لا يزال ملف العقار الصّناعي المخصّص للاستثمار الاقتصادي يثير النّقاش في كل مرّة بولاية بومرداس بسبب التّأخّر في تطهير بطاقية القطاع، وتحديد طبيعة هذه الأوعية ومناطق تواجدها من أجل وضعها مجدّدا تحت تصرّف المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديّين النّاشطين في كل المجالات الذين قدّموا طلبات في هذا الشأن، لكن أغلبهم لحد الآن لم يتلقّوا ردودا إيجابية نتيجة هذه الوضعية الإدارية المعقّدة التي تعرفها مناطق النّشاطات بما فيها المنطقة الجديدة ببلدية الأربعطاش التي عرفت تأخّرا كبيرا في وضعها حيّز الخدمة. تعاني ولاية بومرداس كغيرها من الولايات أزمة العقار الصناعي المخصص للاستثمار لعدة اعتبارات، منها الطابع الفلاحي للمنطقة التي تصعب من عملية تحويل الأراضي والمستثمرات من نشاطها الفلاحي إلى الصناعي إلا في حدود ضيقة واستثناءات لإنجاز مرافق عمومية، وبقرار من طرف لجنة وزارية مشتركة تتجاوز سلطات والي الولاية، والسبب الثاني الأهم هو صعوبة تطهير مناطق النشاطات الصناعية المنتشرة عبر بلديات بومرداس ودفع أصحاب عقود الامتياز الذين استفادوا من رخص وحصص بهذه المناطق شبه المهجورة أو التي تشتغل بصفة جزئية بعد استفادتها من عملية تجديد وتهيئة إلى تجسيد مشاريعهم الاستثمارية أو التنازل عن هذا الحق لإعادة توزيعه على أصحاب الطّلبات الجدد. وقد شكّل موضوع تطهير مدوّنة العقار الصناعي وتسهيل المهمة على المتعاملين الاقتصاديّين أولوية في مختلف البرامج وخطط العمل التي قدّمها مسؤولو الجهاز التنفيذي المتعاقبون على الولاية، وكذا المشرفين على مجال الاستثمار بصفة مباشرة كمديرية الصناعة، إلا أن النتيجة وحسب تصريحات المتعاملين الاقتصاديين من حاملي المشاريع تبقى غير مشجّعة، وكل حديثهم يدور حول مشكل العقار والرغبة في إيجاد مساحات أوسع لترقية نشاط المؤسسات الصغيرة، وبعض الوحدات الإنتاجية التي بدأت صغيرة وبإمكانيات قليلة لكنها الآن تطورت وبالتالي هي بحاجة إلى مساحة أوسع غير متوفرة، والنتيجة هي حرمان الولاية من موارد اقتصادية ومداخيل جبائية للخزينة العمومية ومناصب شغل للشباب الباحث عن فرصة عمل.الأمثلة كثيرة عن الحالة المتدهورة لعدد من مناطق النشاطات التي أنشئت سابقا، لكن الوضعية الصعبة لا تتوقف هنا فقط بل امتدت إلى المناطق الصناعية الجديدة التي سجلت للانجاز في إطار مختلف البرامج الاستثمارية الهادفة إلى تشجيع مجال الاستثمار ومرافقة حاملي المشاريع والمتعاملين على تجسيد أفكارهم ومشاريعهم بالولاية عن طريق تسهيل عملية الحصول على العقار، وإيجاد فضاءات مهيأة للنشاط.أمام هذا التحدي بدأ التفكير في تسطير خطة استثمارية متكاملة للاستجابة إلى انشغالات المستثمرين أمام حتمية ترقية النشاط الاقتصادي باستغلال المقومات الاقتصادية للولاية بالأخص في المجال الفلاحي والصناعة الغذائية والتحويلية، السياحة، الصيد البحري وتربية المائيات، بدأ العمل بتطهير مدونة العقار الصناعي عن طريق فرز المستثمر الحقيقي من المزيف وتسوية الوضعية الإدارية والقانونية للكثير من مناطق النشاطات بالبلديات، مع الشروع في تجديد وتهيئة هذه الفضاءات بتعبيد الطرق وتوفير الخدمات الأساسية الضرورية لجلب المستثمرين. وبالفعل استفادت عدة مناطق من هذا المشروع على غرار منطقة النشاطات لبغلية، التي تعرف نشاطا متزايدا وصولا الى مرحلة ثالثة تتعلق بضرورة التفكير في إنجاز وتهيئة مناطق صناعية جديدة عصرية تستجيب للتحديات والتحولات الاقتصادية الراهنة، كان من أبرزها منطقتي زعاترة بزموري والاربعطاش، وأخرى متخصصة في مهن الصيد البحري وتربية المائيات يتم انجازها على مستوى بلدية زموري. المنطقة الصّناعية بالأربعطاش..257 حصة لصالح المستثمرين تعد المنطقة الصناعية ببلدية الاربعطاش دائرة خميس الخشنة من أهم المناطق الصناعية الجديدة التي يتم انجازها بولاية بومرداس، على مساحة 163 هكتار مجزأة على 257 حصة موزعة على 168 مستثمر ينتظر أن تستوطن عدة أنشطة صناعية واقتصادية هامة ومتنوعة، حسب تصريحات مدير الصناعة وتشمل 20 مشروعا في الأنشطة الصيدلانية، 46 مشروع في مجال الصناعة الغذائية، 19 مشروع متخصص في إنتاج الجلود، 13 مشروع في ميدان تكرير البلاستيك والتعليب، 13 مشروع لإنتاج المواد الكهربائية والالكترونية، وغيرها من المشاريع المبرمجة للتجسيد في حال إنهاء أشغال التهيئة بهذه المنطقة ينتظر أن تتحول إلى قطب صناعي بامتياز. كما ينتظر أن تكون هذه المنطقة الصناعية المدمجة متكاملة من حيث الأنشطة والخدمات، بحسب ذات المصدر من خلال تدعيمها بشبكة خدمات أساسية ضرورية يحتاج إليها المستثمر والمتعامل الاقتصادي ورواد هذا الفضاء التجاري منها نزل وبنك لتسهيل التعاملات المالية، مع ذلك تشهد المنطقة تأخرا في الانجاز خاصة من حيث أشغال التهيئة والربط بشبكات المياه، الغاز والتطهير، وتأخر تجسيد المشاريع من قبل الصناعيين المتقاعسين، الأمر الذي دفع والي الولاية إلى اتخاذ إجراءات قانونية في حقهم عن طريق سحب رخص ومقررات الاستفادة ل 23 متعامل، وإعادة توزيعها على ناشطين آخرين وضعت أمامهم مهلة 6 أشهر لمباشرة النشاط والقيام بمختلف الإجراءات الإدارية، ما يعني تمديد فترة التأخر في تسليم الحظيرة الصناعية إلى سنوات أخرى بعدما كانت مبرمجة نهاية سنة 2019.