تعززت مؤخرا مكتباتنا بإصدار إقتصادي جديد يكتسي أهمية كبيرة بالنظر إلى خصوصيته وسط الطلبة والاكاديميين وكذا الناشطين في مجال المؤسسات المصرفية بما يوفره من معلومات وتشريحه لواقع الاقتصاد النقدي، وسم ب/ الاقتصاد النقدي والبنكي/ للدكتور الطاهر لطرش، الذي عود الطلبة والأساتذة بكتبه القيمة التي تعد مرجعا مهما ونادرا كونه صدر عن ديوان المطبوعات الجامعية باللغة العربية. يأتي الاقتصاد النقدي والبنكي كثاني مرجع للخبير لطرش بعد النجاح الباهر الذي حققه كتابه الأول / تقنيات البنوك/ الذي صدرت منه نحو تسع طبعات كاملة بالنظر إلى الطلب الكبير المسجل عليه ولأنه المرجع الأول من نوعه باللغة العربية في الجزائر مدعم بالأدلة التاريخية والواقعية. تمكن الدكتور لطرش من خلال خبرته كمدير مركزي سابق ببنك الجزائر، وباحث وأستاذ من رصد الكثير من المعلومات وتبسيطها بشكل دقيق وممنهج ليكون في متناول كل مهتم بالمجال النقدي... وعبر أربعة أقسام وإحدى عشر فصلا تمكن الدكتور من تقديم تفاصيل ثرية عن الاقتصاد النقدي والبنكي وتوضيح صورته، على غرار الأداء الوظيفي للنقود وآثاره على الاقتصاد إلى جانب الاداء الوظيفي للنظام النقدي والبنكي والعلاقات النقدية بين مكوناته وباقي مكونات الاقتصاد، ويسلط لطرش الضوء كذلك على السلوك النقدي للأعوان الاقتصاديين وطريقة ضبطه، ويتطرق باسهاب للنظام النقدي الجزائري من خلال قسم كامل وثلاثة فصول. وينطلق الكاتب من تصور اقتصاد بدون نقود ثم ينتقل إلى أثار إدخال النقود على الاقتصاد والتي أكد أنها قضت على الصعوبات التي واجهتها المجتمعات على اعتبار أن النقود تحولت إلى أداة فعالة ساهمت في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وبالشرح والتحليل والادلة يصل الخبير إلى القول أنه لا يمكن تصور اقتصاد بدون وساطة النقود أي لا يمكن للإقتصاد أن يتطور عندما يقتصر على مبادلات السلع ببعضها، ولأن كل مبادلة اقتصادية في الاقتصاد النقدي تقابلها مبادلة نقدية. ويقف لطرش على المسار التاريخي للنقود والوساطة عن طريق تقديم المبررات وأثرهما على النشاط الاقتصادي ثم استحداث النظام البنكي ومبرراته الايجابية. والقارئ يمكنه أن يستفيد كثيرا من المسائل النقدية الداخلية المعالجة وتتضمن الطلب النقدي الذي يتم من طرف الأعوان الاقتصاديين والمؤسسات الادارية، ويطلع كذلك على آثار القرارات النقدية في الداخل وعلاقاتها بالخارج وآثارها على التوازن الداخلي والخارجي. ومن بين ما يستعرضه الخبير الاقتصادي في كتابه الجديد ميزان المدفوعات وحركة رؤوس الأموال الداخلية والخارجية وكيف للدول السائرة في طريق النمو مثل الجزائر أن تستفيد منها، ويعتبر أن العملة مركز كل القرارات الاقتصادية. ويخصص لطرش فصلا كاملا عن الجزائر، قبل سنة 1990 وبعد هذه المرحلة، خاصة عقب إصدار قانون النقض والقرض حيث أصبحت العملة تلعب دورا نشطا، وعكف صاحب الكتاب على تحليل مختلف العلاقات والآليات النقدية، ولم يخف أن العملة قبل سنة 1990 لم يكن لها أثرا في اتخاذ القرارات الاقتصادية على غرار علاقات التمويل، ثم بعد ذلك صارت عملية التمويل تتم على أساس عناصر اقتصادية وليس إدارية. ويضرب الكاتب لقرائه وطلبته موعدا مع كتب أخر قيمة لا تتوفر في السوق الوطنية باللغة العربية لأنه يحضر لعدة مشاريع.