عبّر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن تأثره البالغ بالاستقبال الذي خصّه به سكان تلمسان وحتى العاصمة، وقال في الخطاب الذي ألقاه بجامعة تلمسان ''لقد نزلت يدا بيد مع الرئيس بوتفليقة وبعواطف جياشة من أجل صناعة التاريخ، أنا مدين بالاستقبال، خاصة وأن تلمسان غالية كثيرا على الرئيس بوتفليقة وهي ضاربة في عمق التاريخ، خاصة وأنها كانت عاصمة لثلاثة قرون كاملة كما أنها مدينة للثقافة والإسلام''. واعترف هولاند بالدين الاسلامي كتراث حضاري مشترك يحمل الكثير من القيم السمحة التي تبقى بعيدة كل البعد عن التطرف والصور السيئة التي يحاول البعض إلصاقها بهذا الدين وخاصة في العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في سنوات التسعينات، وثمّن دور تلمسان في تشجيع تعايش الحضارات والديانات، حيث يعترف الجميع بما قام به اليهود في تطوير العلوم والموسيقى بهذه المنطقة واعتبرها عاصمة متوسطية تشجع التعايش والتنوّع الحضاري. ووقف خليفة ساركوزي على قصر الاليزيه، عند أهمية الجامعة في صناعة الدول القوية مثمّنا مكانة التعليم العالي في الجزائر الذي بلغ 2 . 1 مليون طالب وسيصل مليوني طالب في 2015 ، معتبرا إياه بالأمر المهم والذي ستسعى فرنسا جاهدة لدعمه ومساعدته من خلال تعزيز برامج التكوين والتأهيل والمرافقة، وقال: ''سنعمل على تعزيز العلاقات العلمية والثقافية والإنسانية وتشجيع اللغة الفرنسية التي قطع فيها البلدين أشواطا هامة من خلال الوصول إلى تحضير خمسين شهادة دكتوراه بين 2004 و2008''. وأكد على ضرورة التركيز على الفرنسية في التعليم العالي والبحث العلمي ليس من باب أنها لغة فرنسا ولكن كتراث عالمي يضمن التنوع اللغوي والفكري ويشجع الديمقراطية والحريات وترسيخ القيم البشرية السمحة. وخصّ ضيف تلمسان الشباب الجزائري بخطاب خاص تضمن الكثير من الرسائل التي تصب في خانة التفكير في تكوين جيد وانتظار الاستثمارات الفرنسية للعمل هنا في الجزائر دون أن يغلق الباب في رغبة فرنسا في استقبال الطلبة الجزائريينبفرنسا الذين فاق عددهم ثلاثين ألف طالب مؤكدا بأن فرنسا ستعمل على توفير ظروف الاستقبال والتعليم الجيد. وفي سياق متصل، اعتبر توفر الجزائر على سبعين بالمائة من مجتمعها شباب تحت سن الخمسة والثلاثين بالعامل الايجابي معترفا بالأوضاع الصعبة التي مرت بها فئة كبيرة من هولاء بفعل العشرية السوداء، ولكن اليوم كل شيء تغيّر وأقول لكم ''لقد خرجتم منتصرين من المعركة ضد الارهاب، وأباؤكم تصالحوا والفضل يعود للرئيس عبد العزيز بوتفليقة'' وأضاف ''إن ذلك لا يكفي يجب حمل وتبني مشروع لبناء المستقبل مع شباب المتوسط''. ونصح الشباب بضرورة تجاوز مشاكل البطالة والشك والقلق وعدم الهرب من الواقع لأن الشباب الفرنسي يتقاسم نفس الانشغالات وعليكم استغلال التاريخ الذي قسمنا أمس لبناء المستقبل المشترك الذي يضمن النجاح للجميع من خلال الشراكة التي باشرتها مع الرئيس بوتفليقة وبين الحكومتين، ودعا إلى وضع الثقة والوصول إلى ذاكرة سلام بين الشعبين والتفكير في المستقبل. فرنسا مع تطبيق قرارات الأممالمتحدة بشأن قضية الصحراء الغربية شملت الاتفاقيات التي وقعتها الجزائر مع فرنسا مجال الدفاع من خلال التفاهم على رفع التعاون دون أن يكشف هولاند عن حيثيات الاتفاق، مؤكدا أن العدالة الجزائرية والفرنسية تتعاونان في قضية تبحيرين من أجل كشف الحقيقة. وقال المتحدث بأن القضية الصحراوية يجب أن تحل في إطار الأممالمتحدة آملا أن يحل مشكل الحدود بين الجزائر والمغرب وهذا لخدمة مصالح المغرب العربي، رافضا أن يلعب دور الوسيط بين الجزائر والرباط في قضية تصفية الاستعمار طالما أن الملف يوجد على طاولة الأممالمتحدة. تحية تقدير للرئيس بوتفليقة وكشف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الندوة الصحفية التي عقدها بفندق الماريوت بتلمسان في ختام زيارته للجزائر يوم الخميس بأن الفرنسيين يحملون أفكارا خاطئة عن الوضع في الجزائر، فكما اطلعت عليه فالوضع الأمني مستقر، وهناك الكثير من المناطق السياحية التي يمكن زيارتها خاصة المقابر المسيحية واليهودية، حيث لا يزال الكثير من الفرنسيين الذين يرغبون في زيارة مقابر ذويهم، لكنهم مازالوا مترددين بفعل تلك الآراء المسبقة التي يحتفظون بها تجاه الجزائر وقال هولاند: ''زوروا الجزائر فالواقع يحمل أمورا جميلة، فالشعب الجزائري مضياف والكثير من الأمور الايجابية تجعلني أدعو الفرنسيين لزيارة الجزائر دون تردد''. وثمّن المتحدث مجهودات السلطات الجزائرية في الاعتناء بالمقابر المسيحية واليهودية في سياق تسامح الديانات وتشجيع التعايش والتسامح بين الديانات. ووجّه هولاند تحية إجلال وتقدير للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والشعب الجزائري على حسن الضيافة، وأقول بأن هذا الاستقبال في العاصمة أو تلمسان وأؤكد أن هذا الاستقبال كان لفرنسا كلها وهو ما سيسمح ببناء علاقات قوية واستراتيجية ستعزز بعد إمضاء العديد من الاتفاقيات في المجال الاقتصادي من خلال إنجاز مصنع رونو والثقافي التعليم العالي والبحث العلمي. ووعد هولاند بعلاقات متوازنة ومحترمة من خلال العمل المشترك بعيدا عن العقلية الاستعمارية. وقال بأن المصالحة الوطنية في الجزائر كانت ضرورة وأحيي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على هذا العمل ولكن رغبتكم في المضي قدما نحو المستقبل وعدم التوقف عند المصالحة، جعلتنا نعرض عليكم العمل المشترك من أجل المستقبل والتعاون من خلال الاتفاقيات الممضية والمشاريع المستقبلية بين البلدين. واستبعد في سياق متصل انفراد فرنسا بالحل العسكري في مالي، موضحا بأنه استفاد كثيرا من وجهات نظر الجزائر، وخاصة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وجدّد تأكيده على ضرورة مصادقة مجلس الأمن على خطة التدخل العسكري من خلال قوة إفريقية تساهم فيها فرنسا بمعدات وتجهيزات وببرنامج تكوين مشددا على ضرورة الحفاظ على وحدة مالي وعدم التسامح مع الجماعات الارهابية التي يجب أن يواصل المجتمع الدولي زيادة الضغط عليها. الرئيس الفرنسي يلتقي بالطلبة إلتقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أول أمس بتلمسان زهاء عشرين طالبا من مختلف الكليات للإطلاع على ظروف التعليم والدراسة بعاصمة الزيانيين. وأوضح الرئيس هولاند أنه يمكن لفرنسا أن تقدم الدعم بطريقتين في مجال دعم النخبة وذلك ''عن طريق تكثيف التبادلات بين جامعات البلدين وبتطوير التعاون العلمي والجامعي''. ويكمن الجانب الثاني في ''إمكانية الاستقبال بفرنسا لمتربصين شباب'' الذين يأتون من أجل إتقان مستواهم خلال فترة محددة، كما أشار السيد فرانسوا هولاند مذكرا بأن حكومته ألغت مؤخرا تعليمة تحدد من الإقامة للدراسة للطلبة الجزائريين الشباب. وأشار الرئيس الفرنسي أيضا إلى أهمية تعزيز الشراكة في مجال التعليم العالي بين الجامعات الفرنسية والجزائرية ورفع كل العراقيل التي كانت تعيق هذه الشراكة من خلال البحث سويا عن الصيغ المناسبة لتطوير هذه القطاعات. وأبرز طالب فرنسي يدرس بجامعة تلمسان في إطار برامج التبادل وانتقال الطلبة بين تلمسان وبعض الجامعات الفرنسية الجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية لتطوير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي الذي أنجز بتلمسان قطب جامعي ذو مستوى وجمال استثنائي. ويستلم الدكتوراه الفخرية منحت جامعة «أبو بكر بلقايد» تلمسان شهادة الدكتوراه الفخرية للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قدمها له رئيس هذه المؤسسة للتعليم العالي. وقد جرت مراسم التسليم بحضور رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة واعضاء وفدي البلدين. وأشار الرئيس هولاند في كلمة القاها بهذه المناسبة الى اهمية التبادلات بين الجامعات الجزائرية والفرنسية مؤكدا على استعداد بلاده للمساهمة في مجال التكوين والتعليم. ومن جهة اخرى ابرز رئيس جامعة «أبو بكر بلقايد» لتلمسان السيد نور الدين غوالي انه قد تم منح الدكتوراه الفخرية للرئيس فرانسوا هولاند بالنظر الى مكانته البيداغوجية والتزاماته الانسانية وكتاباته. ويزور المعالم الأثرية إطلع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أول أمس على العديد من المواقع والمعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة تلمسان في إطار اليوم الثاني لزيارة الدولة التي قام بها إلى الجزائر. ووقف الرئيس الفرنسي في هذا الصدد على جمال المعالم الثقافية التي زارها بالمناسبة على غرار ضريح سيدي بومدين والقصر الملكي ''المشور'' ومتحف فنون الخط الإسلامي لسيدي بلحسن. وتضمن مسار هذه الجولة مواقع بارزة من التراث الثقافي الجزائري والتي تضررت مرافقها بشكل كبير جراء ممارسات القوات الاستعمارية الفرنسية التي حولت هذه المعالم إلى ثكنات عسكرية. وقد اعترضت عمليات الترميم التي شرع فيها منذ الاستقلال صعوبات عديدة لم تسمح بإعادتها إلى حالتها الأصلية بسبب التعديلات التي أدخلها عليها المستعمر الفرنسي. ويجمع مختصون في علم الآثار على حدوث هذه التشوهات خلال فترة الاحتلال الفرنسي في الوقت الذي ظهرت فيه العديد من الآثار خلال السنوات الماضية مع إمكانية تحقيق اكتشافات أخرى بفضل الحفريات والأبحاث العلمية. وقد عرفت هذه المعالم الشاهدة على تعاقب العديد من الحضارات على منطقة تلمسان منذ القرن الثاني عشر تدهورا كبيرا خاصة على مستوى القصر الملكي ل''المشور'' الذي شيّد سنة 1145 من قبل عبد المؤمن بن علي في عهد الموحدين وتحوّل إبان الفترة الإستعمارية إلى ثكنة مع استغلال شواهد قبور الملوك في صنع مجاري للمياه المستعملة، فيما كان موقع ''سيدي بلحسن'' أنذلك مستودعا لتخزين الأعلاف. وقد تمّ إعادة تشكيل قصر المشور بصفة كلية، حيث أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على تدشينه في أفريل 2011 . وأظهرت أعمال قادها باحثون أن قصر المشور كان يحتوي على ثلاثة قصور أخرى تعد مختفية في الوقت الحالي بسبب تدميرها من قبل قوات الاحتلال الفرنسي وتحويلها إلى ركام. وقد تمّ إعادة إحياء هذا التراث الذي عانى من الفترة الاستعمارية بعد تجسيد عملية ترميم واسعة النطاق في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011''. وسمحت عمليات ترميم هذه المواقع التاريخية باستعادة للأجيال الحاضرة والمستقبلية أجزاء كاملة من الذاكرة والتاريخ الجزائريين، فضلا عن البعد الثقافي لعاصمة الزيانيين التي تضم لوحدها جزءا كبيرا من التراث الأثري الوطني. وقد بني ضريح ''سيدي بومدين'' من جهته بثلاثين سنة قبل البناءات الأولى لقصر الحمراء بالأندلس. وقد شيّد بتصميم مربع يعلوه سقف مزين بقرميد أخضر كما يضم أيضا ساحة مربعة الزوايا. أما مسجد سيدي بلحسن فقد بناه أبو سعيد عثمان سنة 1696 للأمير أبو عمر ابراهيم ابن يغموراسن. ويحتفظ هذا المعلم الذي حوّل إلى مدرسة فمتحف حوالي سنة 1900 بجانب كبير من زخرفته القديمة التي أثارت إعجاب المعماريين. وقد سمي هذا المعلم نسبة لأبي حسن بن يخلف التنسي. وكان الرئيس الفرنسي مرفوقا بالوزير الأول السيد عبد المالك سلال والعديد من الوزراء من البلدين من بينهم وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، فضلا عن مثقفين وفنانين جزائريين وفرنسيين.