ساحات عمومية وأحياء بسطيف… تتحول إلى ملك لمسبوقين قضائيا وشباب بطال الويل لمن رفض دفع تسعيرة التوقف والسلطات المحلية الغائب الأكبر عن الميدان يعاني سكان مختلف بلديات ولاية سطيف على غرار بلدية العلمة، عين ولمان، عين أزال… وغيرها من استفحال ظاهرة جديدة هي استحواذ بعض الشباب على مختلف الأرصفة والساحات العمومية المتواجدة في الأحياء وتحويلها إلى مواقف لركن السيارات "الباركينغ". فالمواقف الفوضوية انتشرت بشكل مقلق زاحفة على الأرصفة والشوارع والطرقات بصفة غير مسبوقة مساهمة في محاصرة المواطنين بمن فيهم السكان والمارة على حد سواء، حيث تتحول معظم الساحات إلى حظائر للسيارات مدفوعة الأجر من قبل بعض الأطفال أو معتادي الإجرام أو حتى "زوالية" لم يجدوا بديلا آخر لكسب لقمة العيش، الأمر الذي يجبر المواطنين على دفع مبالغ مالية مقابل ركن سياراتهم وهو ما لم يتقبله هؤلاء، خاصة أن الظاهرة عرفت انتشارا رهيبا في الآونة الأخيرة حتى كادت تكتسي طابع الشرعية، رغم أن السلطات المحلية تخصص مساحة لركن السيارات إلا أن هناك بعض الشباب استغلوا الوضع لفرض قانون الباركينغ على مساحات شرعية للركن. فبمجرد أن يعود صاحب السيارة إلى عربته يقف عنده شاب يُطالب بمستحقات الحراسة والويل لمن رفض الدفع حيث يرد عليه الشاب بوابل من السب والشتم، وقد تتعقد الأمور لتصل إلى المشادات. وحسب شهادات الكثير من مرتادي شوارع المدينة ليلا ونهارا وأصحاب السيارات. وعليه فإن المصالح بلدية سطيف تواصل مساعيها للقضاء على هذه الفوضى من خلال العديد من الإجراءات الضرورية التنظيمية التي تسببها الحظائر غير القانونية. الظاهرة مصدر إزعاج للمواطنين وأصحاب السيارات أضحت هذه الظاهرة مصدر إزعاج للمواطنين، إذ يجدون أنفسهم ملزمين بدفع مبلغ معين على مكان لركن سياراتهم، حيث تحولت مختلف هذه الأماكن إلى حظائر ومواقف غير شرعية للسيارات، وحتى الساحات المخصصة للعب الأطفال بوسط العمارات وتلك التي كانت بالأمس القريب مسرحا للتجارة الفوضوية، هي الأخرى لم تسلم من ذلك وأضحت عبارة عما يعرف ب"الباركينغ "ومع مرور الوقت أخذت شكلا شرعيا، رغم أن هؤلاء الشباب لا يملكون أية رخصة أو تصريح قانوني لاستغلال الطرقات، وعند رفض الدفع من طرف صاحب السيارة سيكون عرضة لعمليات سرقة أو تخريب وحتى الضرب. في حين أعرب سكان العديد من الأحياء بمختلف مناطق سطيف والذين التقتهم "البلاد" عن استيائهم الشديد من استحواذ الشباب على الأماكن العمومية وتحويلها إلى مواقف للسيارات، الأمر الذي وصفه السكان بغير المقبول تماما. وفي هذا السياق قال أحد المواطنين من بلدية عين ولمان، إن غياب المراقبة ودور المسؤولين هو السبب الرئيسي في انتشار مثل هذه الممارسات من طرف الشباب. وما زاد بلة هو تلك المبالغ الباهظة التي يفرضونها في حين أننا نركن سيارتنا أمام منازلنا ناهيك عن السرقات التي وقعت أكثر من مرة. في حين أجاب آخر بأن ظاهرة مواقف السيارات استقطبت العديد من الشباب، فلا نجد