تمضي الجزائر الجديدة قُدُما في مشروع التحول الاقتصادي والتوجّه نحو نموذج عصري، بالاعتماد على استراتيجية جديدة تهدف لتنويع شركائها الاقتصاديين والوصول إلى أسواق عالمية، في إطار تعزيز العمل الدبلوماسي الاقتصادي وتكريس علاقات استراتيجية قوية ومميزة على جميع المستويات واتخاذ إجراءات جديدة وفق رؤية أكثر واقعية تسمح بتحرير الاقتصاد الوطني من التبعية للمحروقات. تنتهج السلطات العليا في البلاد سياسة جديدة تقوم على دبلوماسية تعميق الشراكات والتحالفات الاستراتيجية وتعزيز الروابط الاقتصادية وتطوير العلاقات الدولية، في إطار التطلع لبناء شراكات كبرى مربحة للاقتصاد الوطني وفق مقاربات أكثر جدوى، وذلك من خلال تحركات الدبلوماسية الاقتصادية المكثفة، تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وحرصه على تفعيل وتعزيز آليات التعاون الاقتصادي مع الشركاء الأجانب وخلق نماذج مطورة للدفع والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والشراكات الإستراتيجية إلى مستوى أعلى وإدراج الدبلوماسية الاقتصادية في قائمة الأولويات، تماشيا مع المعطيات الإقليمية والدولية الراهنة. وباشرت الجزائر، وفق استراتيجية ورؤية رئيس الجمهورية، تجسيد إصلاحات اقتصادية هيكلية وعميقة وتبني سياسة التنويع الاقتصادي وكذا تطوير قدراتها الاقتصادية وتعزيز مستوى شراكاتها الكبرى، فضلا عن رفع صادراتها ودعم قطاعات الإنتاج المحلي، مع توسيع وجذب الاستثمارات والمصادر المالية من خلال إصلاحات قانونية عززت الترسانة التنظيمية في البلاد وساهمت في خلق آفاق واسعة نحو الانفتاح في حقل الاستثمار، لاسيما في القطاعات الحيوية، بالإضافة إلى التوجه نحو التكتلات الدولية لفتح أفاق اقتصادية جديدة. وترتكز استراتيجية الجزائر على الانضمام إلى أكبر المنظمات الاقتصادية الدولية من أجل المضي قدما في مشروع التحول الاقتصادي والتموقع أكثر في أسواق العالم وتعزيز مكانة الجزائر في الساحة الدولية لمواجهة التحديات الراهنة، ويتجسد ذلك من خلال مساعي انضمام الجزائر لمنظمة «شنغهاي» للتعاون وقبلها إلى المجموعة الاقتصادية «بريكس» والشراكات المالية مع البنوك الدولية من أجل خدمة أهدافها الاقتصادية والسياسية والحفاظ على المصالح الوطنية وتحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية. في هذا الإطار، أكد الأستاذ والباحث في الشؤون الجيوسياسية الدكتور رشيد علوش ل»الشعب»، أن الدولة تسعى إلى كسب رهان الدبلوماسية الاقتصادية والتي ستكون، بحسبه، آخر التحديات التي تنتظر الجزائر من أجل تبوإ مكانة ريادية في المنظومة الاقتصادية العالمية وضمان مكانة اقتصادية دولية مع كبار الدول، من خلال تعزيز العمل الدبلوماسي الاقتصادي بتكريس علاقات استراتيجية قوية ومميزة على جميع المستويات من أجل الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للبلاد، من خلال حرصه على تفعيل آليات إعادة صياغة ورسم أولويات الدبلوماسية الجزائرية من أجل سياسة خارجية نشطة، قادرة على كسب العديد من الرهانات على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي. وأبرز المتحدث، أهمية تفعيل عمل الدبلوماسية الاقتصادية لتعميق الشراكات والتحالفات الاستراتيجية وتبني سياسة تعتمد على الجدوى الاقتصادية في الفضاءات الدولية الجديدة، مشيرا إلى دورها في تحقيق مسعى التحول الاقتصادي والمساهمة في تعزيز مكانة الجزائر أكثر على الصعيدين الإقليمي والدولي.