لقيت ظاهرة جمع عشبة الزعتر بأرياف عدّة بلديات من ولاية الشلف اهتمام عدّة شرائح من السكان بين شباب ونساء ورجال من البسطاء، الذين يتوزّعون بالمناطق والمساحات الرعوية التي تعدّ مرتعا لنمو هذه العشبة المتعدّدة الاستعمالات بين أوساط العائلات الشلفية، التي تنتقل بأعداد كبيرة لجمع هذه المادة خاصة أيام العطلة الأسبوعية. الظاهرة التي صارت تستقطب فضول عشرات الأفراد من مختلف شرائح المجتمع من نساء وشباب ورجال من العائلات البسيطة بالنظر إلى طبيعتهم وموقعهم داخل المجمّعات السكانية ببلديات الشلف من واد الفضة والكريمية وحرشون والحاجاج وسنجاس وبني راشدء والزبوجة وأعالي منطقة الأبيض مجاجة وبوزغاية، وغيرها من المناطق التي تتفاوت بها ظاهرة نمو هذه العشبة التي مازالت تحافظ على أهميتها في المجتمعات الريفية، لتجد مكانة في عملية تسويقها بالتجمّعات السكانية الحضرية الكبرى تقول عدد من النسوة ممّن صادفناهنّ بالسوق الشعبي بحي الحرية المعروف ب "الفيرم" والسوق التجاري لحي بن سونة ببلدية الشلف والسوق الأسبوعي لبلدية الكريمية. الرعاة يكشفون عن بداية نمو العشبة بالمراعي الريفية تظلّ عيون النسوة والأفراد والشباب وخاصة الأطفال ترصد أخبار البيئة الريفية التي تنقلها حركة الرعاة والزوار الفضوليين للمناطق الجبلية والقرى والمداشر حول وضعية نمو عشبة الزعتر التي تأثرت من خلال نقص الأمطار في السنتين المنصرمتين، يقول جيلالي-ع وزميله محمد قارة عشيرة من بلدية حرشون وعلي-م من بلدية بني بوعتاب الجبلية وقويدر-ك من بني راشد مركز زلزال الشلف 80. الذين كشفوا بداية النمو تكون مع حلول شهر ديسمبر في حالة التساقطات المطرية المبكرة في نهاية نوفمبر، فخبر ظهور عشبة الزعتر يزفّها أولئك الذين يقصدون هذه الأمكنة يشير محدّثونا من هذه المواقع. وفور انتشار الخبر يشدّ عدد كبير من النسوة من عالم الريفية الرحال رفقة بعض العجائز اللواتي يجدن في جمع هذه العشبة متعة وترويحا عن النفس، كما يجتهدن في تحضيرها وتجفيفها لشهر رمضان بغية استعمالها في حساء الحريرة أو الشربة واحتسائها ك "تيزانة" لمكافحة مرض الزكام من جهة ثانية تقول الحاجة الزهرة 81 سنة. نزهة وترويح ووسيلة استرزاق موسم جمع عشبة الزعتر متواصل في المناطق المعروفة والتي صارت محجّ الخرجات التي تعقدها النسوة من عدّة مداشر وتجمّعات سكانية حضرية ممّن يفضل قاطنوها ضرب عصفورين بحجر واحد يقال، البحث عن العشبة واستغلال الفترة للقاء والترويح عن النفس ضمن نزهة تكون برفقة الأطفال وعادة ما يكون تلاميذ المدارس الذين يغتنمون فرصة عطلة نهاية الأسبوع للتخلّص من أعباء الدراسة وضجيج الساحات الدراسية يقول التلاميذ سفيان وفوزي وفريد وعبد الكريم. وتعوَّد هؤلاء التلاميذ على مثل هذه الخرجات الاستكشافية لعالم الريف والمداشر المعروفة بمظاهرها الطبيعية الخلابة، حسب ما أكّده لنا سليم رفقة أخته كاميليا التي خرجت بصحبة أمها خديجة 62 سنة، التي أوضحت أنّها معتادة على جمع هذه العشبة منذ سنوات وهي عادة أخذتها عن والدتها الزهرة التي كانت توصيها باستغلال الأعشاب البرية لأغراض منزلية وصحية تقول خديجة الفخورة والمعتزة بالريف والقرية التي رضعت من ثديها أيام الطفولة والبراءة. ومن جانب آخر، لم يفوّت بعض البسطاء من الرجال والنساء وحتى الأطفال الذين تشكّل غالبيتهم من تلاميذ المدارس في جمع هذه العشبة وبيعها سواء في الأسواق ولبعض بائعي التوابل أو نقلا إلى بعض المنازل المجاورة لهم بغرض الحصول على مبالغ متواضعة، لكن لها فائدتها لدى غالبيتهم ممّن يستغلونها كمورد رزق لسدّ بعض حاجياتهم يقول عبد المجيد رفقة جاره مختار أب ل3أطفال. وعن سعر الربطة الواحدة فتتراوح بين 70و100دج يشير سعيد وزميله عبد الله، أما فيما يتعلّق بالكميات التي يحصدونها مع كلّ خرجة، فالأمر مرتبط بتحديد موقع العشبة وكثافتها، أما فيما يخص تسويقها وبيعها للعشاب فالعملية تمر حسب وزن الكمية والسعر الذي يقترحه البائع وفق نوعية العشبة ونظافتها. نكهة مميّزة في حريرة رمضان وعلاج فعّال للزكام لم تمر جائحة كورونا وأعراضها المؤلمة دون أن تزيد من حدّة مخاوف بعض الأسر رغم زوال وبائها، حيث لازال مرض الزكام من الحالات التي تسعى الأسر بكلّ الوسائل والأدوية للتخلّص منه قبل أن يتفاقم، لذا تلجأ بعض العائلات لاستعمال العشبة وحساء الزعتر كوسيلة للمعالجة أو التخفيف من حدّته، خاصة أيام الشتاء والبرودة والصقيع وسقوط البرد الذي يغير من الأجواء الباردة جدّا، ممّا يدفع البعض لتناول مادة الزعتر كمضاد طبيعي لإزالة الزكام. وفي سياق المحافظة على نكهة حريرة رمضان أو حساء الشربة، تبحث الأنامل السحرية لأيقونة المطابخ عن عشبة الزعتر لإضافة لمسة النكهة رفقة مادتي القصبر والمعدنوس وتوابل أخرى خاصة من نوع "الحاجة مغنية"، تشير خديجة في موقف استعراضي لطبق المائدة وسلطانه "حريرة رمضان". هذا التنوّع في أهمية عشبة الزعتر التي تتسابق الأيادي في جمعها هذه الأيام يلخّص الإقبال عليها من طرف العائلات وبائعي التوابل الذين يعمل غالبتهم على تخزينها في أكياس تحافظ على رائحتها وخصائصها العلاجية يقول بعض المهنيين.