صدر مؤخرا عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر بلبنان كتاب: »نقد الحداثة في فكر نيتشه« للدكتور محمد الشيخ. وجاء في كلمة التعريف لهذا الكتاب للشبكة العربية للأبحاث والنشر، أنه بيننا وبين فكر المفكر الألماني »فريدريش نيتشه« (1844 1900 ) ألف حجاب وحجاب، وهي أحجبة على ضربين، ضرب عائد إلى صاحب النظر نفسه، وضرب عائد إلى قارئه. من جهة أولى، لا شك أن أسلوب »نيتشه« الهرمسي، وأقنعته المتعددة، وعباراته الثرة... مسؤولة عن بعض »اشتكال« اعترى فكر الرجل، فهو من اعتبر أن الأصل في فلسفته هي فلسفة نابتة متوحد، أنها »فلسفة أقواس؟« وهو من استعار بغاية وصف هذه الفلسفة المستعصية، استعارة »الكهوف« التي هي أشبه ما تكون بالدمى الروسية، بحيث صار وراء كل كهف نظر كهف آخر ثوى خلفه أعمق منه وأخفى وأغرب. ومن جهة أخرى، قراء أنظار »نيتشه« على طرفين احتجاجا إلى وساطة المنتقدون لها والمعتقدون فيها، من الأوائل من »أثم« نيتشه وقد ادعى أنه كان لفكر النازية نسبيا، ومن الآخرين من ذهب في تبرئته كل مذهب حتى سوغ مالا يكاد يسوغ من آراء الرجل. من هذا المنطلق، يسعى الباحث في هذا الكتاب بداية إلى محاولة رفع بعض الحجب التي اعترت فكر »نيتشه«، وذلك بالعودة إلى فكره دون »وساطة«، فلقد آن الأوان حسب الناشر بعد إتمام صدور أعمال »نيتشه« الكاملة مترجمة ومحققة، أن يعمد الباحث المهتم بفكر هذا الفيلسوف إلى الوصل مع متن المفكر وإلى القطع مع أشتات آرائه. وقد تحصل عن هذا أمران اثنان: أولهما: عمل هذا الكتاب على الإستجابة إلى نداء »نيتشه« الداعي إلى أن تقرأ أعماله على تشذرها التشذر البديع بضرب من القراءة »نسقي«، بحيث لا تؤخذ الشذرة المفتتة من هنا لتعارض بتلك هناك، وإنما تقرأ قراءة الوهلة الواحدة بالنفس الواحد، وثانيهما: حاول الباحث في هذا الكتاب إعادة بناء فكر »نيتشه« بكامله بدءا من بسائط مفاهيمه. وقد قادته في هذا البناء الجديد أنظار »نيتشه« في »الحداثة« تعريفا وتوسيما ونقدا. وللإشارة، فإن الكتاب يقع في 758 صفحة، تتصدرها مقدمة وعشرة فصول مقسمة إلى أربعة أقسام. عالج القسم الأول تاريخ البشر وتاريخ أنظارهم من القدامة إلى الحداثة، أما القسم الثاني فعالج جينالوجيات الحداثة، أما القسم الثالث فقد نقد الحداثة وفي القسم الرابع حثّ على تجاوز الحداثة.