أكدت الشهادات الحية التي نقلتها «الشعب» من تيقنتورين بعد مرور 16 يوما عن الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له القاعدة الغازية بعين أميناس أن تحرير الرهائن بفضل تدخل القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي كانت معجزة حقيقية بالنظر للظروف المحيطة بالعملية التي تجعل من أي عملية إنقاذ عملية صعبة وشبه مستحيلة كونها وقعت بموقع غازي وعلى مساحة مكشوفة. وقف ممثلو نحو 150 وسيلة إعلامية وطنية، عربية وأجنبية أول أمس خلال زيارة ميدانية من تنظيم وزارة الاتصال بالتنسيق مع شركة سوناطراك إلى المنشآت الغازية بتيقنتورين بولاية إليزي، على ظروف العملية الإرهابية، حيث تابع الصحفيون عن كثب مختلف تفاصيل وسيناريو هذا الاعتداء الجبان الذي نفذته الجماعة الإرهابية المتعددة الجنسيات. البداية كانت بقاعدة الحياة حيث أعطى المدير العام لجمعية سوناطراك بريتيش بتروليوم ستات ويل لطفي بن عدودة صورة مفصلة عما عانوه خلال تعرضهم للاعتداء الذي تم في حدود الساعة الخامسة والنصف صباحا من قبل 12 إرهابيا مكشوفي الوجه باعتباره كان أول شخص قبض عليه دون أن يدرك الإرهابيون أنه المسؤول الأول عن الموقع الغازي. وقال بن عدودة أن الإرهابيين كانت لديهم معلومات وتفاصيل دقيقة عن الموقع ما يؤكد حسبه وجود تواطؤ لأنهم توجهوا مباشرة الى مبنى «في أي .بي» بحثا عن الشخصيات المهمة بالموقع، خاصة و نه كان هناك ثلاث مسؤولين يمثلون الشركات الثلاث وثلاث ضيوف آخرين. بن عدودة: الأجانب في الواجهة وأوضح بن عدودة أن الجماعة الإرهابية استهدفت الأجانب لاسيما الفرنسيين والبريطانيين والأمريكيين وأبعدوا الجزائريين إلى المبنى المجاور، مشيرا إلى أن القاعدة كانت تضم حوالي 400 عامل. وأشار المتحدث إلى انه في حدود الساعة العاشرة صباحا تم التعرف عليه كمسؤول أول عن القاعدة وطلبوا منه نقل مطالبهم إلى السلطات حيث استغلوه في المفاوضات وكانت أهم المطالب المرفوعة إطلاق السجناء، والذهاب إلى مالي رفقة الرهائن الأجانب وفتح الحدود الجزائرية المالية. كما أكد المدير العام لجمعية سوناطراك بريتيش بتروليوم ستات ويل انه تعرض مرتين للضرب من طرف إرهابي يتكلم اللهجة المصرية لأنه رفض التحدث بالانجليزية مع قناة أجنبية، وأمروه بالالتزام بأوامرهم وتنفيذ كل مطالبتهم. وحسب المتحدث فقد قامت المجموعة الإرهابية بفصل الرهائن الجزائريين الذين وضعوهم في العمارة المجاورة والأجانب الذين تم ربطهم بأحزمة ناسفة وتقييد أرجلهم وأيديهم، وبعد حلول الليل تم جمعهم في ساحة القاعدة، حيث تم اتخاذهم كدروع بشرية خوفا من أي هجوم عسكري باعتبار أن الخطر الذي كان قائما هو خطف الأجانب ليلا لأنهم كانوا متأكدين من الخروج من القاعدة. وأوضح بن عدودة «يوم الخميس 17 جانفي كان مغايرا تماما كون الجماعة الإرهابية غيرت استراتيجيتها حيث أصبحت أكثر عنفا، لاسيما بقاعدة «جي جي سي» اليابانية حيث تم احتجاز الجزائريين اذ تفاجأوا بمجموعة إرهابية أخرى أكثر عنفا شرعت في قتل الرهائن الأجانب بعد أن تأكدوا من أنهم لن يستطيعوا الخروج، حيث بدأ تقسيم الأجانب إلى فوجين في حدود الساعة التاسعة والنصف وطلبوا سيارات، ووقود وغذاء وكان هدفهم الذهاب إلى المصنع. وفي حدود الساعة العاشرة صباحا بدأت القوات الخاصة بإطلاق النار وهنا قرر الجزائريون الركض نحو البوابة، وقد تم إصابة أمير الجماعة الإرهابية المدعو بالطاهر، وهنا حدث ارتباك وسط الإرهابيين والرهائن الأجانب حيث رصدت هذه الحالة لأني كنت آخر الفارين باتجاه البوابة». من جهة أخرى وحسب نفس المسؤول توجهت مجموعة من الإرهابيين بسيارات رباعية الدفع إلى المصنع الذي يضم في الحالات العادية ما بين 600 إلى 700 عامل باعتباره يتكون من 03 وحدات وكانت غايتهم تفجيره وهو في خالة تشغيل لإحداث أكبر ضرر من المفترض ان يصل مداه إلى 70 كلم، ولهذا قاموا بتفجير سيارة ملغمة داخل الوحدة الثالثة التي تضررت قليلا مقارنة بالوحدة الثانية. وأشار بن عدوعة في هذا السياق إلى أن الفضل في تقليص حجم الكارثة يعود إلى نظام الأمن المعتمد فبمجرد إطلاق صافرة الإنذار تم توقيف المصنع نهائيا وتفريغ الأنابيب وهو ما حال دون حدوث الكارثة رغم محاولة الإرهابيين إجبار الجزائريين على إعادة تشغيله. ضخ 35 ٪ من الغاز بعد إعادة تشغيل الوحدة الأولى وحول حالة المنشأة الغازية اليوم بيتقنتورين ومدى تأثير هذا الاعتداء الإرهابي على عملية الإنتاج كشف بن عدودة أنه سيتم في الأيام القليلة المقبلة ضخ 35 % من الغاز الذي ينتج بالمركب من مجموع إنتاج يقدر ب24 مليون متر مكعب من الغاز في اليوم، منه الغاز المكثف في الأنابيب في أقرب الآجال وذلك من خلال التركيز على الوحدة الأولى. وأوضح المتحدث في هذا السياق أن إحدى وحدات إنتاج الغاز المتضررة بعد هذا الاعتداء خضعت لعملية تفتيش ومراقبة من طرف قوات خاصة تابعة للجيش الوطني للتأكد من تطهير المصنع وخلوه من الألغام التي اكتشفت بعد العودة إلى الموقع يومي الجمعة والسبت. من جهة أخرى كشف بن عدودة أن 120 خبيرا جزائريا يقومون حاليا بعمليات تفقد على مستوى هذه الوحدة المتضررة لتقييم الخسائر والتحقق من عدم وجود أي خطر بها، علما ان هناك تجارب على مستوى وحدة الإنتاج الأولى لبحث إمكانية حصول تشغيل جزئي لها بإشراف كلي من عمال جزائريين في الأسبوع المقبل خاصة بعد إعادة تشغيل الكهرباء، اذ أن سوناطراك اتفقت مع شركائها على عدم استئناف العمال الأجانب للعمل إلا بعد ثلاثة أشهر. كمال الدين شيخي: إعادة تشغيل المركب بعد سلامته وتأمينه
