تدخل الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة، ابتداء من اليوم ولثلاثة (03) أيام، فترة الصمت الانتخابي، على أن تتواصل الحملة الوطنية التحسيسية لتوعية المسجلين في القائمة الانتخابية للتوجه إلى صناديق الاقتراع، واختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني. فيما تجسد التشريعيات محطة حاسمة في مسار التغيير المؤسساتي الذي انطلق العام الماضي. بعد 20 يوما من التجمعات الشعبية والأنشطة الجوارية، يلتزم 22,5 ألف مترشح للانتخابات التشريعية، «الصمت» والتفرغ إلى ضبط الجوانب التنظيمية المرتبطة بمراقبة ومتابعة نتائج التصويت، السبت المقبل. ثلاثة أسابيع كاملة، استعرضت فيها الأحزاب والقوائم المستقلة، برامجها وكفاءة مرشحيها، في حملة انتخابية شهدت لها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالسير الحسن «وتطور الأداء السياسي»، وتغلب «ثقافة الحوار» على التنابز وتصلب المواقف. لقد كانت حملة هذه التشريعيات، مخالفة لكل التوقعات، خاصة بالنسبة لأولئك الذين راهنوا على تعطيل أو توقيف المسار الانتخابي برمته، متحججين بما يسمونه «الظروف» التي تعيشها البلاد. غير أن السكينة والهدوء اللذين ميزا خرجات المترشحين وتجمعات رؤساء الأحزاب، كذبت كل الأحكام المطلقة التي روّج لها البعض ومفادها أن «الشارع يرفض الانتخابات». وكشفت تطورات أحداث المشهد العام، منذ منتصف أفريل الماضي، أن الطرح القائل بعدم مواءمة الظروف، خاطئ. والصحيح هو أن أطراف سعت جاهدة إلى توفير تلك الظروف الكفيلة بإسقاط التشريعيات، كمحاولات تأجيج الجبهة الاجتماعية، والعبث بمشاعر الجزائريين في عز شهر الصيام، باختلاق ندرة المواد الأساسية وغلاء الأسعار والدفع إلى إضرابات عمالية مفاجئة وبمطالب تعجيزية. وانبرت «مجلة الجيش»، في عددها لشهر ماي، لفضح كل تلك المخططات، ونشرت في افتتاحيتها كافة المعطيات التي تثبت أن الهدف من كل حاصل هو «إفشال الانتخابات التشريعية» والزج بالبلاد في مغامرات لا تحمد عقباها». ما نشرته «الجيش» حمل في جوهره الاستمرار في «مصارحة الرأي العام» بكل القضايا الكبرى وما يحاك حولها، ولكنه بيّن أيضا الأهمية القصوى لهذا الموعد الانتخابي الذي ينظم بشكل مسبق وقبل اكتمال المدة القانونية للعهدة التشريعية السابقة. ومتابعة مختلف التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ تنصيبه في 19 ديسمبر 2019، تؤكد أن قرار «حل البرلمان» يعتبر من الالتزامات الأساسية للورشات السياسية التي أعلن عنها في حملته الانتخابية، وكان منتظرا أن يتم تجديد انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني قبل نهاية السنة الماضية. وأفاد الرئيس تبون، في حواره الأخير مع مجلة «لوبوان» الفرنسية، أن فترة مرضه (من أكتوبر إلى فيفري) لم تؤثر على برنامجه ولكنها أخرت «الإصلاحات»، التي ترمي إلى تغيير نظام الحكم من خلال «التغيير المؤسساتي بدل تغيير الأشخاص»، مثلما ينادي البعض. وسيكون البرلمان المقبل، أولى ثمار الورشات السياسية الكبرى التي أنجزت لحد الآن، وعلى رأسها تعديل الدستور ووضع قانون جديد للانتخابات، تضمنا آليات كبيرة لفصل المال عن السياسية، وإتاحة الفرصة للشباب لبلوغ المجالس المنتخبة، وأهم شيء تمكين البلاد من مؤسسة تشريعية خالية من شبهة الفساد. المحصلة أن الإصرار على تنظيم الانتخابات التشريعية، مرده الإرادة السياسية في استعادة شرعية السلطة التشريعية، وتخليصها من «دنس التزوير» و»الفساد المالي» الذي ارتبط بها وجعلها محل السخط الشعبي وأفقدها مصداقيتها. وبالنظر لحجم الإصلاحات الهيكلية للنموذج الاقتصادي الوطني، يريد الرئيس تبون مؤسسات منتخبة كاملة الشرعية والنزاهة، لتقود المشاورات الوطنية الشاملة، وعلى رأسها «الدعم الاجتماعي» من أجل الخروج بالخلاصات النهائية. فحجم الرهان، أكبر وأهم من القراءات الضيقة أو المغامرات غير المحسوبة العواقب التي أرادت إسقاط الانتخابات. وفي السياق، أكد وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، فشل «مساعي الأطراف الحاقدة التي راهنت على إلغاء أو تأجيل التشريعيات». وقال في حوار لجريدة «الشباب الجزائري»، أمس، إن «الذين راهنوا على إلغاء أو تأجيل التشريعيات المقررة ل12 جوان وجوه معروفة لدى الرأي العام بأنها لا تريد خيرا لهذا الوطن ولهم سوابق في الاصطدام».