ينتظر أن تعطي البنوك دفعا للوتيرة الاقتصادية بعد أن دعيت للقيام بالدور المنوط بها في تمويل الاستثمار والانفتاح أكثر على المحيط بتسهيل إجراءات التعامل لمختلف الفئات من المواطن العادي الذي يريد فاتح حساب بنكي إلى المتعامل والمؤسسة التي ترغب في الحصول على قروض استثمارية. في هذا الإطار حسم الوزير الأول الأمر بإذنه للبنوك العمومية بالانتقال من حالة الانتظار إلى مرحلة المبادرة الاقتصادية من خلال مرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتتجلى الإجراءات الجديدة والجريئة مع اشتراطها للدقة والشفافية حتى لا تنحرف عن مسار الأهداف المسطرة لها في: - تيسير عمليات فتح حسابات بنكية دون اشتراط دخل منتظم. - منح القروض البنكية للخواص. - الحصول على قروض استثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وليس غريبا أن يجد هذا القرار صدى ايجابيا في أوساط المتعاملين الاقتصاديين الذين أبدوا ارتياحا على غرار منتدى رؤساء المؤسسات الذي دعا رئيسه رضا حمياني إلى ضرورة توسيع وتعميم المنظومة المعلوماتية في معالجة العلاقة بين البنك والمتعامل الاقتصادي، مما سيساعد على انجاز قفزة نوعية على مستوى آجال معالجة ملفات طلب القروض. ودعا حمياني في موقفه إلى العمل من أجل تقليص المهلة في الرد على طلبات القروض من مهلة 9 أشهر حاليا إلى 45 يوما على الأكثر وهو أمر يتطلب إحداث لامركزية في التصرف والقرار البنكي وتمكين البنوك من المبادرة محليا. وبالفعل هناك عمل كبير ينتظر على صعيد المساحة التي تتعلق بإطار تحرك القائم على شؤون البنك ومن ثمة من المفيد العمل بسرعة على جبهة تحديد المسؤولية على الأخطار المتعلقة بالقروض وتسييرها. وتتولى لجنة من وزارتي العدل والمالية وبنك الجزائر إعداد ورقة بهذا الخصوص بما يحرر البنك ليبادر أكثر في الفعل الاستثماري لكن دون ترك المجال معرضا لمخاطر مكلفة يكون المال العام ضحية لها. من الطبيعي بالنظر لما تعرضت له المنظومة البنكية العمومية على مدى سنوات من إخلال بمواردها جراء ما عرفته من أعمال فساد مسّ بالمال العام و الذي ألحق ضررا كبيرا بالبنوك وكذا بالإطارات العاملة فيها والتي هجر الكثير منهم نحو بنوك خاصة أجنبية. وقد أنتج ذلك الوضع حالة غير صحية حولت البنك إلى خزانة للمال فاقدة لروح المبادرة الاستثمارية بينما تحقق بنوك خاصة برأسمال أجنبي مكاسب وأرباحا لا تعثر عليها في أسواق أخرى إقليمية وعالمية بفضل جاذبية السوق الجزائرية الاستثمارية والاستهلاكية. لكن إطلاق يد القائمين على البنوك في التعامل مع الاستثمار بمرونة أكثر يتطلب تأطير العملية بضوابط بما يحمي الموارد المالية العمومية وكذا القائمين على البنوك. وإن كانت حالة اللامبادرة لم توفر هذه الحماية بالشكل السليم بالنظر لما تعرضت إليه الخزائن العمومية. وبالطبع لا تعني تلك الإجراءات ترك الحابل على الغارب بقدر ما تعني توجيهها لفائدة المؤسسات الجادة والمنتجة وللمستثمرين الاقتصاديين من الخواص الحاملين لمشاريع إنتاجية وذات جدوى سوسيو- اقتصادية، وليس لمن يحترفون الاستيراد والمضاربة التجارية. وهنا من المفيد أن يوضع جدول للمتعاملين من أجل التمكن من الفرز وتحديد من هم أجدر بثقة البنوك ولديهم شروط تأمين القروض وقدرة على انجاز المشاريع. وفي الوقت الذي يتم فيه السعي لجمع كامل الأوراق التي تتوفر عليها المنظومة الاقتصادية بما فيها المالية لإنجاز المشاريع الكبرى لم يتخلص البعض،ممن ينشطون في الدوائر التي ترسم التصورات من قوالب أكل عليها الدهر وشرب مثل إعادة بعث النقاش حول القطاع العام والخاص ومحاولة تحميل الأول مسؤولية الواقع بينما يتطلب الوضع العام للصناعة وغيرها من القطاعات إنتاج تصورات مستقبلية تعطي للقاطرة قوة دفع لن تتوقف في المدى الزمني.