أكدت الباحثة في الشؤون الاقتصادية نصيرة يحياوي، «أن البلدية، كهيأة غير مركزية وعلاقتها المباشرة مع المواطن، لم تعد اليوم مستهلكة فقط للميزانية ومختلف الإعانات المالية، بل هي مطالبة برفع التحدي حتى تصبح مساهمة ومنتجة للثروة بموارد مالية لدعم الجباية المحلية ودعم الخزينة لترقية مجال التسيير وإنجاز مختلف العمليات المتعلقة بالتنمية وتحسين مستوى الخدمات». عاد اليوم الوطني للبلدية المصادف ل18 جانفي من كل سنة، المتزامن مع صدور أول قانون للجماعات المحلية سنة 1967، لتعرض من جديد أهمية هذه النواة القاعدية في الهرم الإداري للدولة ومكانتها بالنسبة للمواطن المرتبط ارتباطا وثيقا بهذا المرفق العام، وأيضا حجم التحديات المطروحة، خاصة من حيث الصلاحيات التي يطالب بها المنتخبون لتحرير المبادرة لديهم، وأيضا مطلب التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية لتحضيرها نحو تحقيق مزيد من الاستقلالية في مجال التسيير الإداري والمالي، وكلها مشاريع إصلاحات ينتظر أن يحملها قانون البلدية والولاية قيد التحضير. هذه الإشكالية لطالما نوقشت في مختلف المنابر وجلسات النقاش، سواء من قبل المنتخبين المحليين الذين يطالبون بتوسيع الصلاحيات وإعادة هيبة رئيس المجلس الشعبي البلدي ووقاره، أو من قبل خبراء القانون والشأن الاقتصادي الذين أجمعوا على ضرورة منح الجماعات المحلية المزيد من حرية التحرك والمبادرة، خصوصا في مجال الاستثمار والبحث عن الموارد المالية وبالتالي تحقيق نوع من الاستقلالية المالية، وهي الفكرة التي عرضتها أستاذة الاقتصاد نصيرة يحياوي في حديثها عن مشروع البلديات النموذجية أو المستثمرة التي تساهم في دعم وتشجيع مختلف المبادرات وتحيين النصوص التشريعية لقانون البلدية حتى يواكب التحديات الراهنة. وأكدت الباحثة في قراءتها لواقع البلديات الحالي ومطلب توسيع الصلاحيات من قبل المنتخبين، «أن هاجس الصلاحيات يعتبر من المطالب الأساسية التي رفعها المنتخبون المحليون لمساعدتهم على أداء مهامهم في أحسن حال، باعتبار أن رئيس المجلس هو رئيس الجمهورية في بلديته، وبالتالي يبقى بحاجة الى صلاحيات أوسع للتحرك واتخاذ القرارات المخولة له في الدستور ربحا للوقت والتخلص التدريجي من عامل البيروقراطية وتقليص عملية الرجوع الدائم للإدارة، وهي أهم المقترحات المرفوعة من قبل الخبراء لمعالجة اختلالات قانون البلدية والولاية السابق وتقديم مشروع قانون جديد بإمكانه أن يشمل جميع هذه النقاط من أجل إعادة تفعيل دور ومهام هذا المرفق العمومي الهام في حياة المواطن ومسار التنمية المحلية بصفة عامة. مقابل هذه الحقوق والمطالب، التي يصر عليها رئيس البلدية، حملت الباحثة المنتخب المحلي مسؤولية نقص المبادرة وعدم الاجتهاد لممارسة حقوقه الكثيرة المنصوص عليها في القانون الحالي، خاصة في مجال التكوين وكسب المعارف للتحكم في ميدان التسيير الإداري والمالي وإدارة الصفقات العمومية باحترافية وتجنب الأخطاء وتعطيل المشاريع التي يتطلع إليها المواطن، مع دعوة المنتخبين الى دعم المجالس بخبراء ومستشارين، سواء في المجال القانوني أو الاقتصادي، لترقية الأداء وتجنب مختلف العراقيل التي تحول دون تمرير المشاريع أو الصفقات، خصوصا خلال المرحلة القادمة التي ستعرف فيه هذه الهيئة تحولا كبيرا وبأدوار واسعة لا تقتصر فقط على الجانب الإداري وتقديم الخدمة العمومية، بل يتعداه الى البحث عن بدائل اقتصادية وإنتاج الثروة لجلب الموارد.