يزيد طوله المسمار الكلسي بواحد سنتمير، كما أن درجة الحرارة داخل المغارة ثابتة طيلة فصول السنة وهي تحمل الترقيم الإداري لولاية جيجل أي 18 درجة في حين الرطوبة تفوق ال 60%• وقد تعرضت بعض الأشكال خلال الأزمة الأمنية الماضية إلى التخريب الجزئي وهو ما يسجله الزائر عند دخوله إلى المغارة لتي أعيد فتح مدخلها الرئيسي المطل على الطريق الوطني رغم مخاطره بعد تعرض المدخل الثاني المطل على البحر إلى تصدّع جدار الدعم بفعل الأمواج وانهياره• وحسب مصالح حظيرة تازة التي تشرف على هذا المعلم الأثري والسياحي الهام، فقد تم تجديد جسر حديدي لفتح المدخل السابق لتخفيف الضغط عن المدخل الرئيسي، ومن حسن الحظ في فصل الشتاء الأخير خلال انهيار جبل صخري مجاور للمغارة لم يتسبب في إصابتها بأضرار، حتى أن سلطات جيجل اضطرت إلى فتح النفق الجديد قبل تدشينه، وقد ارتدت هذا الموسم الكهوف العجيبة بكل من النفق والجسرين والشاطئ بحلة جديدة كما تمت تهيئة مداخل الشاطئ وكذا الغابة المجاورة التي تدعمت بطاولات وكراسي من أجل استراحة وراحة العائلات، حيث تجد العائلة الجزائرية وحتى الأجنبية راحة ومتعة كبيرتين عند زيارة الكهوف العجيبة والمواقع السياحية المجاورة، مما يجعل المنطقة تعجّ بالحركة، لاسيما البعثات التعليمية وكذا الرحلات المنظمة لمختلف المؤسسات التربوية، الجامعات والجمعيات•