ندعّم كل المبادرات الخيرية ونراعي القدرة الشرائية للمواطن البسيط ظلّت المنتجات الصيدية، لوقت طويل، حكرا على العائلات الميسورة الحال، ومطلب صحي صعب المنال لا يراود المواطن البسيط، ما جعل الدولة الجزائرية تتدخل في إطار عدالة اجتماعية ومساواة في الحقوق بين جميع فئات المجتمع، بما فيها الحق في التغذية الصحية السليمة التي تحتويها المنتجات الصحية، خاصة ما تعلّق بمادة «الأوميغا 3» التي تحتويها الأسماك، تحديدا السمك الأزرق، لتضع إستراتيجية قطاعية من خلال وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، على غرار باقي القطاعات الأخرى ذات الصلة بالأمن الغذائي، تضمّنت العمل بجميع المسببات للرفع من القدرات الإنتاجية للمنتجات الصيدية وضمان وصولها إلى أقصى الحدود الجغرافية للبلاد من خلال 174 نقطة بيع ثابتة ومتنقلة ومنح تراخيص استيراد لإغراق السوق المحلية من مادة السردين، وإحداث توازن بين إنتاجها والطلب عليها. كما لجأت الدولة إلى حلول بديلة تمثلت في تربية المائيات بجميع أصنافها، وإنشاء لأول مرة وفي سابقة من نوعها، مزارع لتسمين التونة بعد مصادقة اللجنة الدولية لحماية سمك التونة بالبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، على مخطط الصيد الجزائري لسنة 2024، ما يبشّر بانفراج في سوق المنتجات الصيدية سواء من حيث وفرة الأنواع أو مراعاة الأسعار. كشف المدير العام للغرفة الوطنية للصيد البحري والمنتجات الصيدية، نبيل عويش في اتصال مع» الشعب»، أن وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، في إطار إستراتيجية استباقية لشهر رمضان، قد قامت بعملية تحسيسية من خلال غرفتها الوطنية، استهدفت كل مهني ومستخدمي قطاع الصيد البحري، وكذا كل الفاعلين والمتدخلين بذات القطاع، سعيا إلى توفير منتجات الصيد البحري وكذا منتجات تربية المائيات بصنفيها، وجعله في متناول جميع الفئات المجتمعية. حيث استهلت التحضيرات الاستباقية للشهر الفضيل، حسب ما أشار إليه المدير لعام للغرفة الوطنية، بتعليمات صارمة قام بإسدائها المسؤول الأول عن القطاع خلال لقاء أول جمعه مدراء الغرف الولائية والمشتركة ما بين الولايات، تضمّنت مدى تقدم التحضيرات لشهر رمضان من حيث وفرة المنتجات الصيدية وضمان المراقبة الصحية لها، ما يضمن سلامة وصحة المواطن. في حين تضمّن اللقاء الثاني الذي جمعه برؤساء الغرف الولائية، توجيهات بخصوص مساهمة مهنيي القطاع من أجل توفير المنتجات الصيدية، في إطار عملية البيع المباشر «من المنتج الى المستهلك». بالمناسبة أشار المتحدث إلى أهمية الدور المحوري الذي يلعبه مهني القطاع كحلقة أساسية ضمن السلسلة التجارية، أهمية عبر عنها وثمنها وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية في أكثر من مناسبة، يقول نبيل عويش مواصلا، أن استجابة المتعاملين الاقتصاديين المتدخلين في العملية التجارية للمنتجات الصيدية، ترجمتها وفرة هذه الأخيرة، بجميع نقاط البيع ال174 المعتمدة من طرف الوزارة، والموزعة على المستوى الوطني عبر الأسواق الجوارية مقسمة إلى فرعين ثابتة ومتنقلة، ما يسمح بتوفير منتجات الصيد البحري ومنتجات تربية المائيات بصنفيها، بما فيها «الدوراد الملكي» و»القاجوج الملكي» و»التيلابيا»، وبأسعار متاحة للمواطن البسيط ، حيث لا يتجاوز سعر التيلابيا سعر 600 دج، كما حدد سعر «الدوراد» ب1250 دج. من العملية التجارية إلى العمل الخيري.. وبالنسبة لتباين أسعار المنتجات الصيدية عبر ولايات الوطن، فقد فسّره نبيل عويش، باختلاف الموقع الجغرافي لهذه الأخيرة، وكذا وفرة المنتج الصيدي، مستشهدا «بالجمبري الذي بلغ سعره 500 دج بولاية سكيكدة، وهو ما نال استحسان العائلات الجزائرية. إلا أن جهود ضبط الأسعار تبقى هي الأخرى، حسب ما أوضحه المتحدث، بعوامل لا يمكن تجاهل تأثرها على سوق المنتجات الصيدية التي تخضع لقانون العرض والطلب، والندرة والوفرة، وتأثر وفرة المنتوج بالحالة الجوية، حيث يحول سوء الأحوال الجوية دون ممارسة نشاط الصيد، وبالتالي التسبب في ندرة في المنتوج الصيدي. ما دفع بالوزارة الوصية إلى التفكير في إستراتيجية قطاعية لبعث وتثمين شعبة تربية المائيات البحرية أو القارية المكمّلة للمنتوج الصيدي الذي بقي حجم إنتاجه ثابتا لما يزيد عن 30 سنة بقيمة إنتاجية تقدر ب120 طن /سنويا، وما دفع بالسلطات العمومية التفكير في تعزيز الإنتاج