يقف العشرات من شباب تلمسان في الشوارع حاملين العصي في أيديهم بغية إرغام المواطنين على دفع مقابل توقيف سياراتهم في مناطق، من المفروض أنها عمومي. اخترنا الغوص في هذا الملف الشائك الذي فشلت السلطات المحلية في القضاء عليه، رغم عدم قانونيته وذلك تحت طائلة غياب حظائر السيارات بالولاية. إن الزائر لمختلف بلديات تلمسان سيقف على حقيقة الوضع الذي آلت إليه المدينة، حيث تحولت شوارعها إلى ملكية خاصة يسيطر عليها عشرات المتابعين قضائيا الذين فرضوا منطقهم بإرغام كل من أوقف أو ركن سيارته على الرصيف على الدفع فورا ما بين 20 دج و50 دج مسبقا، حسب الوقت، وإلا تعرضت سيارته للتخريب. هذه القضية التي أصبحت تقلق السلطات قبل المواطن، حاولت ولاية تلمسان القضاء عليها من خلال إصدار التعليمة 2011، لكن دون جدوى... حيث عادت القضية بحدة، إذ يكفيك وضع عصا في يدك لتفرض على المواطن دفع مقابل التوقف في منطقة قد تكون قرب منزله، حيث أن أحد المواطنين بوسط تلمسان، تعرض لضرب على يد حارس "باركينغ" لأنه لم يدفع، رغم أنه أوقف السيارة أمام منزله، لكن صاحب العصا لم يعترف بهذا، مؤكدا على ضرورة الدفع بالقوة وهو ما رفضه المواطن، ما كلفه الوصول إلى المستشفى وقضاء ساعات في الإنعاش، بحكم أن الضربة كانت على الرأس. هذا وقد سجلت محاكم تلمسان عشرات القضايا التي تورط فيها حراس الباركينغ، سواء بالاعتداء على الزبائن أو عن طريق سرقة لواحق سيارات مواطنين عن طريق الكسر لم يدفعوا مسبقا. أكدت الإحصائيات التي قدمتها سلطات بلديات تلمسان، أنه يوجد أكثر من 561 حارس باركينغ بمدينة تلمسان لوحدها، أغلبهم من المسبوقين قضائيا، حصلوا على المنطقة عن طريق القوة، بحكم أنهم مسبوقون في قضايا ضرب وجرح وحتى قتل جعلت المواطنين يهابونهم. هؤلاء الحراس الفوضويون ورغم عدم قانونية نشاطهم، لكنهم يمارسون نشاطهم أمام أعين مصالح الأمن والمحكمة والبلدية والدائرة والولاية ولا يبالون بأي أحد، بل همّهم الوحيد هو تحصيل المال من الواطن المغلوب على أمره لا غير وذلك بالتلويح بالعصا لمن عصى الأوامر، حيث سجلت مصالح أمن ولاية تلمسان عشرات الشجارات مابين حراس الباركينغ والمواطنين، إذ غالبا ما يكون حارس الباركينغ في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات. هذا وأشار ممثل الأمن، أن هؤلاء فوضويون ولا يملكون لا تذاكر ولا تراخيص ولا وثيقة تسمح لهم بممارسة هذا النشاط، ماعدا العصا التي تعد وسيلتهم الوحيدة لإرغام المواطن البسيط على الدفع. من جهة أخرى، هناك عشرات المواطنين، يدفعون لهم المال برضاهم مقابل ضمان سلامة معدات سياراتهم وحمايتها من التخريب في ظل ارتفاع الإجرام بالمنطقة. وكشف مصدر أمني، أن انتشار ظاهرة الباركينغ الفوضوي راجع لعجز السلطات البلدية على خلق فضاء لركن السيارات والتي من شأنها إن تقضي على الفوضى وتقلل الضغط على شوارع المدينة وتنشر الطمأنينة لدى أصحاب السيارات، حيث أن مدينة تلمسان، ورغم ضيق أزقتها، لكنها تفتقد لمرفق توقف السيارات واحد. ورغم أهميته الاقتصادية، لكن السلطات لم تفكر فيه وهو ما فتح آفاقا لأكثر من 561 حارس باركينغ فوضوي والذي قد يكون هو نفسه السارق، خاصة وأن أغلب حراس الباركينغ من المسوبقين قضائيا. هذا وأشار ذات المسؤول، أن عجز السلطات هو ما شجّع على نشاط هذه الفئة التي تبتزّ المواطنين، مؤكدا أن والي ولاية تلمسان كان قد أصدر تعليمة سنة 2011 لمنع ممارسة هذا النشاط في ظل مكافحة الأنشطة التجارية غير الشرعية، لكن سرعان ما عاد بقوة لتصبح تلمسان ملكية خاصة تحت قوة العصا لمن عصى، ما يستوجب تدخل السلطات الولائية لتوقيف هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع.