منطقة الجنوب ستشهد حركة تنموية أفقية غير مسبوقة عكف محمد أمين برجم، رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السفر، على تشخيص واقع وأدوات النهوض بالسياحة الصحراوية، وأثره على المنظومة السياحية الجزائرية، واعتبر أن النمط الذي يميز الجزائر عن باقي دول حوض البحر المتوسط، ذا خصوصية ومميز بشكل فارق في السوق العالمية، مؤكدا أن السياحة الصحراوية ستكون قوة جاذبة للسياح والثروة ومستحدثة لمناصب الشغل خاصة في المدن الصحراوية والمستقبل خلال سنوات قليلة سيكون واعدا وبمثابة أحد الأعمدة لروافد الحركية الاقتصادية. يعتقد محمد أمين برجم رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السفر، أن طبيعة الاستهلاك السياحي في الوقت الحالي تغيرت كثيرا، بعد أن صارت الوجهات التقليدية شبه مستهلكة، لأن السائح عندما يقوم بزيارة وجهة ما، خمسة أو ستة مرات، دون شك، فإنه يشعر بعد ذلك بالملل، ولذا تجده دوما يبحث عن الجديد في السوق السياحية، ويعتقد برجم - في سياق متصل - أن معظم الوجهات السياحية المتمركزة على مستوى دول البحر المتوسط، لم تعد تغري السياح لأنهم زاروها عدة مرات، لذا تحولت فضاءات السياحة الصحراوية إلى وجهات أكثر جذبا وسحرا ومازال هذا النمط جدير بالاكتشاف خاصة بالنسبة للسياح التقليديين ونقصد بهم الأوروبيين الذين يعرفون الجزائر جيدا، منذ سنوات عديدة، ومازالوا منبهرين بتنوعها وثرائها، ولم يخف رئيس جمعية وكلاء السياحة أهمية الحديث عن صيت السياحة الجزائرية منذ عقدي السبعينيات والثمانينيات، ولذا، يقول محدثنا، تبدو الصورة واضحة وساحرة بالنسبة للأوروبيين عن هذا النمط السياحي في الجزائر ويزداد عليه الطلب باستمرار. كل شيء جاهز وفيما يتعلق بموسم السياحة الصحراوية الحالي، أوضح برجم أنه على غرار السنوات الماضية، تميز للمرة الثانية على التوالي، تميز هذا الفضاء باستقبال السياح عن طريق تأشيرة التسوية على مستوى المطارات، خاصة بالنسبة للسياح الأوروبيين المتعطشين لمثل هذا النوع من السياحة، ولأن طلبهم عليها كبير، وكما أنه لا يخفى - بحسب برجم - أن وكالات السياحة والأسفار كانت في السابق تواجه صعوبات في استصدار التأشيرات للسياح الأجانب، وبالنسبة لعملية تسهيل تدفق مجموعات السياح في إطار منظم، فإن التواصل والعمل يجري مع وزارة السياحة، ويتم في هذا الإطار التنسيق مباشرة مع السفارات الجزائرية في الخارج والوزارة الوصية، لذا سجل نجاحا كبيرا في إزالة كل العراقيل، لتحل محلها التسهيلات الكبيرة. وبالموازاة مع ذلك، توجد عدة مزايا تقوي من الآثار الإيجابية المحفزة لتحويل السياحة كأحد الآليات المشجعة على تدفق الثروة والإيرادات من العملة الصعبة، كون الصحراء الجزائرية تضم عددا كبيرا من المطارات الدولية التي يمكنها استقبال الرحلات من مختلف عواصم العالم، ولأن الجزائر - يقول برجم - تتوفر على مطار دولي في كل من جانت وبسكرة والوادي وغرداية وتمنراست، وكل هذه المدن يمكنها استقبال رحلات جوية من الخارج، بدأت هذه الرحلات منذ العام الماضي. بالنسبة لموسم السياحة الصحراوي الجديد، انطلقت أولى رحلاته منذ أسابيع، عبر خط باريس- جانت، في انتظار برمجة رحلات أخرى من عواصم أوروبية عديدة نحو الولايات الجنوبية المستعدة لاستقبال السياح، لأن هذا النوع من السياحة لا يعتمد كثيرا على هياكل قاعدية فندقية، بل يرتكز على سياحة المغامرات والتخييم كنمط بالنسبة للإقامة والسكن للمجموعات التي تضم السياح لاكتشاف الصحراء الساحرة أو الإقامة في مراكز إقامات تقليدية، تقدم السكن وحتى بالنسبة للتخييم، توجد العديد من وسائل الراحة، وعلما أن هذا الفضاء تطور كثيرا، حيث أن بعض الخيم يمكن أن تقدم خدمات أربع وخمس نجوم. سياح في الموعد ومما يكمل هذه الإمكانيات المرصودة نجد أن مختلف الظروف الإدارية واللوجستية متوفرة للسياح القادمين من مختلف دول العالم، لأن السياحة في الفضاء الصحراوي تأخذ عدة أشكال والصحراء الجزائرية تختلف، فالجيولوجيا في مدينة وادي سوف ليست المتوفرة في غرداية أو تمنراست وجانت وكذا بسكرة، فنجد مظاهر السبخة وألوان الرمال