يتميز طلبة جامعة معسكر بقدرات علمية خارقة، ويخوضون معترك الابتكار والبحث العلمي دون هوادة، تؤطرهم نخبة من الأساتذة الجامعيين وتصقل مواهبهم العلمية، بأقسام حاضنة الأعمال لذات الجامعة، التي استطاعت افتكاك المرتبة الثامنة وطنيا، من حيث براءات الاختراع المسجلة، منذ الإعلان عن القرار 1275، فضلا عن مرافقتها لأزيد عن 400 طالب في مجال المقاولاتية والمؤسسات الناشئة. تعتزم حاضنة الأعمال لجامعة معسكر، بلوغ 150 مشروع علمي مبتكر، وتسجيل 50 براءة اختراع على الأقل. وتصب أغلب المشاريع والأفكار المبتكرة للطلبة الذين تؤطرهم حاضنة الأعمال لجامعة معسكر، في خدمة ثلاثية الأمن الغذائي، الصحي والطاقوي، تحقيقا لمسعى تحويل القيمة العلمية للأبحاث العلمية والمذكرات الجامعية، إلى قيمة اقتصادية، بما يتماشى مع احتياجات الاقتصاد الوطني ومواكبة للتغيرات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية، الحاصلة بشكل متسارع، على المستوى العالمي، فضلا عن التغيرات الطارئة على الظروف الطبيعية والبيئية والمناخية، التي تحتم التركيز على إيجاد حلول لتنمية مستدامة أداتها العلم. منافسة شديدة قال البروفيسور عبد القادر حريزية، رئيس قسم علوم الزراعة، بجامعة معسكر، ل "الشعب"، إن الجامعات الجزائرية اليوم، باتت تشهد منافسة شديدة لإنتاج أفضل ما يمكن من أبحاث وابتكارات، في ظل القرار 1275، الذي يحول القيمة العلمية للأبحاث إلى قيمة اقتصادية، يعتمد عليها في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية، مشيرا إلى أن القرار هو خطوة أولى نحو تحقيق اقلاع إقتصادي حقيقي، على كافة المستويات والقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، على غرار قطاع الزراعة. وأوضح البروفيسور حرايزية، أن كل الأعمال المنجزة بمخبر علوم البيئة وتنمية المساحات، لجامعة مصطفى اسطمبولي، يمكن استغلالها من أجل تحقيق الأمن الغذائي، بما فيها 5 فرق بحث متخصصة، تعمل على تجسيد فحوى اتفاقية إطار مع الديوان المهني للحبوب والبقوليات الجافة، والرامية إلى إجراء أبحاث علمية تطبيقية، ذات بعد إرشادي وتكويني في شعبة الحبوب، لفائدة إطارات قطاع الفلاحة، الطلبة الباحثين ومنتجي الحبوب. وعلى هذا الأساس، تم إطلاق برنامج بحثي بعنوان الموسم الجامعي 2023-2024، مشكل من ثلاثة مشاريع علمية، ترتكز على الإرشاد والتكوين. وذكر رئيس قسم العلوم الزراعية، أن الهيئة العلمية لكلية علوم الطبيعة والحياة والديوان الوطني المهني للحبوب، قد اتفقا على توسيع مجالات البحث، في الموسم الجامعي المقبل، وفق احتياجات القطاع الفلاحي، موضحا أن المشاريع البحثية الثلاثة التي ستنجز هذا الموسم، تشمل مجال السقي الفلاحي باستغلال التكنولوجيا الحديثة، دراسة سلوك بعض أصناف القمح الصلب واللين، وتطوير مسار زراعة البقوليات الجافة، حيث ستحتضن المزرعة التجريبية التابعة لجامعة معسكر، هذه المشاريع البحثية الثلاثة، على أن تسمح بنود الاتفاقية المبرمة، بنقل الكفاءة والخبرة العلمية إلى عموم منتجي الحبوب، وبالتالي تحقيق نجاعة الأبحاث العلمية. ويتعلق المشروع العلمي الأول لقسم الزراعة بكلية علوم الطبيعة والحياة، بحسب حرايزية، بعقلنة وترشيد السقي الفلاحي للحبوب، لاسيما القمح الصلب واللين، على مستوى المساحات الزراعية بالمنطقة الغربية للبلاد، التي تعتمد على المغياثية، وتلجأ إلى السقي التكميلي في فترات متقدمة من الإنتاج، حيث تستهدف الأبحاث التأطير العلمي لعملية السقي والسقي التكميلي، من خلال معرف احتياجات منتوج الحبوب، في حالات التقلبات الجوية، باستعمال المقاييس العلمية المطلوبة والاستعانة بالذكاء الاصطناعي. كما يهدف المشروع العلمي الثاني، لقسم الزراعة، إلى دراسة سلوك أصناف معينة من القمح الصلب واللين، قصد استنتاج أصناف ملائمة لمناخ المنطقة ومقاومة التقلبات الجوية، فضلا عن توخي عنصر جودتها من حيث النوعية ومردودية الإنتاج، الأمر الذي يتيح تنويع أصناف بذور القمح الصلب واللين أمام المنتجين. أما المشروع العلمي الثالث، فسينجزه مخبر البيئة وتنمية المساحات. وأوضح البروفيسور حرايزية، أنه يتعلق بتطوير زراعة البقوليات الجافة، على غرار العدس، من خلال تطوير مسار إنتاج تقني متكامل، في مجال مكافحة الأعشاب الضارة التي تعد عائقا أمام الفلاحين، وتنفرهم من خوض تجارب زراعة البقوليات وبالتالي تطوير هذه الشعبة الفلاحية. وتزامنا مع إطلاق المشاريع البحثية الثلاثة، تعتزم جامعة معسكر إطلاق مشاريع مبتكرة في عدة اختصاصات علمية، ذات صلة بتطوير الإنتاج في قطاع الفلاحة وبالتالي تحقيق الإكتفاء الغذائي. استحداث مراكز تفكير وطنية متخصصة أما الدكتور عبد المجيد سجال، الباحث في السياسات الاقتصادية، فقد رافع لصالح استحداث مراكز تفكير وطنية متخصصة في مجالات الصحة، المالية، الرقمنة، الفلاحة وغيرها من المجالات الاستراتيجية... على أن تكون هذه المراكز بديلا للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أو مكملة لعمله، وتنبثق منها مراكز تفكير ولائية في شكل مجالس علمية تكون بمثابة هيئات استشارية فعلية وشريكا للجماعات المحلية في التخطيط للتنمية، اقتداءً بتجارب الدول المتطورة، على غرار النموذج الأمريكي في إقامة مراكز للتفكير. ورأى الدكتور سجال، من خلال "الشعب"، أن الاعتماد على البحث العلمي في تحقيق ثلاثية الأمن الغذائي، الصحي والطاقوي، من التحديات الكبرى التي لابد أن تنخرط كل السواعد الوطنية لبلوغها، في وقت يعتبر التحفيز هو مشكلة البحث العلمي الجامعي في الجزائر، إذ يبقى الحافز الوحيد بالنسبة للكثير من الباحثين من أجل البحث العلمي، هو الترقية وخدمة السيرة الذاتية، لهذا يبحث الأستاذ الجامعي عن كمّ المقالات التي ينشرها والأطروحات التي يؤطرها وليس عن نوعية البحوث العلمية وعلاقتها باقتراح الحلول التطبيقية.