عاشت بلدية حساني عبد الكريم بولاية الوادي، السبت 20 جانفي 2024 المنصرم، ولأول مرّة منذ الاستقلال، أجواء فعاليات تاريخية وثقافية ورياضية بمناسبة الذكرى ال64 لاستشهاد البطل الرمز الشهيد حساني عبد الكريم، الذي لحق بربّه شهيدا يوم 20جانفي 1960 بتراب ولاية برج بوعريريج. الفعّاليات أشرف عليها السيد أخروف السعيد، والي الولاية، والسيد حسني عزّ الدين رئيس المجلس الشعبي الولائي، وبحضور السّلطات المحلية المدنية والعسكرية ومنظّمات الأسرة الثورية والكشافة الإسلامية الجزائرية وممثلين عن المجتمع المدني وجمع من المواطنين، لاسيما من الشباب والطلبة. التقوا جميعا عند المعلم التذكاري الذي يخلّد جهاد ونضال الشهيد ومسيرته الثورية. وقد استهلت المناسبة بكلمة معبّرة للمجاهد بشير عَبَادي الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين، تناول فيها نبذة وافية عن حياة ومسيرة الشهيد الذي أنجبته وادي سوف، معرّجا على ظروف معيشته القاسية وهجرته إلى برج بوعريريج، ونشاطه الثوري والفدائي بها، وتحديدا بالولاية الثالثة، المنطقة الأولى، الناحية الخامسة. إلى أن ارتقى شهيدا في ساحة الوغى. كما كان للوفد الرسمي زيارة إلى بيت الشهيد العربي برّه (1930 1957)، حيث تم تكريم أرملته السيدة عطية مسعودة الشهيرة باسم (النايمة) بحضور أبنائها وأحفادها. وبالمناسبة تم تنظيم حملة للتشجير بمحيط حي هذا الشهيد البطل. كما أعطى الوالي إشارة انطلاق سباق الدراجات الهوائية المنظّم من قبل نادي أمجاد سوف للدرّاجات الهوائية والأكاديمية الوطنية للوقاية والأمن عبر الطرق وجمعية الهواة للصيد وحماية البيئة. حساني عبد الكريم تاريخٌ من النضال والفداء الشهيد حساني عبد الكريم بن الطيب والزهرة، حسب الأستاذ سعد بن البشير العمامرة في كتابه شهداء من بلادي الجزائر ص 185، ولد عام 1939 بقرية البهيمة بالبلدية التي تحمل اسمه اليوم، نشأ في أسرة فقيرة في الزمن الاستعماري التعيس، ورغم ذلك، فقد تمكّن من حفظ ما تيسّر من القرآن الكريم بمسجد القرية، ثم التحق بمدرستها الابتدائية عند افتتاحها عام 1946. وفي أواخر خمسينيات القرن الماضي، رافق أخاه عبد الحفيظ إلى مدينة برج بوعريريج بحثا عن العمل، حيث استقرا لدى أحد أقاربهما بحي دوار السوق وسط المدينة، وسرعان ما اتّخذ وأخوه طاولة لبيع الحلوى أمام ملعب برج بوعريريج كمصدر لرزقهما. كان البطل عبد الكريم في ريعان شبابه يتمتّع بشخصية قوية جذبت إليه أنظار الفدائيين، فاتّخذوه صديقا لهم وأصبح يقوم ببعض العمليات؛ كنقل الرسائل والمعلومات وإخفاء الأسلحة. ثم قام بتفجير إحدى الحانات الفرنسية بقنبلة، فأصبح محلّ متابعة من طرف قوات العدو، ممّا أدّى به إلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني بالولاية الثالثة، المنطقة الأولى، الناحية الخامسة عام 1956. ونظرا لتشديد جيش الاحتلال الحصار على المدينة، وقلّة عمليات الفدائيين فيها، قرّر قادة الجيش إنشاء فرقة كومندوس تضمّ في صفوفها عددا قليلا من المجاهدين، لتضطلع بتنفيذ مهام صعبة ونوعية مستعجلة لفكّ الحصار عن المنطقة، وكان الشهيد أحد أبرز أعضائها. كان الشهيد حساني عبد الكريم الذي اشتهر بالبرج باسم (السوفي) من بين الذين اختارهم القائد عبد القادر الباريكي للقيام بعدة عمليات فدائية أرهبت الغزاة، فأصبح ذائع الصيت، ممّا جعل العدوّ يكثّف البحث عنه، وعرّض أخاه عبد الحفيظ للتنكيل والتعذيب. ظروف استشهاده أثناء تواجده بالمدينة، وبعد تناول وجبة العشاء هو ورفيقه المجاهد عجيل الجودي في منزل المجاهد فارسي بوبكر، خرجا متخفّيين بزيّ نسائي في وقت متأخّر من اللّيل، إلّا أنّ قوات العدوّ تمكّنت من كشف أمرهما بالقرب من محطة القطار، فهمّا بالانسحاب سالكين أحد المسالك بحي الفيبور كانا متعوّدين على التسلّل عبره، لكنّهما وجداه قد أُغلق بالأسلاك الشائكة، فأرادا الرجوع من حيث جاءا، إلاّ أنّهما وجدا قوات العدوّ من شرطة وعساكر يطوّقون الشارع من جانبيه، فطلبت منهما الاستسلام فرفضاه ودخلا في اشتباك غير متكافئ، حيث واجها رصاص وقنابل العدوّ بطلقات رشاشاتهم إلى أن سقطا شهيدين في سبيل الحرية، يوم 20 جانفي 1960، بحي الفيبور بمدينة البرج. الرئيس هواري بومدين يكرّمه بطريقته الخاصة في إحدى زياراته إلى ولاية برج بوعريريج خلال فترة سبعينيات القرن الماضي، وتكريما للشهيد حساني عبد الكريم ولأعماله البطولية النوعية، فقد قام الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله بإطلاق اسمه على بلديته التي تضمّ بلدات: (البهيمة، الزقم، الغربية، الذكار( حسب مراد هيمة رئيس المجلس الشعبي البلدي للبلدية والذي كانت له اليد الطولى في التحضير لهذه المناسبة كاعتراف من الرئيس بالدور الثوري المتميّز لهذا الشهيد. بموازاة ذلك، عمدت السلطات المحلّية ومنظمات الأسرة الثورية بولاية برج بوعريريج إلى إطلاق اسمه كذلك على إحدى مؤسّساتها التربوية وتحديدا متوسطة بقلب المدينة. إحياء ذكرى الشهيد لأول مرة بالوادي ولقد أثنى الجميع على مبادرة السيد والي الولاية بإحياء ذكرى هذا البطل الرمز ولأول مرة منذ الاستقلال، الذي ألحّ كذلك على ضرورة إحياء ذكراه ومآثره وبطولاته وتقديمها للأجيال، مع إحياء ذكرى الشهداء الرموز والقادة من أبناء الولاية بصفة منتظمة ومستمرة في سبيل ترسيخ ذاكرتنا الوطنية وتوثيق تاريخها المجيد.