تخوض الأحزاب الأربعة الكبرى في ألمانيا مفاوضات بالغة التعقيد بدأتها لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، وقد دعت المستشارة المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل إلى حماية الديمقراطية التي رأت أنها تتعرض لهجوم. استغلت ميركل خطابها في مدينة هاله بمناسبة الاحتفالات السنوية بإعادة توحيد البلاد عام 1990 لإطلاق نداء ضمني لكل الأطراف السياسية حتى تتجاوز انقساماتها بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت الشهر الماضي. وقالت «يجب أن نواصل بناء بلادنا، يمكن أن نختلف في طريقة القيام بذلك…لكننا نعلم أن علينا إيجاد الحل، علينا أن نصغي إلى بعضنا وأن نتحاور». واستعرضت ميركل حصيلة ما حققته خلال حكمها للبلاد على مدى 16 عاما، وحضّت الألمان على حماية الديمقراطية إزاء الدعاوى «الغوغائية». وقالت «أحيانا نستخف بالأمر كثيرا حين يتعلق بمكتسبات الديمقراطية، كما لو أنه لم يعد لدينا ما نفعله للدفاع عنها». وتابعت «لكننا نشهد في المرحلة الحالية عددا متزايدا من الهجمات»، مشيرة إلى الاعتداءات على الأقليات الدينية والعرقية والمحاولات «الغوغائية من أجل نشر الكراهية والضغينة من دون وازع أو خجل». وحثّت ميركل الألمان الغربيين على إبداء مزيد من «الاحترام» لمواطنيهم الشرقيين، بعدما شهدت الانتخابات التشريعية في شرق ألمانيا تأييدا قويا لليمين المتطرف أرجعه البعض إلى شعور جزء من السكان بأنه قد تم التخلي عنهم. وتنهي ميركل مسيرتها السياسية حين يتم تشكيل ائتلاف يضمن غالبية في البرلمان، إلا أن هذا الأمر قد يستغرق بضعة أشهر بسبب المفاوضات التي تبدو شديدة التعقيد وتنبئ بشلل سياسي طويل الأمد. ويتوقف تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة بشكل أساسي على قدرة أي من الحزبين الرئيسيين على اجتذاب حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر. وقد تصدّر نتائج الانتخابات الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتز الذي يطمح إلى منصب المستشار، وتراجع تحالف ميركل المسيحي (المؤلف من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) مسجلا أسوأ نتائجه الانتخابية، لكنه مع ذلك ينوي بذل كل ما في وسعه للاحتفاظ بالمستشارية بزعامة أرمين لاشيت. وبسبب النتائج التي أفرزتها الانتخابات، سيتعين على الأرجح على 3 أحزاب ذات برامج مختلفة للغاية تشكيل ائتلاف لضمان غالبية في البرلمان، وتعدّ هذه سابقة منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد تشكّل عاملا مزعزعا للاستقرار.