المختلفة وتأخذ حوالي 80 نوعا من الرمال، أي توفر تنوع كبير فيما يخص النقوش الصخرية التي تعود إلى ملايين السنيين، وتشهد على تواجد الإنسان في الصحراء الجزائرية، وكذلك بالنسبة للعادات والتقاليد المتنوعة، وإلى جانب الغطاء النباتي والحيواني رغم حساسيته ولكنه يقدم متعة كبيرة للراغبين في استكشاف الصحراء. كما تملك المدن الصحراوية الجزائرية أكبر متحف طبيعي مفتوح، متمثلا في "طاسيلس ناجر"، وكلها تمكن هذا النوع من السياحة المتمثل في سياحة الفضاء الصحراوي، أن تفتك خلال السنوات المقبلة حصة الأسد من الحركية السياحية في دول البحر المتوسط، لأن هذا النوع جد مطلوب في السوق السياحية في الوقت الراهن، ومع إجراءات غير مسبوقة أدرجتها الجزائر، ومنها تسهيلات محسوسة في النقل الذي عادة ما يكون عائقا ومع زيادة في حجم الرحلات الجوية، يمكن أن تكون أداة جذب بهدف الرفع في عدد السياح الراغبين في استكشاف الصحراء الجزائرية. واقترح رئيس جمعية المهنيين في مجال وكالات السفر والسياحة، ضرورة استعمال هذه القطاع المهني بما يتماشى مع مبادئ السياحة المستدامة، نظرا لهشاشة وحساسية الحياة الطبيعية من أجل حفظها للأجيال القادمة، عن طريق احترام كل ما يتعلق بالسياحة المستدامة، لأن الإرث الموجود حق للجميع لاستكشاف جوهرة مميزة في العالم عبر مختلف الأجيال. رحلات استكشافية ووقف برجم على الحرص والسهر الدائم على تنظيم رحلات استكشافية وتسطير برامج سياحية والتقرب من المدن السياحية التي تقدم برامج للسياحة الصحراوية، وتطرق إلى خوضهم تجربتين، الأولى كانت في مدينة الجلفة التي تبعد عن العاصمة نحو 300 كلم، لكنها تتمتع بعديد مزايا السياحة الصحراوية مثل النقوش الصحراوية والمناظر الخلابة وحضروا من أجل هذه المدينة سلسلة من البرامج السياحية. أما في الوقت الراهن، تسوق الوكالات المنضوية تحت لواء الجمعية لهذه السياحة، وكذلك تم إعداد برامج متعددة لولاية البيض وبالتحديد على مستوى مدينة "بريزينة" والشلالة وحضرت برامج لولايات صحراوية أخرى، تملك مؤهلات بالنسبة للسياحة، وعلى خلفية أن الدور الجوهري للجمعية يكمن في استحداث وإطلاق برامج سياحية صحراوية لفائدة الوكالات المنخرطة للتسويق والترويج لها وسط السياح الأجانب، وإلى جانب ذلك تقوم الوكالات السياحية بالترويج للسياحة الصحراوية على مستوى الصالونات الدولية من أجل التسويق لهذا المنتوج الجيد والجدير بالاكتشاف. وتناول المتحدث أبعاد هذه السياحة الثرية والعريقة، لكن من حيث بعدها الداخلي، لأن السائح الجزائري مهتم باكتشاف عديد الوجهات الصحراوية، وذكر أن العديد من العائلات الجزائرية، صارت تفضل قضاء إجازتها الخريفية والشتوية والربيعية في المناطق الصحراوية، لذا يعولون كثيرا على الترويج للسياحة الداخلية خاصة أن العائلات الجزائرية، يمكنها برمجة رحلتين أو ثلاث في السنة ولو لمدة قصيرة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أيام. وفي تقديره، تبقى نسبة كبيرة من السياح المنتظرين من السياحة الداخلية، فبعد أن كانوا يقضون عطلتهم في الخارج، صارت أمامهم اليوم الفرصة لقضاء عطلتهم في صحراء بلدهم، علما أنه خلال وبعد الجائحة، صار السائح الجزائري، يهتم ويطلب الوجهة السياحية المحلية، وهذا ما يراهن عليه فيما يخص السياحة إلى جانب السوق التقليدي الأوروبي أو الأسياوي وحتى الأمريكي. ويتوقع أن عملية استقبال الأعداد الكبيرة من السياح الأجانب، ستتحقق بشكل تدريجي؛ لأن كل الإجراءات هيئت لاستقبال والتسهيل لأكبر عدد من السياح الأجانب للتدفق على الفضاءات السياحة خاصة منها الصحراوية بصفة مدروسة ومعقولة. وفي خضم الاستثمارات الكبيرة الجاري تجسيدها صارت السياحة قطاعا اقتصاديا أفقيا عندما يتحرك تتحرك معه مختلف القطاعات الأخرى مثل النقل والفلاحة والصناعة وتسير في خط متعدد الوجهات والخدمات، وفوق ذلك تشجع على ترويج الصناعة التقليدية وتحفز العائلات المنتجة في أعماق الجنوب بالعطاء، وتوفر لهم مناصب عمل ومصادر دخل وهذا ما يسمح بإرساء الحركة الاقتصادية بفضل نمو السياحة وإلى جانب إبراز الصورة الجميلة للسياحة الجزائرية.