@ أنا مسلمة معتدلة وأطبّق الإسلام حسب استطاعتي، فأنا لا أشرب ولا أدخّن ولا أذهب للمراقص ولا أختلط بالذكور، أنا الآن في مرحلة الزواج ويريد والداي أن يزوّجاني، ولكنه من الصعب أن أوافق على أيّ طلب للزواج لأنّهم جميعاً كانت لهم علاقات سابقة مع فتيات أو أنّهم كانوا يذهبون للمراقص في الماضي. أغلبهم يقولون بأنهم قد تغيّروا ولكنّني أظن بأنّ تلك التصرفات قد يكون لها ردة فعل وتأثير في المستقبل . @@ الإسلام كله اعتدال، والالتزام بتعاليم الإسلام من فعل الواجبات وترك المحرَّمات أمرٌ لا خيار للمسلم فيه إذ هو مما أوجبه اللّه تعالى عليه، وقد كثرت الفتن في هذا الزمان حتىَّ عُدَّ من يترك بعض المحرَّمات ويفعل بعض الواجبات متزمتّاً متعنِّتاً، وهذا لا شك أنه بسبب انحراف الناس في فهم الدِّين، وكثرة مخالطتهم للمعاصي والآثام وتركهم للواجبات الشرعية. وإنّنا لنشكر لكِ حرصكِ على الالتزام بتعاليم الدين في مجتمعك مجتمعكِ الذي تعيشين فيه، ولتعلمي أن ما تفعلينه أمرٌ محبوبٌ للّه تعالى ولأوليائه المؤمنين، ومبغوضٌ مكروه لشياطين الإنس والجن. وإنّ حرصكِ على اختيار الزوج الصالح موافق لمراد الشرع في اختيارالزوج وتزويجه، على أنه لا ينبغي لكِ ردُّ من عُلِم عنه الخلق والدين بسبب ماضيه، فماضي الإنسان الذي تاب منه أمرٌ لا يعيبه ولا يوجب رده إن جاء راغباً في الزواج، وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ''التّائب من الذنب كمن لا ذنب له'' (رواه الترمذي)، لكن أن تكون له سوابق من المعاصي والآثام ولا يُعرف عنه تركها والتخلص منها، فمثل هذا لا يوثق في خلقه ولا في دينه ولا يُوافق عليه في الزواج. وقول الإنسان للمخطوبة أو لأوليائها إنّه تغيّر وترك ما كان عليه من سوء وفساد ليس كافياً للوثوق في قوله وتصديقه حتى يُعلم أنه أهل للتصديق، أو يُجزم بتركه لهذا السوء، فاحرصي على اختيار الرجل الصالح ولو كان له سوابق، ولا ترديه، وارفضي كل من عُلم له سوابق من الشر والفساد ولم يتركه؛ لأنّ أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم للرجل بقوله: ''تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ'' (رواه البخاري ومسلم)، ينطبق على المرأة، إذ على المرأة أن لا تقبل إلا بصاحب الدين والخلق، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ''إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ'' (رواه الترمذي 1084 وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي 866). قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ) أَيْطَلَبَ مِنْكُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ اِمْرَأَةً مِنْ أَوْلَادِكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ (مَنْ تَرْضَوْنَ) أَيْ تَسْتَحْسِنُونَ (دِينَهُ) أَيْ دِيَانَتَهُ (وَخُلُقَهُ) أَيْ مُعَاشَرَتَهُ (فَزَوِّجُوهُ) أَيْ إِيَّاهَا (إِلاّ تَفْعَلُوا) أَيْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوا مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ وَتَرْغَبُوا فِي مُجَرَّدِ الْحَسَبِ وَالْجَمَالِ أَوْ الْمَالِ (تكن فتنة وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) أَيْ ذُو عَرْضٍ أَيْ كَبِيرٌ، وَذَلِكَ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلا أَزْوَاجٍ، وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلا نِسَاءٍ، فَيُكْثِرُ الافْتِتَانُ بِالزِّنَا، وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الأَوْلِيَاءَ عَارٌ فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ وَقِلَّةُ الصَّلاحِ وَالْعِفَّةِ. وقد كان بعض الصحابة مشركاً ثم أسلم وحسن إسلامه، فتزوّج، ولم يُرد بحجة أن له سوابق، المعتبر في حال الرجل هو ما التزم به حديثاً مع توبته عن الماضي وما فيه...نسأل اللّه أن يُيسّر لك زوجاً صالحاً، وذرية صالحة.