أخفقت قوات فتحي باشاغا، رئيس الحكومة المعيّن من قبل برلمان طبرق، في السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، وهزيمة قوات حكومة «الوحدة الوطنية» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة. كان ثمن هذه المحاولة العنيفة،إزهاق أرواح اثنين وثلاثين ليبيا، كما جُرح 159 شخص ودمّرت عدة مستشفيات وأحرقت بنايات، قبل أن تعود قوات رئيس الحكومة الموازية إلى مواقعها ويعود الهدوء الحذر إلى العاصمة. مازال الهدوء الحذر يسود العاصمة الليبة طرابلس، بعد المعارك الدامية التي شهداها يومي الجمعة والسبت والتي أوقعت عشرات القتلى والجرحى. وفيما لملمت طرابلس جراح المعارك وشيعت قتلاها، بات هاجسها تكرار المواجهات التي رافقت للمرة الثانية محاولة رئيس «حكومة الاستقرار» الموازية، فتحي باشاغا، دخول العاصمة وتسلّم السلطة التي تتولاها «حكومة الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يتمسّك بمنصبه ويصرّ على عدم تسليم السلطة إلا لهيئة تنفيذية منتخبة . واعتبر الدبيبة أن العدوان على طرابلس مخطط له من الداخل والخارج، وخاطب بعض المقاتلين قائلاً: « نريد الانتخابات، لا نريد أحداً يسعى لانقلاب عسكري ويحكم البلاد بالحديد مجدداً». وأضاف: «الذي يبحث عن تدبير انقلاب نقول له زمن الانقلابات انتهى من زمان، ومن أراد انتخابات فليتفضل». وأمر وزير داخليته والمدعي العام العسكري والأجهزة الأمنية بالقبض على جميع الأشخاص المشاركين في العدوان على العاصمة الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى. كما كلف الدبيبة لجنتين لحصر الأضرار ببلديتي طرابلس المركز وأبو سليم، وكلف جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية بصيانة المقار الإدارية التي تعرضت للأضرار. وكان الدبيبة باعتباره وزير الدفاع في الحكومة التي يرأسها قد تفقد الأحد غرفة العمليات للدفاع عن العاصمة طرابلس، وقال إنها تشكلت بعد محاولة زعزعة الأمن والاستقرار داخل العاصمة ومحاولات دخول تشكيلات مسلحة من الشرق والغرب لزعزعة الأمن. وبحسب بيان حكومي، فقد أشاد الدبيبة بالجهود المبذولة من قبل القيادات العسكرية والأمنية كافة، متأسفاً للأضرار التي لحقت بالمواطنين وممتلكاتهم، وكذلك إصابة الممتلكات العامة، ومعزياً الضحايا كافة الذين سقطوا جراء هذه الأحداث. بدورها، اعتبرت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة أن روح المقاومة لدى الشعب تتجدد، وكأنها رسالة للجميع، ولكل من يحاول جرّ البلاد للفوضى والدمار، مؤكدة استمرار حكومتها في الوصول إلى ما يتطلع له الشعب، ألا وهو الانتخابات التي بدورها تحقق الأمن والاستقرار والسلام. تبادل الإتهامات في المقابل، نفت حكومة باشاغا، على لسان عثمان عبد الجليل، الناطق باسمها ووزير صحتها، علاقتها بما يجري في طرابلس، وقالت إن حكومة الدبيبة متشبثة بالسلطة، وتريد إدخال البلاد في حرب. ورفض الجويلي تحميله مسؤولية ضحايا الاشتباكات، وقال في تصريحات تلفزيونية: «تعرضت بعض الوحدات التابعة لنا للهجوم، وقمنا نحن بالرد»، واعتبر أن «إدخال الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلى العاصمة ليس جريمة يعاقب عليها القانون». كما نفى استخدام الطيران المسير ضد قواته، وقال لم نتأكد من استخدامه ضدنا، ولا نعتقد أنه سيستخدم في الاشتباكات الحاصلة. هذا وقالت وزارة الصحة بحكومة الوحدة إن الجهات التابعة لها نفذت 22 عملية إخلاء خلال الساعات الماضية، لمواقع علق بها مدنيون، في ظل اندلاع اشتباكات بمناطق متفرقة من وسط العاصمة طرابلس، بينما بلغ عدد العائلات التي تم نقلها لأماكن بعيدة عن مواقع الاشتباكات 64 عائلة، وتم إخلاء 4 أشخاص خلال عمليتي إخلاء. وكانت الوزارة قد أعلنت في وقت سابق تعرض مستشفيات عامة ومراكز صحية للقصف والاستهداف منذ ساعات الفجر الأولى بمدينة طرابلس. واعتبرت أن استهداف المرافق الصحية بالقذائف وتوجيه النيران نحوها، ومنع أطقم الإسعاف والخدمات الطبية من تقديم المساعدة للمدنيين، يرتقي لجرائم الحرب، ويلاحق مرتكبوها، ولا تسقط بالتقادم. وإزاء هذه التطورات، علقت شركات محلية ودولية رحلاتها من مطار معيتيقة وإليه. لا يوجد حل عسكري للأزمة أكدت بريطانيا أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة المستمرة بشأن الشرعية في ليبيا»، مشددة على أنه «من الضروري للغاية أن تتواصل جميع الأطراف الليبية مع الأممالمتحدة للاتفاق على مسار تجاه إجراء انتخابات حرة ونزيهة وممثلة للجميع، وبدعم من جميع الفاعلين الدوليين». جاء ذلك في بيان أصدره وزير شؤون شمال أفريقيا بوزارة الخارجية والتنمية الدولية البريطانية، اللورد طارق أحمد، بشأن الأحداث الأمنية وأعمال العنف التي شهدتها العاصمة طرابلس، يومي الجمعة والسبت. وأعرب أحمد، عن إدانة المملكة المتحدة لأعمال العنف التي وقعت في طرابلس، السبت، وقال في البيان إن «المملكة المتحدة تدين العنف الذي ارتكبته جماعات مسلحة في طرابلس، وتدعو إلى وقف القتال فورًا، وأن تنخرط جميع الأطراف بحوار برعاية الأممالمتحدة».