دافع الطاهر لطرش الخبير المالي والإقتصادي وأستاذ المدرسة العليا للتجارة على الإبقاء على أعلى سقف من النظام الاحترازي في عملية منح القروض، مؤكدا أنه يخدم الإقتصاد الوطني ويساعد المؤسسات الجيدة، ويرى أن النظام البنكي الوطني لا يتمتع في الوقت الراهن بكامل المقومات التي تسمح له بالارتقاء بسياسة التمويل الوطنية لأسباب موضوعية وذاتية، مشرحا إيجابيات وسلبيات قرار التسهيلات البنكية للمؤسسات والمستثمرين.اعتبر الدكتورلطرش الطاهر الخبير المالي أن تعهدات الوزير الأول الأخيرة أمام ممثلي الباترونا انبثق عنها إصدار قرارين وصفهما بالهامين، متوقعا أن يكون لهما مستقبلا بالغ الأثر إيجابا أو سلبا في كل ما يتعلق بتفعيل فتح الحسابات البنكية لفائدة الأشخاص مع تفعيل منح القروض من طرف البنوك لفائدة المؤسسات، خاصة المؤسسة الخاصة على وجه التحديد. وبخصوص تسهيل منح القروض للمؤسسات، يعتقد أستاذ المدرسة العليا للتجارة لطرش الطاهر أن هذا القرار يبدو في ظاهره مهما وجريئا، خاصة بالنسبة للطرح السائد بأن المؤسسة الإقتصادية اليوم في الجزائر تعاني من عائق التمويل، وأشار الدكتور لطرش أن هذه الرؤية لا تعكس سوى جزءا بسيطا من الحقيقة، مثيرا في ذات المقام سلسلة من الاستفهامات مبنية على ضوء تخوفاته والإحتمالات التي يجب أخذها بعين الاعتبار على غرار تسائله عن طبيعة التسهيلات الواجب أن تقدم؟..وهل الأمر يتوقف على تخفيف الاجراءات البيروقراطية، أم يكمن في تمكين المؤسسات من الوصول تحت أي ظرف كان، إلى مصادر التمويل أم يتعلق الأمر بتمكين المؤسسات من الحصول على القرض على أساس معدلات فائدة بشكل منخفض عن السقف السائد؟ وأكد من منطلق خبرة المحلل أن تدخل الإدارة في إعطاء إملاءات إلى مؤسسات التمويل، وإن كان حسبه يبدو في ظاهره إيجابيا بالنسبة للإقتصاد الوطني، إلا أنه لم يخف كونه ينطوي على مخاطر حادة قد تظهر على المديين المتوسط والطويل، ويتوقع أن يتسبب هذا التدخل في حدوث تشوهات على مستوى نظام التمويل بشكل يجعل سياسة التمويل غير أمثلية، وتكون نتيجتها الأساسية في نظره سوء استعمال الموارد المالية، وبلغة أٍقل ما يقال عنها تحذيرية استحضر الأستاذ لطرش الحقيقة التاريخية التي عاشها الاقتصاد الوطني قبل الإصلاحات والتي كرست فيها تسهيلات كثيرة في مجال القرض قال أنها بلغت درجة استفادة المؤسسات بطريقة شبه مجانية فيما يتعلق بمعدلات الفائدة المنخفضة، لكن النتيجة اعتبرها الخبير كارثية وتسببت في تراكم الديون على المؤسسات العمومية بشكل استعصى عليها تسديدها، ويرى الدكتور لطرش في سياق متصل أن كل ذلك تسبب في إثقال الهيكل المالي للبنوك بحجم كبير من الديون المتعثرة أسفرت، أضاف لطرش يقول، عن تعثر الاقتصاد الوطني. ومن بين الحلول التي دافع عنها الخبير إثارته لكل ما تضمنه قانون القرض والنقد الذي أوضح أنه يتضمن بما فيه الكفاية القواعد الأساسية التي تضمن منح القروض للإقتصاد بشكل سليم إلى جانب ضمانه للقيود التي يجب أن تخضع لها البنوك في مجال توزيع القرض حماية للمودعين، وذكر لطرش أن القيود تتمثل في النظام الاحترازي الذي يعد نظاما عالميا يهدف إلى ضمان منح القروض للإقتصاد في ظل شروط قال أنها تضمن السلامة المالية للجميع. ورغم اعتراف الدكتور أن مؤسساتنا تشكو من النظام الاحترازي، لكنه بدا مقتنعا من أن هذا النظام الاحترازي يخدم الاقتصاد الوطني وبشكل أكثر تحديدا المؤسسات الجيدة التي قال أنه لها قدرة فعلية على إنتاج الثروة إلى جانب أنه يعد في جوهره مانعا للمؤسسات غير الجيدة من الوصول إلى مصادر القرض، مخطرا أنه إذا حدث سيتسبب في تضييع الفرصة أمام البدائل الجيدة لاستعمال هذه الموارد المالية. وتحدث الأستاذ والخبير لطرش بلغة تشريحية للوضع الراهن حيث اعترف أن النظام البنكي الوطني لا يتمتع بكامل المقومات التي تسمح له بالارتقاء بسياسة التمويل الوطنية لأسباب موضوعية وذاتية، ولأنه في إطار فلسفة التمويل التي تضمنها قانون النقد والقرض، تقوم علاقة النقد والقرض أي علاقة التمويل بين البنك والمؤسسة على أساس تعاقدي، فتصبح مشكلة التمويل مشتركة بين البنك والمؤسسة، ولن تحل حسبه هذه المشكلة بالشكل الفعلي إلا في إطار تحسين هذا الاطار التعاقدي، وفيما يتعلق بمسؤولية المؤسسة حددها في ضرورة تقديمها لمشاريع سليمة وواعدة تتمتع بالمصداقية حتى يقوم البنك بالتفاعل مع ذلك بشكل ملائم. ولم يخف الخبير المالي أن البيئة السائدة في الوقت الراهن لا تساعد على الارتقاء بهذه العلاقة بالنظر إلى ما أطلق عليه بالتفردات التاريخية المتراكمة والتي قال أنها فاقمت من مشكلة الثقة بين البنك والمؤسسة. ودافع الدكتور لطرش في ذات المقام عن سلسلة من الحلول - في صدارتها تطهير هذه البيئة وخلق تقاليد جديدة بين الطرفين أي البنك والمؤسسة. واقترح أستاذ المدرسة العليا للتجارة بدل إعطاء تعليمات بتسهيل عملية القرض والذي يرى أنه يبقى يشوبه بعض الغموض النسبي من حيث محتواه وشعاريا إلى جانب خطورته، حسب تقديره في حالة تطبيقه بالشكل غير السليم، التوجه نحو اتخاذ القرارات الأساسية التي تصب في مراجعة منظومة الاصلاحات برمتها والسير نحو المزيد من الإصلاحات الهيكلية بغرض ترقية أداء جهاز الانتاج في إطار بيئة سليمة ومشجعة، وهذا ما يتطلب أضاف الخبير يقول الكثير من العمل الاقتصادي وقليلا من التدخلات غير الناجعة كونه ليس هناك من ضرر يلحق بالاقتصاد مثل الضرر الذي ينجم من تدخلات غير مناسبة في توقيتها وموضوعها ومستوى شموليتها، ولأن المشكلة مثلما يرى لا تحل بتسهيل القرض. وفي إطار تحذيرات الخبير والمحلل الاقتصادي، صرح أن الأموال القابلة للإقراض ملكية عمومية لجميع الجزائريين ويجب استغلالها بالشكل الأمثلي والعقلاني الذي يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني .