صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب "خمسون مفتاحا للخمسينية" للجامعي والباحث في علم الاجتماع والمؤرخ الراحل عبد المجيد مرداسي، والذي عاد فيه إلى أهم المحطات التاريخية التي عرفتها الثورة التحريرية، من خلال خمسين عنوانا مختلفا. جاء الكتاب، الصادر عن منشورات "حبر" في 161 صفحة والمترجم من طرف خالصة غومازي، في شكل مقالات، حيث استهله مرداسي بالحديث عن "التيار الاستقلالي" الذي عرّفه ب«الحركة السياسية الداعية إلى استقلال الجزائر" في العشرينيات من القرن الماضين وخصوصا مع حزب "نجم شمال إفريقيا" الذي "دافع فيه ناطقه مصالي الحاج عن مشروعية هدف استقلال الجزائر". كما عاد مرداسي، من جهة أخرى إلى مجموعة ال22، وكلهم تقريبا من أعضاء "المنظمة الخاصة" التي اجتمعت بالعاصمة في يونيو 1954 يقول الكاتب، حيث كان "الإجماع على ضرورة الكفاح المسلح". وتطرّق إلى جبهة التحرير الوطني التي قادت الثورة التحريرية ولاقت الكثير من التحديات، وإلى إدارتها التشكيلية الأولى التي عادت إليها فيما بعد "المسؤولية الفعلية" لاندلاع الثورة ولإعادة "ضبط الحقل السياسي الجزائري". وسلّط مرداسي الضوء أيضا على مؤتمر باندونغ الأفرو- آسيوي المنعقد شهر أفريل 1955 بأندونيسيا، أين نجح ممثلو حزب جبهة التحرير الوطني في التعريف بكفاح جبهة التحرير الوطني ونضالها من أجل الاستقلال، ما جعل المؤتمر يخرج بتوصية تسجيل القضية الجزائرية في أجندة الأممالمتحدة. وشدّد الباحث في مؤلفه على أهمية هجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955 بقيادة زيغود يوسف، لافتا إلى أنها "أحدثت تغييرا جذريا في طبيعة الصراع"، و«أثرت في الرأي العام الجزائري"، و«أبانت جدوى توسيع ما تمّ البدء فيه شهر نوفمبر". كما تناول "مؤتمر الصومام" الذي يعد "المنعطف الحاسم" في تاريخ حرب التحرير، خصوصا أن ميثاقه "يعرض أسس الدولة الوطنية المستقلة". ومن عناوين هذا الإصدار أيضا "التعذيب"، إذ يقول مرداسي أن الجيش الفرنسي مارسه بصفة "ممنهجة" واعتبره "أداة من أدوات الحرب"، فقد عمد "بكثافة وعن قصد" إلى تعذيب الجزائريين ومعهم كل أوروبي يشتبه في عمله لصالح جبهة التحرير الوطني، من خلال "اللجوء إلى الوسائل الأكثر وحشية". ولدى تطرّقه لموضوع "الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية"، التي تأسست بالقاهرة في سبتمبر 1958، اعتبر المؤرخ أنها "لعبت دورا بالغ الأهمية في اكتساب الدعم الدولي". ومن المواضيع التي حملها أيضا هذا الكتاب مظاهرات ديسمبر 1960، وانقلاب الجنرالات الفرنسيين في 21 أفريل 1961، ومظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس، وحملة الحقائب، وكذا المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ولجنة التنسيق والتنفيذ، والمنطقة المستقلة للجزائر العاصمة، بالإضافة إلى معركة الجزائر وخط موريس ومعسكرات الاعتقال. وزود مرداسي مؤلفه بسير ذاتية للعديد من قادة الثورة والحركة الوطنية، على غرار مصالي الحاج ومحمد بوضياف وعبان رمضان والعربي بن مهيدي وفرحات عباس، كما قدّم مصادر ومراجع لكل موضوع تناوله لمؤرخين جزائريين وفرنسيين، وقد ضمّ الكتاب أيضا ملاحق حول مواضيع مختلفة كنداء أول نوفمبر 1954 وتشكيلة المجلس الوطني للثورة الجزائرية - أوت 1956. وستمنح حقوق المؤلف لهذا الإصدار، الذي نشر في طبعته الأصلية باللغة الفرنسية في 2013، في شكل هبات مادية لجمعية خيرية لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفقا للناشر. وألف مرداسي (1952- 2020) عدة كتب حول تاريخ مدينة قسنطينة، الموسيقى الجزائرية والثورة التحريرية، من بينها "الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، عهدة تاريخية / 19 سبتمبر 1958- 3 أوت 1962"، "نوفمبر 1954 من التمرّد إلى حرب الاستقلال"، وكذا "قسنطينة.. قلعة الثوار".