القضية الصحراوية : الناشطان السويديان يستأنفان رحلتهما بالدراجة انطلاقا من الجزائر العاصمة نحو مخيمات اللاجئين    كريكو تستقبل وزيرة الشؤون الاجتماعية وترقية المرأة بالجمهورية العربية الصحراوية    الأغواط: جثمان الشيخ عبد المطلب التجاني يوارى الثرى بمدفن العائلة التيجانية بعين ماضي    بلعابد يجتمع بأعضاء اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية لعمال التربية الوطنية    صالون الكتاب: التأكيد على مكانة الأدب الجزائري في المشهد العربي بالجزائر العاصمة    كرة القدم/تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يستأنف التحضير للقاء ليبيريا    نص قانون المالية 2025: التدابير المدرجة تراعي مصلحة المواطن وتعزز قوة الاقتصاد الوطني    حوادث المرور: وفاة 5 أشخاص واصابة 264 آخرين بجروح خلال ال24 ساعة الماضية    مالية: مستوى الدين العمومي في الجزائر منخفض مقارنة بالدول العربية و المتوسطية    رئيس المجلس الأعلى للشباب يشارك في قمة الشباب الافريقي بأديس أبابا    سيلا 24: المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والاشهار تعرض 800 عنوان و اصدارين جديدين    مجموعة من الطلبة الجامعيين في زيارة بيداغوجية إلى مقر المجلس الشعبي الوطني    نص قانون المالية ل2025: السيد فايد يشرع في الرد على أسئلة و انشغالات أعضاء مجلس الأمة    انطلاق أشغال المؤتمر الوطني ال8 للفدرالية الجزائرية للصيدلة    مراد ينصب والي أم البواقي الجديد    اعلان قيام دولة فلسطين محطة مفصلية رسخت جهود الجزائر الداعمة للشعب الفلسطيني    تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025: المجموعة الخامسة -الجولة الخامسة: تعادل غينيا الاستوائية والجزائر )0-0(    اليوم العالمي للسكري: تنظيم أنشطة تحسيسية وفحوصات طبية طوعية بأدرار    إطلاق حملات تحسيسية حول الكشف المبكر لمرض السكري    الديناميكية المتواصلة للاقتصاد الجزائري سمحت برفع معدل النمو    الجزائر-الكونغو: التوقيع على بروتوكول اتفاق في مجالي الجيولوجيا والمناجم    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة الشيخ سيدي عبد المطلب التيجاني    البوليساريو تجدد مطالبة مجلس الأمن بالتعجيل في تفعيل المسؤولية القانونية والأخلاقية للأمم المتحدة تجاه الشعب الصحراوي    الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم : الجزائري وليد صادي يعلن ترشحه رسميا لعضوية اللجنة التنفيذية للكاف    بن جامع يدعو لفرض وقف إطلاق النار في غزّة    إبرام اتفاق مع جمعية الفجر    الدرك يفكّك عصابة تزوير واحتيال    مشروع إنجاز قطب حضري عمراني كبير ببودواو    لن نسامحكم..    كيف يخطط نتنياهو لتغيير الشرق الأوسط؟    126 مليار دولار لتحسين أوضاع الجزائريين    إحباط محاولات إدخال 9 قناطير من الكيف    الأمل في الله.. إيمان وحياة    عصرنة الخدمات على طاولة الحكومة    شياخة يسرد تفاصيل مؤثرة عن دعم عائلته    بداوي يُشدّد على كبح الجريمة    التصريح الجزائري في قمة الرياض لا يدعو إلى إعادة الحظر العربي ل1973    مازة في مفكرة أتليتيكو مدريد الإسباني    أمين شياخة فخور بأول استدعاء له مع "الخضر"    التكفّل بدفع الأجور والعلاوات لمستخدمي قطاع الصحة    الاستثمارات ستساهم ب30% في الناتج الداخلي في 2025    جدي يفصّل "النقد ونقد النقد" عند طرابيشي    المطالبة برسم سياسة وطنية للكتاب    في روايتي الجديدة أسئلة عديدة حول الكتابة    جامع الجزائر يسعى لإنشاء مخبر وطني لترميم المخطوطات    الجامعة العربية تحثّ كافة المؤسسات على تحمّل مسؤولياتها    "الرائد" في تنقل صعب و"العميد" و"الحمراوة" لخطف الريادة    منظمة حماية المستهلك تطلق حملتها الموسمية    توقيف 22 متورطا في عدة قضايا    حكم إيفواري يدير لقاء الجزائر    مروجا المهلوسات بتيغنيف في قبضة الشرطة    مشاركون في ندوة "الصوفية إرث وحضارة" : الزوايا قاومت الإستعمار.. وإرثها التراثي والحضاري لا يمكن تجاهله    الجهاد في سبيل الله    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    إنتاج أدوية السرطان أولوية    دعوة لتطوير الممارسة الصيدلانية في الجزائر    إلا أن يتغمدنا الله برحمته    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة الممارسة والانتاج.. لا سياسة العلامات والوجاهة
بوتفليقة:
نشر في الشعب يوم 07 - 04 - 2009

قديما قيل »إنما يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال«، فهذه المقولة ينبغي ان تكون المبدأ الذي يُحكّمه المواطن الجزائري في هذه الانتخابات الرئاسية، لكي يمنح صوته الثمين للمرشح الاكثر استحقاقا من غيره لقيادة البلاد والمضي قدما في تحقيق استقرارها وامنها وازدهارها ورقيها بين الامم، من اجل هذا، فان المواطن الجزائري مطالب بان يحسن اختياره وان يضع صوته حيث الحق يوجد، وانا اقصد بالحق هنا، الحق في معناه السياسي الاجتماعي حتى لا يقتنص البعض، الفرصة لكي يتهمني بانني اضفي نوعا من القداسة على المرشح، الذي اقف في صفه،
وهو ما سأعرب عنه، في هذا المقال واشرح، باقتضاب، غير مخل، الاسباب الموضوعية والذاتية، التي تجعلني اعتبر الحق يميل مع هذا المرشح دون غيره من المرشحين (والمرشحة)، خاصة وان الساحة السياسية الجزائرية، قد عرفت شدا وجذبا يدل، صراحة، على وجود درجة لا بأس بها من الديمقراطية والحرية بالجزائر، ولكن يدل، ايضا، على ضعف الوعي السياسي، وحتى الوطني لدى البعض، وفي مقدمتهم سياسيين معروفين، فمنهم من لجأ الى تنكيس العلم الوطني، رمز الدولة الجزائرية، ورفع مكانه راية سوداء فوق مقرات حزبه، ولا يسعني في هذا المقام، الا ان اقول عن هذا العمل المشين، ما قالته جرمان دي ستاييل madame destael في موقف آخر: »كم من الجرائم ترتكب باسمك ايتها الحرية«، وهذا شيء مؤسف للغاية، ومنهم من قاطع الانتخابات، بدعوى ان الرئيس القادم معروف مسبقا، وهم يقصدون المرشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة، طبعا، وهذا بالتأكيد، مجرد استيهامات fantasmes سببها فكر القنوط واليأس، الذي يريد بعضهم (من الجزائريين وغيرهم)، ترويجه في صفوف الشعب، وخاصة طبقة الشباب منهم، لشد البلاد الى الوراء وهز استقرارها واحباط شعبها.
مقاطعة الانتخابات
عمل غير مسؤول
مما لاشك فيه، ان مقاطعة الانتخابات والدعوة الى ذلك، تمثلان عملا غير مسؤول وغير حضاري، ولا حتى ديمقراطي، ونكاد لا نرى له مثلا في الدول الديمقراطية والمتقدمة، التي يراد الاقتداء بها، خاصة بدعوى عدم جدية الانتخابات وعدم الجدوى من المشاركة فيها، ما دام الرئيس القادم معروفا مسبقا، وهذا، ان اردت ان اصفه، فانني اقول ان هذا الزعم من قبيل »قطع يد السارق قبل ان يسرق« لكونه سقيما وغير صحيح، فالمرشح المعني هو الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وهو من قام، بنفسه، بحث الشعب الجزائري على ان يختار، بكل حرية وبدون خوف ولاضغط، المرشح الذي يجد فيه آماله وطموحاته، ويرى انه الاقدر والاكفأ لضمان مستقبل البلاد ونماء حاضرها، لذلك، فأنا اتساءل ماذا يمكن للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ان يفعل اكثر من هذا؟ هل يجب ان يدير حملة انتخابية ضد نفسه؟ هذا في الحقيقة عبث وعين الهراء.
