مبادرة الرئيس تبون تصنع الفارق وتحقق الإجماع جهود واثقة تجنب المنطقة مخاطر التدخل العسكري تواصل الجزائر مساعيها للمساهمة في إرساء حل سلمي وسياسي للأزمة في النيجر، من خلال الجهود المتسارعة والمكثّفة على عدة مستويات، في إطار تفعيل كافة الطرق والسبل الدبلوماسية من أجل ضمان العودة إلى النظام الدستوري في هذا البلد، عبر إعادة الوضع إلى الشرعية في إطار دولة الحق والقانون والعمل على اتخاذ التدابير اللازمة بغية التوصل إلى إيجاد مخرج للأزمة وتسوية سياسية تجنب المنطقة تداعيات التدخل العسكري وتعيد الوضع إلى الإطار الديمقراطي. تُكثّف الجزائر تحركاتها على كافة الأصعدة لرسم خارطة طريق، نحو حل الأزمة في النيجر والعودة للمسار الدستوري، وفق مقاربة استراتيجية سياسية ومبادرة تقدم بها رئيس الجمهورية في إطار رؤية تضمن احترام مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية وتحقق التفاف الجميع حول الخيار السلمي بعيدا عن أي تدخل عسكري، بما يضمن الاستقرار والأمن في المنطقة، معتمدة على رؤيتها وتصورها الذي يستند إلى رصيدها الدبلوماسي الكبير، ومواقفها العادلة على المستويين الدولي والإقليمي، وخاصة تجاه أزمات منطقة الساحل الإفريقي. في هذا الإطار، يؤكد أستاذ الفلسفة السياسية عبد الرحمن بن شريط، أن الجزائر تتبنى مواقف ثابتة ولديها سياسة معتدلة تؤكد دورها المحوري على المستوى الإقليمي. مضيفا أن حرصها على ضمان الاستقرار والتنمية في دول الساحل الإفريقي ومقاربتها السياسية السلمية في حل النزاعات يجعلها عرضة للاستهداف في أمنها وسياستها. وقال أستاذ الفلسفة السياسية، إن الجزائر تسعى، من خلال مبادرة رئيس الجمهورية لحل أزمة النيجر بمقترحاتها السلمية، إلى تجنيب المنطقة ويلات حرب مستعرة قد ينتشر أذاها إلى أبعد مدى. ووصف بن شريط رؤية الجزائر الاستباقية المعتمدة، بأنها «بعيدة النظر لا تقف عند التعامل مع الأزمة سياسيا وعسكريا فقط، وإنما تعمل أيضا على الارتقاء إلى مستوى آخر من التعامل مع الأزمة النيجرية ويتعلق الأمر بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، وهو ما رافع لصالحه الرئيس تبون عدّة مرات، حيث أوضح أن إشكاليات متعددة يمكن تفاديها بتوفير الواقع المعيش المناسب للأفارقة، وفتح المجال أمامهم كي يحظوا بالحياة الكريمة في أوطانهم من خلال توسيع الاستثمار. وأوضح المتحدّث، أن منطقة الساحل الإفريقي تعيش مرحلة مفصلية تفرض التجنّد والاستعداد لمواجهة التهديدات والمخاطر المحتملة في المنطقة وحماية حدودها والدفاع عن مصالحها، مبرزا أهمية التحركات السياسية والدبلوماسية للجزائر على أعلى مستوى من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة في النيجر وإيجاد مخرج سياسي يجنب المنطقة تداعيات تدهور الوضع على المنطقة. للتذكير، فقد أطلق رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مبادرة سياسية لحل الأزمة في النيجر، في إطار رؤية تضمن احترام مبدإ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية وتحقق التفاف الجميع حول الخيار السلمي، بعيدا عن أي تدخل عسكري. وكان وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، قد أوضح، في ندوة صحفية، أن مبادرة رئيس الجمهورية ترتكز على ستة محاور، حيث «تؤكد على ضرورة مشاركة وموافقة جميع الأطراف في النيجر، دون إقصاء لأي جهة مهما كانت، على أن لا تتجاوز مدة هذه الترتيبات ستة أشهر، وتكون تحت إشراف سلطة مدنية تتولاها شخصية توافقية تحظى بقبول كل أطياف الطبقة السياسية في النيجر وتفضي إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد». وتشدّد مبادرة الرئيس تبون على حتمية إعطاء الأولوية للحل السياسي واستبعاد خيار اللجوء للقوة، بالنظر لما قد يفضي إليه هذا الخيار من عواقب وخيمة على النيجر وعلى المنطقة برمتها. وتتضمن مبادرة رئيس الجمهورية، سعي الجزائر إلى تنظيم مؤتمر دولي حول التنمية في الساحل، بهدف تشجيع المقاربة التنموية وحشد التمويلات اللازمة لتنفيذ برامج تنموية في هذه المنطقة التي هي -يقول الوزير- «أحوج ما تكون إلى البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن الاستقرار والأمن بصفة مستدامة». ويضيف، بأن المقاربة السياسية في حل المشاكل في المنطقة «لا تكفي، بل نحن بحاجة لعمل متمم ومكمل على الصعيد الاقتصادي»، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر «يأتي في نهاية المطاف كتتويج للعملية السياسية وليس منطلقا أو بداية».