على مستوى كامل إقليم البلدية أي رقعة أو مكان لم يستحوذ عليه من طرف الشباب يطالب بحق ركن السيارة، خاصة بالقرب من الأسواق، المستشفيات والمساجد وحتى المحالات التجارية، قام بعض الشباب بتحويلها إلى مواقف لركن السيارات مقابل 50 دينارا في النهار ليتضاعف المبلغ في الفترة الليلية إلى 100 دينار لتصل الى 200 دينار ببلدية العلمة. كما قادتنا جولتنا الميدانية إلى عدد من شوارع مدينة سطيف حيث وقفنا على الوضع المتردي الذي يعانيه أصحاب السيارات ممن يجبرون على ركن سياراتهم بأحد أركان هذه الشوارع، فبمجرد أن تجد مكانا لك يقف شاب أو كهل أمام سيارتك قائلا "باركينغ" وهو المصطلح الذي تعوّد عليه الحراس غير الشرعيين للحظائر. وعند استفسار أحد السائقين أكد أنه غالبا ما يركن سيارته بالحي نظرا لمكان عمله، حيث يجد نفسه مضطرا إلى دفع مبلغ 50 دينارا ويصل أحيانا 100 دينار حتى وإن كان الأمر يتعلق بركن سيارتك لمجرد نصف ساعة من الزمن في ظل غياب سلطة رقابية تضع حدا نهائيا لانتشار الحظائر العشوائية للسيارات. هذه الظاهرة الغريبة التي أثارت غضب المواطنين وسخطهم. وحسب قول آخر الذي أقر بأن عليه الخضوع للقوانين التي وضعها هؤلاء الشباب، خشية التعرض لاعتداءات أو سرقة، أو أن يسمعوا مختلف أنواع الإهانات من طرفهم، لذلك تجدهم مسيرين لا مخيرين بين دفع قيمة ركن السيارة أو منعهم من الوقوف. وقد تفاقم هذا الوضع كثيرا في كل من مدينتي العلمةوسطيف. وحسب قول الشيخ "علي" الذي رأى أن الظاهرة شاعت كثيرا في أغلب النواحي حتى صارت أغلب الشوارع (باركينغ) خاصا، وما إن تركن سيارتك في مكان حتى يتقدم إليك أحدهم ويخبرك بوجوب دفع ثمن ركنها وإلا كان مصيرك الدخول في نزاع، ولكي لا يدخل الشخص منا في تلك التفاهات يختار أسوأ الحلين بدفع ثمن الركن ما دام أن هؤلاء استمروا في تلك الحرفة دون حسيب أو رقيب، لتضاف تلك الغرامات إلى كاهل المواطنين. المواطنون يطالبون بإيجاد حل لهذه المعضلة طالب الكثير من سكان المدن رؤساء البلديات ورؤساء المجالس الشعبية الولائية عبر صفحات جريدة "البلاد" بإيجاد حل لهذه المعضلة وطريقة مثلى لتسيير حظائر السيارات. إذ إن تقنين نشاط الحظائر يضمن سلامة الزبون والحارس في الوقت نفسه من خلال تذكرة عليها تأشيرة البلدية وتحديد المبلغ مسبقا، إما في النهار أو الليل وضمان سلامة سيارات ومركبات الأفراد لأنها غالبا ما تسرق ولا تجد من تتهم حتى لأن أغلب حراس الباركينغ أشباح لدى الدولة وهم في أغلب الأحيان مجرمون سابقون أو معتادون على الإجرام، مؤكدين أن البلديات يمكنها أن تتكفل بهذا العمل قانونيا، لأن لديها الحق في منح رخص استغلال أماكن التوقف، أوأنها تهيئ أماكن للتوقف وتمنح الشباب عبر تعاونيات فرصة الاستغلال الفردي مقابل دفع مبلغ محدد. لكن بالنسبة للأرصفة، فالأمر غير مقبول، لأن أماكن التوقف لا بد أن تشرف على تهيئتها البلدية. الشباب يرجعون السبب إلى الظروف المزرية وانعدام مناصب عمل وعن السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب إلى التوجه إلى مثل هذه الممارسات هو البطالة الخانقة التي يعيشونها، الأمر الذي يجبرهم على التوجه إلى مثل هذا العمل مقابل مبالغ مالية زهيدة جدا رغم تقدمهم بملفات التوظيف إلى عديد الجهات، ولكن لا جديد يذكر لحد الآن. وخلال جولتنا هذه وجدنا العديد من الشباب تتراوح أعمارهم بين 15 و40 سنة احتلوا كل المساحات الشاغرة وجعلوها ملكية خاصة، كما استولوا على شوارع الطرقات وحولوها إلى حظائر فوضوية ببلديات يرتادها أصحاب السيارات من خارج المنطقة بغرض ركن مركباتهم، واستغلوا هذه الفرصة لربح بعض الدنانير كما يقولون لكسب قوتهم خاصة أن الكثير منهم يعانون من البطالة. وكان لنا حديث مع الشاب "محمد" البالغ من العمر 25 سنة الذي قال إنه ذاق ويلات البطالة منذ تخرجه من جامعة سطيف رغم حصوله على ليسانس آداب ولم يجد عملا لأنه لا يمتلك لا المال ولا المعريفة حسب قوله. ولذا لجأ إلى الباركينغ لسد مصروف جيبه لا غير لأنه جد زهيد ولا يقضي أي حاجة حسب قوله. في حين تفاجأنا بإجابة أحد شباب المواقف غير الشرعية حول كيفية احتلال مكان ما للموقف أكد أن الأقوى هو الأبقى وكأننا في غابة، لا مجال فيها للكلام سوى عن القوة والعنف هي مظاهر كثيرة أصبحت تصنع يوميات مواقف السيارات غير الشرعية حيث تعدت كل الحدود بعد أن أضحت لغة القوة هي السائدة، فويل لمن لا يدفع الخمسين دينارا والمبلغ قد يزيد أو ينقص حسب الموقع. وعن سبب تفشي هذه الظاهرة أكد أحد الحراس أن الأمر متعلق بوجود أشخاص يدفعون بكل بساطة بسبب خوفهم أولأسباب أخرى، وهو ما يشجع هؤلاء الشباب الذين تمادوا أولا، في فرض أماكن ممنوعة للوقوف وجعلها مواقف للسيارات، وثانيا عدم التمكن من تحقيق أي حماية لها. مخططات أمنية وإدارية لإعادة الاعتبار لوجه الولاية بالرغم من أن السلطات المحلية لولاية سطيف قامت بالتنسيق مع مؤسسة تسيير المرور والنقل الحضري للولاية بتخصيص مساحات لركن السيارات رغم قلتها، إلا أن هذه الأخيرة أصبحت لا تستوعب الكم الهائل من العربات التي تقصدها يوميا. وفي انتظار تسلم مشاريع إنجاز حظائر جديدة يبقي المواطن ما بين المطرقة والسندان فهو إما مجبر على دفع الإتاوات لمحتكري الأرصفة والشوارع أو التعرض لمخالفات أعوان الشرطة الذين وسّعوا من عملية وضع "الكماشات". وأكد مصدر من المصالح المسؤولة أنه يوجد قانون يسير هذه الحظائر، وساري المفعول منذ مدة، حيث وضعت لجنة خاصة تضبط ملفات طلبات الشباب، الذين يرغبون في ممارسة هذه المهنة، وهي لجنة مشتركة بين المجلس الشعبي البلدي ومصالح أمن الولاية ومديرية النقل ومديرية التجارة، حيث يتم الترخيص لهم بممارستها في حدود، أي يجب أن تكون الحظيرة جماعية لا فردية، مسيرة من قبل مجموعة من الشباب. من جهتها تواصل مصالح أمن سطيف عملياتها الموسعة قصد محاربة الظاهرة، ولن تستبعد مصادرنا إمكانية تشكيل ملفات قضائية للشباب الذين استغلوا مساحات عمومية تابعة لأملاك الدولة لممارسة نشاطهم هذا.