يعتبر موقع ثابورث العنصر أو «باب المنبع» إحدى المعجزات السياحية التاريخية التي برزت إلى الوجود في منقطة اث بوغردان ببلدية اسي يوسف ببوغني، حيث تحولت مع مرور السنين إلى قبلة للعائلات والزوار بامتياز بفضل جهود شبابها المتطوعين الذين رفعوا التحدي من أجل إخراجها من دائرة النسيان، خاصة وأنّها موقع سياحي يحتوي على كل المعالم والمقوّمات التي تجعل منها الوجهة المفضلة لمختلف الفئات التي تبحث عن الراحة والهدوء خاصة في موسم الاصطياف. «ثابورت العنصر» ببوغن يعتبر معجزة طبيعية كسرت كل القواعد المناخية والمقوّمات الطبيعية المعروفة حسب المختصين والمهتمين بمثل هذه المواقع الطبيعية، فبعد أن كانت المنطقة معروفة بأراضيها المسطحة، تفجرت منها العيون والمنابع الطبيعية بتدفقات قوية جارفة معها صخورا كبيرة، لتتحول مع الوقت إلى منطقة جبلية تعبر خلالها المياه القادمة من جبال جرجرة وتغطي بذلك معالم هذه المنطقة، وهذا في حوالي سنة 1500 حسب تقديرات المؤرخين وشهادات كبار المنطقة، الذين تفاجأوا بالمياه تتدفق من أعالي الجبال لتشقّ طريقها إلى المنطقة عبر «ثابورث العنصر» باث بوغردان، ليبقى لغزا محيرا لم يكشف عنه الستار إلى غاية الآن. ثابورث العنصر اشتهر اسمها مثل النار في الهشيم بفضل التحدي الذي رفعه وقام به شباب المنطقة من أجل تحويلها إلى قبلة سياحية بامتياز، خاصة وأنّ موقعها يطل على عدة منافذ سياحية أخرى مثل «ثامدة أوقلميم»، ما يدفع بالزائرين والسياح إلى القدوم إليها من أجل اكتشاف جمالها الساحر والاستمتاع بمناظرها الخلابة، ف»ثابورث العنصر» تتكون من ثلاثة أجزاء، «الباب السفلي» وهو مدخل الجبل الذي حوله الشباب إلى «كارفور» لعرض مختلف المأكولات والحلويات، ومعرض لعدة تحف ومنتجات حرفية، ليتحول إلى بزار على الهواء الطلق يجد فيه الزائر ضالته ويقتني كل ما يرغب فيه، كما أن توفر الأمن بالمنطقة جعل الزائرين يقصدونه بكل راحة دون خوف من أيّ اعتداءات أو سرقات. مناظر طبيعية وتنوّع بيولوجي بعد دخول الجبل وعند التوغل فيه نجد خزانا للمياه تجتمع فيه المياه المتدفقة من الجبل إضافة إلى 16 حنفية، 8 حنفيات مخصّصة للرجال والثمانية الأخرى مخصّصة للنساء، وهذا من أجل التزوّد بالمياه عند مغادرة المكان ونهاية فترة الاستجمام، في هذا المكان بالضبط يمنع ممارسة أيّ نشاط تجاري لأنه تابع للمحمية الوطنية جرجرة التي تعمل على حماية المكوّنات الطبيعية وعدم الإخلال بالتوازن البيئي، خاصة وأنّ المنطقة تحتوي على طيور وحيوانات نادرة منها «القردة» التي وجب حمايتها كي لا تنقرض، إلا أنّ الزائرين للموقع لهم حرية التجول والتوغل في الجمال الساحر للطبيعة على طول المسافة التي تتواجد فيها «ثابورث العنصر»، والتي تعتبر نافذة تطل على عدة مواقع سياحية أخرى انطلاقا من هذا المكان. الطبيعة الخلابة، اخضرار الأعشاب، تفتح الأزهار والورود بمختلف أنواعها، زرقة السماء التي تعانق مختلف الطيور الطائرة في أرجائها تعطي صورة جمالية خلابة تدهش الحاضرين، ناهيك عن توفر