قال لي صديق محترم: »أنا إنسان صريح أحب الصراحة ولا أقبل أن أكون بوجهين: وجه المجامل ووجه المتضايق، غير أن الصراحة تسبب عدم القبول من الآخرين فهم يتعبون ويسببون لي المتاعب سواء في الرأي أو في العتاب« لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن حدود الصراحة مع الآخرين بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم الحقائق التالية: 1 من المؤكد أن الأسلوب الذي نخاطب به شخصا أكبر سنا أو مقاما أو مركزا يختلف عن الأسلوب الذي تتعامل به مع طرف في نفس المستوى ونفس السن ونفس المركز، فالصراحة مع طرف قريب تسمح لنا بأن تستعمل أسلوبا في التخاطب لا نستطيع أن نستعمله مع طرف أكبر مناسبا، بحيث يستطيع أن يقول لطرف آخر أنت مخطىء ولكنه لا يستطيع أن يقول نفس العبارة لأبيه أو أمه أو طرف له مهابة في نظره. 2 الصراحة مع الآخرين تتطلب انتقاء الألفاظ والحرص على أدب التخاطب في الصراحة ومعرفة الهدف من الصراحة: هل التوبيخ والاهانة أو مجرد النقد أو تبليغ رسالة معينة أو العتاب والمصالحة أو هدف آخر. 3 الانسان في حالة غير طبيعية يرى في الصراحة إثباتا بجرأته وشجاعته، وتهدف الصراحة السليمة إلى الدفاع عن الحق وليس من أجل الظهور واثبات التفوق. 4 حول حدود الصراحة في التعامل مع الآخرين يقدم المختصون الارشادات التالية: أ معرفة طبيعية الطرف الآخر إذا كان من النوع الذي يقبل العتاب أو لا يقبله، لأن البعض يحاول أن يبرىء نفسه ويكثر من الجدل ويحاول إتهام الغير بالظلم والافتراء وينتهي العقاب بنتيجة سلبية وصدق الشاعر الذي قال: دع العتاب فربّ شر كان أوله العتاب. أما الطرف الآخر الواسع الصدر فيمكن مصارحته بالحقائق ووجهة النظر وتصفية الأجواء وتوضيح الموقف معه لإزالة أسباب عدم التفاهم. ب من الواجب أن يكون العتاب مع الطرف الآخر أو من نتعامل معه على انفراد، ذلك لأن الكرامة الشخصية لا تقبل العتاب أمام الآخرين حتى لا يظهر الطرف الآخر بصورة تقلل من شأنه أمام الآخرين ج يجب أن يكون أسلوب العتاب رقيقا بحيث يبدأ الإنسان بذكر محاسن الطرف الآخر قبل التطرق إلى المساوىء. د بعض الأمور من البساطة التي لا تستحق العتاب وصدق الشاعر الذي قال: إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه8