كان الجمهور العاصمي نهاية الأسبوع بقاعة الموقار، على موعد مع أفلام المغرب العربي، من خلال مهرجان الجزائر الثاني للسينما المغاربية، الذي يستضيف في طبعته الحالية 38 فيلما من الجزائر، تونس، المغرب، ليبيا وموريتانيا. تتواصل العروض السينمائية إلى غاية 11 جوان الجاري، حيث انطلقت التظاهرة الثقافية بفيلم فاطمة نسومر لبلقاسم حجاج، والذي يتطرق إلى أبرز وجوه المقاومة الشعبية بمنطقة القبائل إبان العشريات الأولى من الاحتلال الفرنسي للجزائر، كما يتناول مصير وقدر هذه الشخصية الاستثنائية، «فاطمة نسومر» والتي جسدت دورها الممثلة الفرانكو لبنانية ليتيسيا عيدو، حيث تنفى من مسقط رأسها بعد أن رفضت الزواج القسري، لتنتهج سبيل الروحانية وتهتم بالسياسة، حتى أصبحت تؤثر على قرارات زعماء منطقة القبائل، إذ تمكنت بحكمتها في توحيد الصفوف ضد الغزو الفرنسي. ليكون الموعد بعدها مع أفلام أخرى من تونس، المغرب وموريتانيا، والتي كانت تصب أحداثها حول الواقع المعيش للمجتمعات العربية ولشبابها، من الهجرة غير الشرعية إلى البطالة.. وتم عرض بالمناسبة الفيلم القصير «رغبات» لسمير حرباوي، والذي يتنافس في هذه التظاهرة على جائزة «الأمياس الذهبي»، حيث يجسد الفيلم معاناة العديد من شباب تونس، من خلال حكاية شاب متحصل على شهادة عليا، لكنه عاطل عن العمل، يقع في مأزق يتمثل في تمكين صديقه المقيم معه في نفس الشقة من راحته الشخصية، للاحتفال صحبة حبيبته بعيد ميلادها فيقضي كامل اليوم خارج الشقة، يجوب شوارع العاصمة بحثا في ذات الوقت عن عمل ليؤسس لحياته. كما وقف أيضا الجمهور العاصمي على الهجرة غير الشرعية لعديد الشباب من الجنسين، وذلك من خلال فيلم «نحو حياة جديدة» لعبد اللطيف مجقاد، والذي يسلط فيه المخرج الضوء على ظاهرة ما يزال المغرب يصرف تبعاتها السلبية وخاصة العائلات التي تفقد أبنائها الذين يرحلون إلى ما وراء البحار، بحثا عن حياة جديدة، وهو ما يفعله «سعد» طفل في الثانية عشر من العمر، يقرر بعد وفاة والدته الهجرة بشكل غير شرعي إلى الضفة الأخرى، حيث أخوه الأكبر هشام حتى يتخلص من وحدته، لكن شاءت الأقدار أن تتحول مجرى الأحداث ليحظى الطفل فعلا بحياة جديدة بعد أن لفظ البحر جثث أصدقائه، ويتضح هذا من خلال ملامح السعادة على محيا الطفل الذي فرح لكونه استغرق في النوم ليتخلف عن الرحيل، لكن البطل يعود ليحزن لكونه فقد أصدقاءه. أما فيلم «النهاية» للموريتانية مي مصطفى فتدور أحداثه حول شاب يتخيل أنه يشرب ويأكل ويدخن وفي الحقيقة، هو لا يفعل شيئا من ذلك، وهذا ما يعانيه شباب المواقع الافتراضية، يعتقدون بأنهم مبدعين، بينما هم لا يفعلون شيئا لتحقيق ذلك. واستمتع عشاق السينما أيضا بالفيلم الوثائقي «عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية» للمخرج سالم ابراهيمي، والذي يصور خلال 96 دقيقة مقاومة الأمير عبد القادر للاستعمار الفرنسي، والحروب الناجحة التي قادها، من بينها معركة مضيق سيدي مبارك، وصولا إلى استيلاء الفرنسيين على مدينة معسكر. كما أبرز الفيلم جهود وبسالة الأمير عبد القادر وتنقلاته لأجل استقرار وتحرير الجزائر، حيث لم يتوان أيضا في غزو القبائل المساندة للاستعمار الفرنسي، لتتوالى الأحداث إلى غاية توقيعه لمعاهدة التافنة الشهيرة بتاريخ 30 ماي 1837، والتي من خلالها بدأ العمل على تقوية الدولة وتحصين المدن وتأسيس ورشات عسكرية وبعث روح الوطنية والمواطنة..