أكد المدير التنفيذي للشراكات كمال الدين شيخي، أول أمس، أن عملية الإنتاج متوقفة حاليا على مستوى الوحدات الثلاثة لمصنع تيقنتورين إلى حين التأكد من سلامة مختلف التجهيزات وإصلاح الأضرار الناجمة عن الاعتداء الإرهابي غير أنه لم يكشف عن الموعد المحدد لإعادة التشغيل. وقدم شيخي بالمناسبة بطاقة تقنية للمنشآت الغازية بتيقنتورين التي تعرضت لاعتداء إرهابي، والواقعة على بعد 1300 كلم جنوبالجزائر العاصمة على مستوى حوض إليزي، مشيرا إلى أن قدرة الإنتاج قبل ذلك كانت تقدر ب 24 مليون متر مكعب يوميا أي ما يعادل 14 مليون وذلك في اطار اتفاقية لتقاسم الإنتاج المتعلق بالتنمية واستغلال الغاز الطبيعي والغاز المميع «جي بي آل» والمكثفات المستخرجة من مناجم منطقة عين أمناس. وأشار المتحدث إلى أن سوناطراك أبرمت اتفاقية تعاون مع الشركة البريطانية «بريتيش بيتروليوم» في 29 جوان 1998، بالإضافة إلى انضمام الشركة النرويجية «ستات ويل» إليهما والتي تعمل بعين أمناس بموجب التوقيع على ملحق لعقد الشراكة تتنازل بموجبه شركة «بريتيش بيتروليوم» لصالح «ستات ويل» بنسبة 50 بالمائة من حقوقها والتزاماتها في هذا العقد وذلك في 3 أفريل 2004. ويضم الموقع أربعة حقول من بينها حقل في طور الاستغلال «تيقنتورين» في حين تتواجد ثلاثة حقول أخرى في مرحلة التطوير «حاسي فريدة، حاسي وان، عبيشو ووان تاردرت»، حيث تشرف سوناطراك وبريتيش بتروليوم وستات ويل على استثمارات التطوير والاستغلال الإنمائي من مشروع عين أمناس تقارب 2,55 مليار دولار. وفيما يتعلق بمخطط التنمية الخاص بمشروع عين أمناس يتوقع بناء مصنع لمعالجة الغاز الرطب يضم ثلاث قاطرات لاستخراج غاز البترول واستقرار المكثفات وتزويد الغاز الجاف بالمواصفات التجارية لغاز البيع، وتخزين السائل وضخ محطة الشحن، محطة توليد الكهرباء، منشآت قاعدية، بالإضافة إلى إنشاء محطة ضاغطة عند مدخل مصنع معالجة الغاز من اجل الحفاظ على الهضبة التعاقدية للإنتاج والذي هو في مرحلة الانجاز مع الشركة اليابانية «جي جي سي». مسؤول الإقامة والمطعم: عودتنا إلى العمل تحد ورد على الاعتداء الإرهابي أكد جمال المسؤول عن الإقامة والمطعم بالقاعدة الغازية بتيقنتورين أنه على الرغم من تأثرهم العميق بآثار الاعتداء الإرهابي الذي مس الموقع الغازي وما خلفه من ضحايا لاسيما في صفوف الرهائن الأجانب الذين كانوا بمثابة عائلة واحدة رغم اختلاف الجنسيات واللغات، إلا أن تواجده اليوم بعين المكان مباشرة بعد استعادته من طرف قوات الجيش الخاصة يعد تحديا في ذاته ودرسا للإرهابيين الذين لم يستطيعوا النيل من عزيمتهم وتدمير مصدر قوت الجزائريين. وأكد جمال في حديث مع الصحافة في معرض شهادته أن الجماعة الإرهابية التي تعرضت له طلبت منه فتح المخزن والمطعم لأخذ ما يلزمهم قبل خروجهم من القاعدة. وأوضح أن رؤية زملائه الأجانب مقيدين ومحاطين بأحزمة ناسفة «كان أمرا فضيعا جدا ولا ينم عن أي إنسانية ولا يمكن نسيانه، ورغم ذلك فالعمال اليوم مصرون على مواصلة العمل رغم حالة الحزن التي لازالت تخيم عليهم»، مشيرا إلى أن الواجب يفرض عليهم الوقوف مجددا استعدادا لإعادة تشغيل المنشأة الغازية.