أماكن للعب الأطفال وحتى الجلوس وسط ذلك الهدوء من أجل تناول وجبة الغذاء، إلى جانب السير مسافات طويلة وسط الصخور وعبر مسالك ضيقة، كلها مزايا تشجّع على زيارة المكان والاستمتاع بجماله الذي يدفع بالزائرين للعودة مجدّدا إليه، كما أنّه يعزّز السياحة في منطقة القبائل التي تزخر بعدة مواقع وأماكن سياحية ساحرة جعلت منها قبلة للسياح من مختلف مناطق الوطن وخارجه. مقصد بحاجة إلى تثمين ثابورث العنصر هذا الموقع السياحي الذي اكتشف حديثا، وحول بفضل إرادة شباب المنطقة إلى قبلة سياحية دون منازع، يعاني من عدة نقائص التي لمسناها من خلال تصريحات الشباب العاملين بالمكان الذين يسهرون على راحة الزائرين، حيث عبر الكثير منهم عن استيائهم الشديد من دعوات أعوان حماية الغابات بالمنطقة الذي يطالبونهم بضرورة غلق محلاتهم التجارية وتعليق نشاطاتهم كونها مضرة بالبيئة ولا تتناسب مع المكان. بالمقابل، أكد لنا بعضهم « أنّ نشاطهم يدعم السياحة بالمنطقة ويتماشى مع طبيعة الموقع الطبيعي، مع العمل على تشجيع الزوار والمواطنين لزيارة الفضاء وتحويله إلى قبلة للسياح بفضل الخدمات التي يقدمونها ويوفرونها يوميا، خاصة في مجال الإطعام وبيع مختلف المنتجات التقليدية مع توفر الأمن»، وهذا ما يجعل من هذه المواقع السياحية الوجهة المفضلة للعائلات الباحثة عن فضاءات للراحة والترفيه على طول السنة، وما بالك عن هذا المكان الذي يتوفر على كل المقوّمات السياحية المطلوبة. وعليه، يطالب هؤلاء الشباب من المسؤولين المحليين والقائمين على قطاع السياحة بولاية تيزي وزو «بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها أن تنهي معاناتهم وتضمن بقاء نشاطهم اليومي الذي يوفر لقمة العيش وخدمة القادمين إلى هذا الفضاء الطبيعي الذي يوفر كلّ شروط الراحة والهدوء، مع وجود حماية تامة من كل الآفات والسلوكات المنحرفة، خاصة وأنّ أنشطتهم التجارية هذه تعتبر دعامة للسياحة. بدورها، العائلات القادمة للمكان أجمعت» أنّ موقع ثابورت العنصر يعتبر الوجهة السياحية المفضلة لديها، لما تتوفر عليه من مقوّمات سياحية طبيعية، وأنّ المكان يوفر لها الهدوء والراحة، بعيدا عن صخب المدينة واكتظاظ الشواطئ بالبلديات الساحلية، لهذا نفضل هذه الأماكن المتربعة على عرش الجبل، والمعروفة بهوائها النقي وزرقة السماء وتنوّعها البيولوجي» كما أكدت هذه التوجهات الجديدة للعائلات تغير في مفهوم السياحة بصفة عامة، فبعد أن كانت الشواطئ والمدن الساحلية القبلة الوحيدة للعائلات التي تبحث عن الراحة والاستجمام وقضاء عطلة الصيف، أصبحت البحيرات المائية وقمم الجبال والمتنزهات الغابية الوجهة التي يفضلها الكثيرون، خاصة هواة المغامرة من أجل اكتشافها والتعرف على مزاياها، في رحلة شيّقة مليئة بالمفاجئات والتقاط الصور التي تبقى شاهدة على تلك الأماكن والمواقع السياحية التي تزخر بها بلادنا، في انتظار الاهتمام أكثر بهذه المقاصد الجديدة التي تبقى بحاجة إلى مشاريع استثمارية وأشغال تهيئة لجلب اكبر عدد من الزوار.