بلغ الاحتقان الاجتماعي والسياسي في المغرب مستويات باتت تهدد استقرار وأمن المملكة، حيث لم تهدأ شوارع المغرب منذ أشهر، وهي تعج بالمظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني، والاحتجاجات الرافضة للتطبيع وتردي الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية والقمع البوليسي لكل من يعارض سياسة المخزن المخزية، بالكامل على أنفاس الطبقة الكادحة التي تغرق يوما بعد يوم في مستنقع الفقر، بينما تغتني الطبقة الحاكمة على حساب آلام الشعب المقهور. يمر المغرب بأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة تتسم بتواصل فضائح قضايا الفساد من خلال الاستفراد بالسلطة واحتكار الثروة والريع والممارسات القمعية والانتقامية التي تستهدف الحقوقيين وفاضحي الفساد في المملكة، في ظل إخفاقات الحكومة المخزنية المتكررة لاحتواء الأزمات الخانقة متعددة الاوجه. وفي هذا السياق، دعت الجمعية المغربية لحماية المال العام، النيابة العامة إلى فتح العلبة السوداء لبعض النقابات وبعض الأحزاب السياسية المتورطة في أفعال الفساد من اختلاس وتبديد المال العام وغيره. وأوضح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية، في تدوينة له، أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات يمكن أن تشكل أرضية قانونية صلبة لفتح بحث قضائي معمق حول مالية هذه التنظيمات التي ظلت بعيدة عن دائرة المساءلة، واستغل بعض قيادييها ومسؤوليها ذلك، وظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش وتحول بعضهم إلى "باطرونات" تدير الصناديق السوداء ولها ممتلكات وأموال طائلة. تفشي الفساد والمحسوبية وأكد الغلوسي أن "أبناء هؤلاء القيادات وأقاربهم تم توظيفهم في مؤسسات عمومية بسبب الفساد وعلاقاتها المتشعبة مع بعض مراكز السلطة والقرار، بل إن نفوذهم امتد إلى القطاع الخاص ومنهم من يمارس الابتزاز ضد بعض الشركات ورجال الأعمال باسم "النضال". وأشار إلى أن المجلس الأعلى للحسابات سبق أن وجه إنذارا لبعض تلك النقابات وبعض الأحزاب لإرجاع الأموال العمومية التي تم الاستيلاء عليها بما يتعارض والقانون، إلا أنها امتنعت عن ذلك، لأن قياداتها استشعرت منذ عقود أنها فوق المحاسبة. في غياب منظومة قانونية تجرم الثراء غير المشروع وتحاسب الفاسدين، نبه الغلوسي إلى أن هذه القيادات حولت أحزابها ونقاباتها إلى مؤسسات لبيع التزكيات وتوظيف ذوي القربى، وتخلت عن كل المبادئ والقيم، وباتت تدير صناديق عمومية في إطار الأعمال الاجتماعية، وحولت تلك المؤسسات إلى آليات الريع والفساد وضمان الولاءات. واعتبر رئيس جمعية حماية المال العام أن أهمية هذه المحاسبة تأتي من كون أنه لا يمكن بناء دولة المؤسسات القوية والرافعة لكل التحديات الداخلية والخارجية مع وجود بعض النقابات وبعض الأحزاب تدافع عن الفساد والريع، ولا تخجل من ترديد شعارات الحرية والكرامة والمساواة في خطاباتها، في حين ممارستها موغلة في الأفعال القذرة. فقدان ثقة وختم تدوينته قائلا: "على الأجهزة الأمنية والقضائية أن تسلط الأضواء على دائرة بعض النقابات وبعض الأحزاب لأن هذا العبث لا يجب أن يستمر، والمجتمع فقد الثقة في كل الفاعلين وأكيد أن ذلك ستكون له تداعيات خطيرة على كافة المستويات". يذكر أن الجمعية المغربية لحماية المال العام أطلقت قبل أسبوعين، حملة وطنية لتجريم الإثراء غير المشروع ولمصادرة أموال كل المسؤولين الموقوفين بتهم تبديد المال العام إلى حين صدور الحكم النهائي فيما يتابعون فيه.