أكّد الدكتور و الأستاذ الجامعي " بوعزة بوضرساية" تمسك المجتمع المدني بكافة أطيافه بقانون تجريم الاستعمار، باعتباره مطلب تجتمع حوله كل القوى الحية بالبلاد غير أنه يتطلب منا اليوم يضيف محدثنا قائلا" تقوية هذا المطلب ودعمه أكثر من طرف الجهات السياسية للضغط على فرنسا ولو اقتصاديا". أبرز بوضرساية من منبر "ضيف الشعب" عشية الذكرى ال69 لمجازر الثامن من ماي 1954 أهمية التمسك بتجريم المستعمر الفرنسي، و تشبث كل أطياف المجتمع المدني بمختلف تنظيماته بقانون تجريم الاستعمار، وكذا مطالبتها الاعتذار الرسمي عن المجازر التي ارتكبت في حق شعبنا الأعزل خلال فترة احتلالها للجزائر، وذلك بعيدا عن العلاقات الثنائية التي باتت تربط البلدين حيث وبعد أن كانت بالأمس قال -أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر -عدوة لنا اليوم باتت تربطنا بها علاقات طيبة في خضم مرحلة جديدة متفتحة على العالم. و أوضح الأستاذ بوضرساية في هذا الصدد، أن تجاهل الحكومات الفرنسية للأصوات المطالبة بالاعتراف بجرائمها على مدى عقود من الزمن، خاصة ما تعلق بممارستها للإرهاب النووي بصحراء الجزائر و التي ما يزال تأثيرها قائما لحد الساعة، و تكون بذلك قد تجاوزت كل ادعاءاتها في احترام القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان على حد قوله. وفي ذات السياق،أفاد الأستاذ الجامعي أن المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في 8 ماي 1945 هي جرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس ، حيث كانت جرائم إبادة و تطرق في هذا المقام إلى ممارسات الاستعمار المقيت وجرائمه البشعة التي تقشعر لها الأبدان، ضد شعب أعزل محاولا بذلك طمس الهوية الجزائرية الوطنية، مؤكدا أن جريمة المستعمر قائمة بالدلائل ولا يمكن أن تسقط بالتقادم ،خاصة و أنها تعد من أبشع الجرائم المرتكبة في حق الإنسانية ، وأن آثار هذه الجرائم ما تزال قائمة لحد الساعة على غرار المفقودين ومجهولي الهوية. وفي هذا المقام طالب الأستاذ بوضرساية بضرورة مواصلة القادة السياسيين، في ضغطهم على الحكومة الفرنسية للاعتراف بجرائمها التي ارتكبتها ضد الجزائريين طيلة 132، جاعلا منه مطلبا أساسيا لربط علاقات ثنائية بين الجزائروفرنسا كدولتين كاملتي السيادة. وبالموازاة مع ذلك، أبرز بوعزة مسؤولية المؤرخين في كشف جرائم فرنسا حيث قال لقد آن الأوان وعلى الساسة الجزائريين أن يفرضوا على فرنسا بكل الوسائل الاعتراف بجرائمها، و إعادة كرامة الجزائري، مشيرا في سياق حديثه إلى أن الجزائر دولة إقليمية لها وزنها في إفريقيا، ما يمكّنها من الضغط على فرنسا اقتصاديا للاعتراف بجرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري. و أوضح بوعزة أنه وبعد مخاض عسير في دفع فرنسا للاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها في حق الجزائريين، تمكنت من الوصول إلى اعتراف ضمني تمثل في اعتراف مثقفيها بالجرائم التي ارتكبها أبناء جلدتهم، وذلك بعد أن وردت بعض الحقائق في مؤلفاتهم الأدبية، غير أن ذلك لا يعدّ باعتراف رسمي فعلي للهيئات السياسية الفرنسية خاصة و أنها لا تبدي أي إرادة في الاعتراف السياسي بجرائمها باعتبار أن ذلك سيدخلها بوصمة عار في التاريخ. وحول دور جمعية 8 ماي 1945، وهي الجمعية المخول لها الدفاع عن حق الجزائريين ضحايا المجازر، في الحصول على اعتذار من طرف القادة الفرنسيين بالجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب الأعزل، أكد بوعزة أن الجزائر فتحت المجال لظهور العديد من الجمعيات للمطالبة بحقها في التعويض ، على غرار جمعية 8 ماي غير أن الصراع الداخلي داخل هذه الجمعيات، حال دون القيام بواجبها على أكمل وجه على حدّ قوله، وفي هذا السياق دعا محدثنا إلى ضرورة ترك الصراعات الشخصية على جنب و التوجه نحو مصلحة الوطن وإعادة الاعتبار لشعبها. وفي هذا الإطار دعا ضيف "الشعب"، الجمعيات المهتمة بالتاريخ إلى الدخول في خط واحد لمواجهة فرنسا في قضية الجرائم و الإبادة التي ارتكبتها في الجزائر، و مواجهة رفض الساسة الفرنسيين الذين يرفضون الاعتراف بماضيهم الاستعماري الأسود ، خاصة وأنها تشهد أزمة مالية تجعلها بحاجة لمساعدة ، خاصة في ظل حجم المبادلات الاقتصادية القائمة مابين البلدين. ولذلك على الجزائر أضاف يقول استغلال هذه الفرصة السانحة للضغط على فرنسا وإحراجها دوليا من أجل الكشف للرأي العام الدولي بالجرائم الكبرى التي مارستها الآلة الاستعمارية في حق شعب أعزل ، وعلى التاريخ يقول بوضرساية مهما طال الزمن أن يعترف بجرائم الإبادة التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر فهو حق دولي مشروع.