عاد هدوء حذر، أمس، إلى العاصمة الليبية بعد ليلة عنيفة عاشتها إثر اندلاع اشتباكات بين مجموعات مسلحة مؤيدة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وأخرى داعمة لرئيس الحكومة المكلف من قبل برلمان طبرق، فتحي باشاغا. واندلعت الاشتباكات بعد ساعات من وصول فتحي باشاغا مرفوقا بأعضاء من حكومته إلى العاصمة طرابلس في محاولة لمباشرة مهامه على رأس السلطة التنفيذية في هذا البلد الذي لا يزال يتخبط في أزمة سياسية وأمنية معقدة. وقال مكتب رئيس الوزراء المعين، فتحي باشاغا في بيان، أمس، أن هذا الأخير غادر المدينة رفقة وزرائه "للحفاظ على أمن المواطنين" وبعد الاشتباكات غير المسبوقة التي اندلعت على إثر محاولة دخوله العاصمة. وأعلنت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، أن من وصفتها ب"مجموعة مسلحة خارجة عن القانون" حاولت التسلل إلى العاصمة لإثارة الفوضى باستخدام السلاح. وذكرت في بيان أن "الأجهزة العسكرية والأمنية تعاملت بإجراءات حازمة ومهنية بمنع هذه الفوضى وإعادة الاستقرار إلى العاصمة مما أدى إلى فرارها من حيث جاءت"، محذرة بأنها "ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن المواطنين وسلامتهم" وستطارد كل "المتورطين في هذا العمل الجبان مهما كانت صفاتهم". وتعد هذه الاشتباكات الأعنف من نوعها التي تشهدها العاصمة طرابلس منذ حوالي عامين ومنذ فشل قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في جوان 2020 السيطرة عليها بالقوة حيث اضطرت حينها إلى التراجع والعودة إلى معاقلها التقليدية في شرق ليبيا. وبعدها عرفت طرابلس تحسنا تدريجيا في الوضع الامني تعزز أكثر مع توقيع الفرقاء الليبيين في أكتوبر 2020 لاتفاق وقف النار في سياق عملية سلمية رعتها الأممالمتحدة وكان من المفروض أن تختم بتنظيم انتخابات عامة في 24 ديسمبر من العام الماضي. لكن فشل الفرقاء الليبيين في تنظيم هذه الانتخابات أعاد ليبيا إلى المربع الأول مع عودة اشكالية ازدواجية السلطة في ظل وجود حكومتين واحدة مدعومة من قبل برلمان طبرق الموالي لخليفة حفتر ويقودها وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا وتتمثل الثانية في حكومة الوحدة الوطنية التي افرزها الحوار السياسي الليبي بقيادة عبد الحميد الدبيبة الذي يصر على مواصلة مهامه إلى غاية انتخاب حكومة جديدة. وأمام هذا الوضع المتوتر، دعت مستشارة الأمين العام الأممي الخاصة بليبيا، ستيفاني وليامز الأطراف الليبية إلى "التعقل"، مشددة "على الحاجة الماسة للامتناع عن أي عمل استفزازي". وقالت سفارة الولاياتالمتحدة في طرابلس، إن "الإدارة الأمريكية جد قلقة بشأن المعلومات التي تحدثت عن اشتباكات مسلحة في طرابلس"، وحثت "جميع الجماعات المسلحة على الامتناع عن العنف وكذا القادة السياسيين، الإقرار بأن الاستيلاء على السلطة أو الاحتفاظ بها من خلال العنف لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالشعب الليبي". أما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، فقد وصف الوضع في ليبيا بأنه "أصبح أكثر خطورة في الساعات الأخيرة"، مشيرا بما يستدعي التعجيل بتنظيم انتخابات في ظل وجود حكومتين متناحرتين.