بلغت أزمة "قضية اللاجئين" أوجّها بعد تداعيات تعليق عديد الدول تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي يعتبرها اللاجئون الفلسطينيون جزءا من ذاكرة المخيمات، ورمزا لحق العودة، باعتبارها شاهدا على معاناتهم في مخيمات الشتات، حيث قدمت لهم على مدار عقود من اللجوء مساعدات طبية وغذائية وتعليمية ونقدية. وتعاني غالبية المخيمات الفلسطينية في البلدان المجاورة، لاسيما لبنان، من أوضاع معيشية صعبة، بسبب الفقر المدقع وقلة فرص العمل، ما جعل اعتمادهم على خدمات "الأونروا" يتزايد لمواجهة ظروفهم الصعبة. يرى لاجئون فلسطينيون أنّ قرار 17 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلهم ل (الأونروا) يمثل تواطؤا أمريكيا وأوروبيا مع مخطط صهيوني يستهدف تصفية قضية وحقوق ملايين اللاجئين، مؤكّدين تمسكهم بالوكالة كشاهد دولي على نكبتهم. وحذّر اللاجئون الفلسطينيون من أن قطع تمويل الوكالة يمثل عقابا جماعيا لنحو 6 ملايين لاجئ داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة. تمسّك بحق العودة اعتبر اللاجئ محمد خضر العناني (85 عاما)، أنّ "الأونروا" تعد العمود الفقري لقضية اللاجئين، "وروح الحياة" التي تساعد وتمد اللاجئين الذين يعدون أصل الحكاية الفلسطينية، وتصفية الوكالة هو تصفية للقضية، وهذا ما تريده دولة الاحتلال. وأكّد الثمانيني الذي يسكن منذ النكبة (1948) في مخيم الأمعري بالقرب من مدينة رام الله وسط الضفة الغربيةالمحتلة، أنّه متمسّك بحق العودة لبيته في مدينة الرملة. واستذكر كيف هُجّر بعمر 8 سنوات، وشهد معاناة اللجوء والحرب والقتل، وتابع أن سلطات الاحتلال استخدمت في زمن النكبة العصابات الصهيونية، واليوم تستخدم المستوطنين في الضفة لتهجير السكان مرة أخرى، وفي قطاع غزة حرب إبادة تهدف لنكبة جديدة. نقبل فك الوكالة حين نعود.. من جهته، شدّد اللاجئ محمد حماد (52 عاما)، في مخيم الأمعري، على أنّ اللاجئ يعتمد بشكل أساسي على خدمات "الأونروا"، وقرار قطع التمويل يجعل من التعليم والعلاج والخدمات على المحك في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقال إنه يمكن للاجئين القبول بتفكيك الوكالة إذا ما حُلّت قضية اللاجئين بعودتهم إلى قراهم ومدنهم المحتلة، ووجود حماية دولية للاجئين بعدم تكرار نكبتهم. وحثّ الفلسطينيون الدول العربية على توفير شبكة أمان مالية للوكالة، وقالوا إذا كان هناك دول تنحاز للرواية الصهيونية وتوقف الأموال في الوقت الذي يحتاج فيه اللاجئون في الضفة وغزة لخدمات "الأونروا"، لا بد للدول العربية أن تأخذ زمام المبادرة وتوفر الدعم للوكالة. وشدّدوا على أن وقف التمويل "قرار سياسي"، فمنذ تأسيس الوكالة تعمل سلطات الاحتلال على تصفيتها حتى لا يبقى هناك شاهد دولي على النكبة، ومن ثم تصفية القضية. استشهاد 152 من موظّفي "الأونروا" منذ 26 جانفي الماضي، علّقت الولاياتالمتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاند وآيسلندا ورومانيا وإستونيا والاتحاد الأوروبي تمويل وكالة الأونروا، وذلك بعد زعم الكيان الصهيوني أنّ 12 من موظفي الوكالة، البالغ عددهم 13 ألفا في غزة، شاركوا في هجوم 7 أكتوبر الماضي، في حين أعلنت الوكالة أنّها تجري تحقيقا في هذه المزاعم. في السّياق، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إنّ 152 من موظّفيها استشهدوا منذ بدء الحرب المدمّرة على قطاع غزة.