سرّب جيش الاحتلال صورة جماعية لعشرات المدنيين الفلسطينيين المحتجزين في شمال غزة وهم شبه عراة، في مشهد يذكّر الفلسطينيين بمجازر الاحتلال في الطنطورة ودير ياسين في حرب النكبة عام 1948. ومن الواضح أن تسريب هذا المشهد غير الإنساني يستهدف ترويع الشعب الفسطيني وإرهاب مقاومته من أجل حملهم على الاستسلام والنزوح. بالمقابل، لا أحد يعرف مصير هؤلاء المختطفين، ربما سيقتل الكثير منهم وربما سيتم إستجوابهم وتعذيبهم في أحد المعسكرات الصهيونية في بئر السبع، حيث تعمد الصهاينة الى إخفائهم قصرياً دون تحديد هوياتهم أو مصيرهم. وفي جميع الاحتمالات، فإن الصليب الأحمر لا يعرف مصير هؤلاء، وهذا ما يفسح المجال لسلطات الاحتلال بالقتل والتعذيب والاستجواب غير الانساني. وليس هذا غريباً على سلطات الاحتلال، فإن غالبية المختطفين الفلسطينيين الذين تمّ بث إعترافاتهم في الاعلام الصهيوني كانت أثار التعذيب باديةً على أجسامهم بشكل واضح، كما أنه لا يمكن إعتبار بث اعترافات المختطفين الفلسطينيين على وسائل الاعلام جزءًا من السلوك الليبرالي لأي دولة تدعي إنها ديمقراطية كما هو الحال بالنسبة للصهاينة. بالعكس، فإن هذا السلوك الإعلامي غير أخلاقي ويسعى لبث خطاب الكراهية. ليس هذا فقط، ولكن كيان الاحتلال الصهيوني يعامل أسرى ومختطفي قطاع غزة بإعتبارهم "مقاتلين غير شرعيين"، وهو قانون غامض صدر عام 2002 لا يضمن الحق في مراجعة قضائية حقيقية وسلامة إجراءات التقاضي. وينصّ القانون على احتجاز الأسرى من قطاع غزة في معسكر "سديت يمان" التابع للجيش بالقرب من بئر السبع لمدة 10 أسابيع. ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، يسمح القانون لرئيس الأركان العامة للجيش الصهيوني بسجن أي شخص على أنه "مقاتل غير شرعي"، وأن إطلاق سراحه سيُضرّ بالأمن القومي الصهيوني. ويتوسّع الصهاينة في تحديد هذه الشريحة من المقاتلين غير الشرعيين، حيث إعتبرت عمال قطاع غزة المتبقين في الضفة الغربية جزءًا من هذه الشريحة. ولا يخرج الأسرى الفلسطينيون في المعتقلات الصهيونية عن هذه المعادلة، فمنذ السابع من أكتوبر، علّق الصهاينة زيارات الصليب الأحمر لهم، ومنعتهم من زيارات محاميهم وعائلاتهم، وقلصت من الوجبات الغذائية الممنوحة لهم، ووفقاً لشهادات الأسرى المحررين مؤخراً، فإن غالبية الأسرى يتعرضون للضرب المبرح يومياً، ويخضعون للتفتيش العاري، وتمارس عليهم سياسات التجويع والاهانات والشتائم المستمرة. وليس أدل على هذه الشهادات من إستشهاد ستة شهداء فلسطينيين من الحركة الأسيرة خلال العدوان الصهيونى الأخير. في الواقع، علينا جميعاً أن نتحرك لإسناد وإنقاذ الحركة الأسيرة قبل فوات الأوان، يجب أن يتمّ العمل على تجريم قانون المقاتل غير الشرعي دولياً، ويجب أن يتمّ الضغط على الصهاينة دولياً لوقف تعليق عمليات الصليب الأحمر في المعتقلات الصهيونية، كما يجب أن يتمّ توثيق شهادات الأسرى قانونياً واللجوء للمحاكم الوطنية والدولية من أجل إدانة كيان الاحتلال والمطالبة بجبر الضرر الواقع على الأسرى والتعويض.