عادت مناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة المصادفة ل 3 ديسمبر من كل سنة لتذكر جميع الفاعلين والهيئات الرسمية والمجتمعية بمكانة وأهمية هذه الشريحة في المجتمع وتطلعها لأن تؤدي دورها الطبيعي في العيش بسلام والمساهمة أيضا بإيجابية في معركة التنمية المحلية والاقتصادية، وهي التحديات والانشغالات التي رافقها المشرع الجزائري من خلال إصدار عدة مراسيم لمرافقة هذه الشريحة من اجل تحسين وضعها المادي وحق الشغل والتوظيف. تحصي ولاية بومرداس أزيد من 29 ألف معاق حسب ما كشف عنه مدير النشاط الاجتماعي بمناسبة إحياء اليوم العالمي لذوي الخاصة يعانون من إعاقات بصرية، ذهنية وحركية من بينهم فئة الأطفال الذين يتم التكفل بهم على مستوى المراكز النفسية والبيداغوجية المتخصصة، إلى جانب التكفل المادي والاجتماعي عن طريق المنحة الشهرية والاستفادة من بطاقة الشفاء لتخفيف حدة المعاناة اليومية وتوفير ظروف أحسن للمعاق. وعلى الرغم من الجهود المبذولة في الميدان بفضل مختلف التدابير والإجراءات التي اتخذتها الدولة للتكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة وتكريس حقوقهم الاجتماعية بما تنص عليه مختلف القوانين والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر المدعمة لحق المعاق في الحصول على حياة كريمة، إلا أن الكثير من الانشغالات لا تزال تشكل هاجسا لهذه الفئة خاصة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة وتراجع مستوى القدرة الشرائية التي كانت أكثر وقعا على هذه الشريحة حسب بعض الأصداء التي جمعتها الشعب من أشخاص وعائلات تتكفل بأشخاص معاقين. وقد بدأت الانشغالات التقليدية والاجتماعية وأيضا طرق التكفل تتحسن بفضل الإجراءات القانونية المتخذة من قبل وزارة التضامن الوطني والأسرة خصوصا من الجانب الصحي والمادي، وأيضا عملية التكفل النفسي البيداغوجي بالأطفال المعاقين على مستوى المراكز المتخصصة في كل من تيجلابين، مركز الصغيرات بالثنية، مركز دلس وغيرها من المؤسسات الأخرى المتواجدة في كل من برج منايل وخميس الخشنة، إضافة الى متابعة عملية التمدرس والتكوين أيضا بإنشاء عدد من الأقسام الخاصة على مستوى المؤسسات التربوية ومراكز تكوين متخصصة منها مركز قورصو، إلا أن هاجس المشاركة الايجابية للمعاق في الحياة الاقتصادية والعملية وحقه في التوظيف لا يتماشى مع وتيرة هذه الإستراتيجية الشاملة التي تبنتها السلطات العمومية لصالح ذوي الهمم. مركز قورصو.. نموذج للتكفل والإدماج أمام التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة والمتغيرات الظرفية في المجتمع، لم تعد عملية التكفل بالمعاق وتقديم مختلف المساعدات والإعانات المالية تكفي وحدها للاستجابة أيضا لحجم المتطلبات المتغيرة بالنسبة لاهتمامات هذه الفئة وعائلاتهم التي لم تعد قادرة الى توفير باقي الاحتياجات المتزايدة لأبنائهم المعاقين بسبب ارتفاع التكاليف اليومية، وهي الانشغالات التي اتخذتها الوصاية على محمل جد من خلال فتح المجال الاقتصادي والتكوين المتخصص أمام هذه الفئة لإبراز الذات والقدرات، وأيضا العمل على دعم مختلف الأفكار المبتكرة التي يقدمها ذوو الهمم وتقديم كافة التسهيلات لإنشاء مؤسسة مصغرة تحت إشراف أجهزة الدعم المحلية منها وكالة تسيير القرض المصغر «أونجام» التي قامت بتمويل عديد المشاريع في هذا المجال. ويشكل مركز التكوين المهني للمعاقين المتخصص بقورصو الذي افتتح سنة 2005 نموذجا لهذا النموذج الناجح الذي يقوم بإسهامات كبيرة لإدماج ذوي الهمم في الحياة المهنية والاجتماعية، خاصة وانه يستقبل متربصين من مختلف ولايات الوطن باعتباره واحدا من بين المراكز الجهوية المتخصصة على المستوى الوطني المخصصة لهذه الفئة. كما يوفر المركز المدعم بإقامة تتكون من 120 سرير ما بين ذكور وإناث، عدة تخصصات مهنية تتماشى ومتطلبات ميدان الشغل، منها المهن التقليدية كصناعة الفخار، الخياطة والطرز، البستنة، النقش على الخشب، تخصصات أخرى موجهة لفئة المكفوفين من بينها تخصص إعلام آلي بتقنية البراي، عامل مقسم هاتفي وغيرها من المهن والشهادات التي تمنح للمتربصين لمساعدتهم على عملية التوظيف على مستوى المؤسسات الإدارية التي تبقى ضعيفة ولا تتماشى مع النسبة المقدرة ب1 بالمائة من مناصب الشغل.