تواصل السلطات الولائية لبومرداس بالتنسيق مع الفاعلين كمديرية الصناعة والمناجم، في تسوية ملفا الاستثمار ورفع العراقيل الإدارية والبيروقراطية على عشرات الطلبات المودعة من قبل المتعاملين الاقتصاديين وحاملي المشاريع، الذين يتطلعون إلى الاستفادة من تسهيلات ومرافقة ميدانية لتوطين أفكارهم، والحصول على عقار صناعي داخل وخارج مناطق النشاطات، وهذا بناء على توجهات السلطات إلى تحريك وتيرة النشاطات الاقتصادية وتشجيع كل المبادرات. أشرف والي بومرداس في موعد آخر خصص لمناقشة ملف الاستثمار المحلي، على توزيع 11 رخصة استغلال لفائدة المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين الخواص الذين أودعوا طلبات للحصول على عقار وتراخيص مباشرة النشاط أو توسيعه بإنشاء وحدات صناعية جديدة سواء بمناطق النشاطات المتواجدة في عدد من البلديات أو على مستوى الحظيرة الصناعية لبلدية الأربعطاش. شهدت هذه الأخيرة قبل وضعها حيز الخدمة الفعلية حملة واسعة لاسترجاع العقار غير المستغل، مع إلغاء عشرات عقود الامتياز والاستغلال التي تحصل عليها أشخاص في إطار الاستثمار دون تجسيد مشاريع مقترحة. كما تدخل هذه الخطوة أيضا في إطار تطهير مدونة العقار الصناعي المعقدة بالنظر إلى حالة مناطق النشاطات بالبلديات التي لا تقدم إضافة اقتصادية للجباية المحلية بسبب غياب الأنشطة وعزوف بعض المتعاملين الذين استفادوا من حصص على تجسيد مشاريعهم، مقابل صعوبة دراسة ومعالجة الطلبات الجديدة التي لا يمكن تلبية رغبات أصحابها في ظل حالة الغموض والتعقيدات الإدارية والقانونية لهذه المناطق، وأخرى بحاجة إلى عمليات تهيئة شاملة قبل دخول الخدمة مجددا. لكن الملاحظ في هذا الملف المعقد، أن الأمر لا يتوقف عند الحالة الكارثية لأغلب مناطق النشاطات التي كانت مزدهرة في عدد من البلديات قبل أن تخيم عليها حالة البؤس وتوقف الأنشطة التي كانت تميز المنطقة الشرقية من الولاية، وهذا لأسباب متعددة ومعروفة ناجمة عن تأثيرات الأزمة الأمنية التي دفعت عدد كبير من المستثمرين إلى التوقف، مع هشاشة البلديات التي تخلت وبصفة كاملة تقريبا على متابعة هذا الملف، وتخصيص عمليات لإعادة إنعاش هذه الفضاءات. بل أن حالة التسيب وضعف المتابعة المستمرة من قبل كل الجهات المختصة بتسليم رخص الاستغلال وتوزيع الحصص على المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، امتدت الى الحظائر الجديدة التي لم تسلم هي الأخرى من التلاعبات وغياب الجدية الواضحة، حيث دخلت منطقة النشاطات المتخصصة في مهن الصيد البحري بزموري نفس المتاهة بعدما شهدت عزوف أغلب المستفيدين من القرارات على انجاز المشاريع ما دفع بالسلطات الولائية ومصالح أملاك الدولة إلى توجيه اعذارات، إلغاء عقود مع استرجاع 10 حصص من أصل 49 حصة إجمالية. نفس الوضعية تعيشها الحظيرة الصناعية الكبرى بولاية بومرداس المتواجدة ببلدية الأربعطاش الممتدة على مساحة 136 هكتار موزعة عبر 257 حصة و168 مستثمر ومتعامل اقتصادي كان مبرمجا لإحداث ديناميكية في مختلف الأنشطة الصناعية المتنوعة التي تضم 20 مشروعا في الصناعة الصيدلانية، 46 مشروعا في الصناعة الغذائية، 19 مشروعا لإنتاج الجلود، 13 مشروعا في ميدان صناعة البلاستيك والتعليب، 13 مشروعا لإنتاج المواد الكهربائية والالكترونية وغيرها من المشاريع الأخرى التي كانت تم الكشف عنها نظريا. كما لا يزال هذا الفضاء بلا تهيئة وبلا حياة، بل دخلت مديرية الصناعة مجددا في حالة متابعة للمستفيدين من الحصص لإلزامهم بانجاز مشاريعهم، مع الشروع في توجيه الاعذارات وإلغاء قرارات الاستفادة، وبالتالي تتكرر تجربة مناطق النشاطات المهملة بالبلديات وندرك مكمن الداء الذي أصاب الاستثمار المحلي.