جرت، أمس، أوّل انتخابات تشريعية في الجزائر بعد الحراك الشعبي المبارك، وتاسع انتخابات في الفترة التعددية تشهدها البلاد، في إطار استكمال بناء المؤسسات الدستورية، لبناء «الجزائر الجديدة»، وتمّت التشريعيات المبكرة في ظروف أقلّ ما يقال عنها عادية وحسنة، لم تتخللها أحداث تعكّر أجواءها، وهذا بالرغم من الظرف الصحي الاستثنائي، ووسط إجراءات احترازية، صوّت الجزائريون على من يمثلهم في المجلس الشعبي الوطني. منذ ساعات الصباح الأولى، بدأ الجزائريون بالتوافد على مكاتب التصويت لأداء واجبهم في الاقتراع، حيث كان مشهد تقاطر الناخبين وقد حضروا كهولا وشبابا، رجالا ونساء، حتى الأطفال كان لهم حضورهم الرمزي رفقة ذويهم، دون إغفال فئة ذوي الهمم (الاحتياجات الخاصة) التي سجّلت حضورها أيضا، هو السائد وبنسب مشاركة متفاوتة بين الولايات الداخلية والمدن الكبرى، وهو أمر سائد خلال انتخابات مماثلة جرت سابقا، أو حتى في دول عظمى التي تتغنى بالديمقراطية، حيث تقلّ نسبة إقبال الناخبين على الانتخابات البرلمانية عكس الرئاسيات. فتحت، أمس، كلّ مكاتب التصويت أبوابها على الساعة الثامنة صباحا، عبر كامل التراب الوطني لاستقبال 23 مليون 522 ألف 323 ناخب لاختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني لعهدة تشريعية تمتد لمدة خمس سنوات، حيث تمّ تخصيص 13.000 مركز و61.543 مكتب اقتراع داخل الوطن، إلى جانب 357 مكتب تصويت يخص أبناء الجالية الوطنية بالخارج، بالإضافة إلى 139 مكتب متنقل، ويشرف على تأطير هذه المراكز والمكاتب 589.000 مؤطر، استنادا إلى المعطيات المقدمة من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. القائمة المفتوحة تخلط الأوراق وفي إطار إدخال تغيير جذري على العملية الانتخابية بتبنّي نمط انتخاب جديد، يتمثّل في طريقة الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة، طريقة أخلطت أوراق الناخبين الذين اعتادوا التصويت على القائمة المغلقة، وحسب ما وقفت عليه «الشعب» صباحا بأحد مكاتب التصويت بالعاصمة ب»مدرسة الحرية»، فإن أولى الصعوبات التي واجهت الناخبين، وجود كثرة الأوراق الموضوعة على الطاولة المخصّصة لهم، ما اضطرّ العديد منهم بالاكتفاء باختيار بعض القوائم فقط، والتوجه بها نحو الغرفة المخصّصة لاختيار مرشحيهم وقائمتهم. كما اضطرّ مؤطرو مكاتب التصويت التي وقفنا عليها إلى القيام بدور الدليل والمرشد، وقاموا بشرح عملية التصويت للناخبين خاصة غداة انطلاقتها، بسبب الاعتماد على نمط القائمة المفتوحة. ومن بين أسباب توافد وإقبال الناخبين على مراكز الاقتراع ببعض مراكز العاصمة، هو اكتساح القوائم المستقلة للعملية الانتخابية، حيث خرج العديد من المواطنين للتصويت على أقاربهم وأصدقائهم المترشحين في القوائم الحرة. بطاقة التعريف بدل بطاقة الناخب وفي خضمّ ذلك، قررت، أمس، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تتولى العملية كاملة منذ بدايتها إلى نهايتها، استظهار بطاقة التعريف الوطنية، أو بطاقة تثبت الهوية في حالة عدم توفر بطاقة الناخب. وأوضحت السلطة في بيان لها، أنه بإمكان الناخبين ممارسة حقهم الانتخابي عبر مكاتب التصويت المسجلين بها، من خلال تقديم وثيقة إثبات الهوية «بطاقة التعريف الوطني أو رخصة سياقة أو جواز سفر»، مرفقة ببطاقة الناخب إن توفرت. برتوكول صحي استثنائي وبسبب ظروف الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد، فرضت لجنة الانتخابات ترتيبات صحية وبرتوكولا صحيا خاصا للحدّ من انتشار فيروس كوفيد-19، جرى تطبيقه في كافة مكاتب التصويت، واعتماد إجراءات أهمها ارتداء الكمامات، وتوفير المحاليل المطهرة في مختلف أرجاء مكاتب الاقتراع والحرص على التباعد. ظروف هادئة وجرت انتخابات الفترة التشريعية التاسعة التي تشهدها البلاد، في ظروف هادئة ساعدت على إنجاح التشريعيات، وتمكين الناخبين من تأدية واجبهم في ظروف حسنة وهادئة، وسط انتشار لافت للتدابير الأمنية المشدّدة لتأمين الانتخابات، ولضمان سير العملية في ظروف طبيعية، ومنع أيّ تشويش على سير العملية السياسية، حيث انتشر رجال الشرطة والدرك، وتوزيعهم على مراكز ومكاتب الإقتراع، لمرافقة صناديق الإنتخاب.