الصيدي من خلال تربية المائيات مثلما هو معمول به على مستوى العديد من دول العالم، لتغطية النقص الذي يعرفه المنتج الصيدي. في سياق متّصل ثمّن المتحدث، المجهودات المعتبرة للجمعيات المعنية والمنظمات الفاعلة في قطاع الصيد البحري التي ساهمت من خلال مطاعم «عابري السبيل» بولاية عنابة في تقديم أكثر من 200 وجبة إفطار مكونة من منتجات الصيد البحري.. مبادرات خيرية وتضامنية تدعمها وتثمنها الغرفة الوطنية، حسب مديرها العام الذي أكد في ذات السياق أن المنتجات الصيدية متوفرة على مستوى جميع ولايات الوطن بالخصوص الجنوبية منها التي استفادت من حصتها من منتجات تربية المائيات، على غرار ولايات أدرار ورقلة، بشار، بسكرة وتقرت. تعزيز أسطول الصيد.. ضمن الأهداف وبالنسبة لاستمرارية نشاط نقاط البيع التابعة لوزارة الصيد البحري على مدار السنة، أجاب مدير الغرفة الوطنية، أن ذلك هدف تعمل من أجله وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية وتعمل على تحقيقه، من خلال الأخذ بالدروس المستخلصة من التجارب السابقة وتسخير الوسائل اللوجستية. حيث تقوم إستراتيجية قطاعنا الوزاري، يقول نبيل عويش، على معطيات عملية وإحصائيات دقيقة ستسمح بالتجسيد الأمثل لأهدافها في ظلّ النقلة النوعية التي يشهدها القطاع. وذكر ذات المتحدث عدة عوامل ترتكز عليها الإستراتيجية القطاعية لتعزيز المنتوج أهمها، تعزيز أسطول الصيد وتأهيله، من خلال بناء سفن كبيرة الحجم وتشجيع الصيد في أعالي البحار، إلى جانب تدعيم القدرات الوطنية في مجال بناء وإصلاح السفن، وضمان وفرة الأسماك، كأولية تندرج ضمن أولويات الوزارة الوصية، التي تعمل على الرفع من القدرات الإنتاجية من خلال تربية المائيات البحرية والقارية إلى 142 الف طن سنة 2024، من سمك القاجوج في الأقفاص العائمة وسمك البلطي الأحمر في المياه العذبة. وتطرّق نبيل عويش إلى تأطير وتأهيل اليد العاملة بذات القطاع مع التركيز على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمهنيين على مستوى موانئ الصيد البحري لما له من علاقة بتعزيز الإنتاج. كما شدّد المتحدث على دور المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة والقيمة المضافة المقدمة من طرفها لتعزيز الإنتاج الصيدي وتجسيد الإستراتيجية القطاعية. إلى جانب الحرص على الاستغلال المسؤول للصيد الحرفي والساحلية، ما يحمي الثروة السمكية ويعزّز القدرات الإنتاجية منها. حصة الجزائر من التونة الحمراء دائما وفي نفس الإطار ونفس الموعد الديني السنوي الذي يعيشه المواطن، أفاد مدير الغرفة الوطنية، أنه قد تمّ اتخاذ جملة من التدابير خلال شهر رمضان، من بينها منح تراخيص استيراد سمك السردين، حيث بدأ في دخول السوق المحلية تدريجيا بسعر لا يتعدى 500 دج، في انتظار منح تراخيص استيراد أنواع أخرى من الأسماك. وبالتالي يكون قطاع الصيد البحري والمنتجات الصيدية، على لسان مدير غرفته الوطنية، قد ساهم في تموين السوق المحلية من المنتجات الصيدية وتنويع المائدة الرمضانية للعائلات الجزائرية ذات الدخل البسيط التي سجلت إقبالا كبيرا على نقاط البيع من أجل اقتناء المنتجات الصيدية. أما بالنسبة لتونة الحمراء، فقد أفاد نبيل عويش، أنه قد تمّ رفع حصة الجزائر من هذه الأخيرة، خلال اجتماع اللجنة الفرعية الثانية للجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة في المحيط الأطلسي، الذي انعقد مؤخرا بإسبانيا، أين تمّت مناقشة مخططات صيد وتسمين التونة إضافة إلى دراسة الإجراءات المتعلقة بعمليات تسيير وتفتيش عمليات الصيد بكل من البحر المتوسط والمحيط الأطلسي لسنة 2024، حيث تمّت بالمناسبة، المصادقة على مخطط الصيد الجزائري لسنة 2024 ورفع قدرات أسطول صيد التونة الحمراء ب5 سفن إضافية وتعديل قدرات انتاج الجزائر ب23 طن كتعويض لسنة 2023، لترتفع بذلك حصة إنتاج الجزائر من التونة الحمراء إلى 2046 طن/ سنة 2024 مقابل 2023 طن/ سنة 2023. كما تضمن مخطط الصيد الجزائري لسنة 2024، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، تسجيل مزرعة لتسمين التونة الحمراء على مستوى سجل اللجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة بالمحيط الأطلسي، حيث ستتم المباشرة بعملية التسمين ابتداء من الموسم القادم، على مستوى الغرب الجزائري، ما سيدر مداخيل مهمة من العملة الصعبة مقارنة مع المواسم السابقة.