يعتبر الجاحظ من أشهر مؤلفي القرن الثالث للهجرة وأول مفكر عربي غاص في المدينة العربية حتى النخاع وقد شملت مؤلفاته تعدد الطوائف البيان والتبيين الظرفاء والثقلاء وأخلاق الملوك وأخلاق العامة وغيرها من الموضوعات التي تعالج مختلف الجوانب. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن هذا العالم الموسوعي ولكن من المفيد الاشارة الى علاقته وموقفه ورأيه في المرأة. 1) قادت إمرأة الجاحظ عندما كان في شبابه الى صائغ وأشارت الى وجهه وقالت للصائغ مثل هذا !! ولما انصرفت عرف الجاحظ من الصائغ ان المرأة طلبت منه أن يحضر لها في خاتم صورة لأقبح وجه وكان الجاحظ المسكين جاحظ العينين وتقول احدى الشائعات بأنه مات بسبب الكتب التي سقطت عليه ولكنه كان أعجوبة زمانه في الوعي بالتطور والتحول فيما يتصل بالحياة خاصة في عالم المدينة التي جعلها أول سلم الحضارة كما جعل الكتابة أول سلم التقدم المعرفي. 2) كان من قدرة الجاحظ أن يخترق بقلمه الآفاق التي ظلت مغلقة دون غيره والكتابة في موضوعات لا يستطيع غيره الخوض فيها منها موضوع المرأة حيث يقول »لم يزل الرجال يتحدثون الى النساء في الجاهلية والاسلام حتى ضرب الحجاب على نساء النبي ولم يكن النظر من بعضهم الى بعض عارا في الجاهلية ولا حراما في الاسلام. 3) الحديث في السياق يقودنا الى الشيخ رفاعة الطهطاوي الذي سافر الى فرنسا ليكون اماما لطلاب البعثة العلمية حيث نهل من الثقافة الفرنسية ومعارفها الحديثة تفوق على أقرانه في تحصيلها وسجل من أفاده في كتابه المعروف »تخليص الابريز في تلخيص باريز« تحدث عن الحرية التي كانت سببا في تقدم فرنسا على غيرها من الأمم وتحدث عن أوضاع المرأة الفرنسية التي اعجبه منها انشغالها بالفنون ومساندتها للرجل في مناحي الحياة الإجتماعية فأدرك ان تطور المجتمع واكتمال حديثه لايتحقق الا بتحرير الانسان (الرجل والمرأة) . 4) عند عودته الى مصر تزوج من قريبة له وكتب لها وثيقة يعاهدها فيه بأنه لايكرهها على شيء ويحسن معاملتها ويحترمها ويخاطبها بأفضل خطاب ويعاملها بالتقدير والاحترام والا يتزوج عليها او ينظر إلى غيرها احتراما لها وأنه سيظل وفيا لما عهدها عليه والا فان زواجه منه باطل. عاش الطهطاوي سعيدا في كنف هذه المرأة التي سعد معها بافتتاح أول مدرسة لتعليم البنات وأصدر كتابه المهم »المرشد الأمني في تعلم البنات والبنين«.