والواقع انني لا اجد لمقاطعة الانتخابات سوى معنى واحدا، الا وهو عقدة الخوف ومركب النقص complexe d'inferiorité وحالة شعور مرضي بالاضطهاد والريبة،
(paranoia) ''بارانويا''، يعاني منها بعض السياسيين لدينا، تجاه خوضهم لمعركة انتخابية مع الرئيس بوتفليقة، الذي وصل الامر بالبعض الى دعوته للتنحي عن السلطة والخروج من السباق الانتخابي. ومن جهة اخرى، يتذمرون من قلة الحرية ويتغنون باغنية الديمقراطية، وانا لست ارى الا انهم يلعبون لعبة غير ديمقراطية، لا تحترم قواعد الديمقراطية في شيء، وترمي بالحرية عرض الحائط، وهذا ليس غريبا في عصر نعيش فيه ازمة قيم وازمة اخلاقية، وكما قال افلاطون: »من عرف ذاته تأله«.
الحق في جانب من عمل وعرق
ان الحق السياسي والاجتماعي الذي قصدته في بداية هذاا لمقال، في مقولة »انما يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال«، هو الحق المتمثل في الاصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والقدرة عليه واخلاص النية فيه للصالح العام، وكذلك، هو الحق المتمثل في الانجاز المادي والثقافي للبلاد، وهو الحق المتمثل، باختصار، في العمل والعرق، وانا لا ارى، حقيقة، من هو اقدر من بوتفليقة على كل هذا، فهو من اعاد للبلاد استقرارها وامنها، وبوأها مكانتها القمينة بها، دوليا، واسترجع لها قوتها ووزنها السياسيين، وعافيتها الاقتصادية وسؤددها الاجتماعي، وبهجتها الثقافية، وصالح قلوب الشعب، فألف بين السياسة والاخلاق، بداية شاقا لا اشك في ذلك، فاصلاح الاخلاق واعادة تشكيل الوعي او بعثه واحياءه، كان دوما اشق اعمال الحكام ورجال الدولة واكثرها دقة وخطورة، فرهان الشعب الجزائري، اليوم في هذه الانتخابات الرئاسية، ليس على »تشييد قصور في اسبانيا« كما يقال في المثل الفرنسي batir des chateaux en espagne بمعنى، توزيع الوعود التي لن ترى النور، ولكن رهانه على من يعمل ويعرق ويقدم الحلول العملية للمشاكل التي يعيشها المواطن الجزائري راهنا، مثل السكن والصحة والشغل والتعليم والنقل.. وكل هذه المشاكل بدأت تنزاح اشباحها من امام المواطن الجزائري، بفضل انجازات الرئيس بوتفليقة وعمله الدؤوب اثناء العهدتين الماضيتين، والشعب الجزائري، لا شك، ينتظر ان تتواصل هذه الانجازات ولا تنقطع وبرنامج بوتفليقة للعهدة الثالثة يقوم على مبدأ الاستمرارية في العمل واكمال المشاريع والانجازات التي انقذت الشعب الجزائري من الضياع والفاقة والفقر والتهميش، وضرب بوتفليقة على يد الفاسدين وبارونات »المافيا«، ويستحضرني، في هذا المقام، قول للفرزدق، الشاعر العربي الفحل: »لعمري، لقد اوفى وزاد وفاؤه«، فالرئيس بوتفليقة لم يتنكر للوعود التي قطعها على نفسه، والتزم بها امام الشعب الجزائري، رغم انه في معرض انتقاده، خلال هذه الحملة الانتخابية لبعض السلوكيات الاسلاموية والاسلامويين، قام البعض بتشحاج الغربان ناعقا وواصفا بوتفليقة بانه تنكر لوعوده (وانا لا أقصد مدني مزراق الذي وضح موقفه في حوار مع جريدة »الشروق« جاء فيه انه، بمعنى او بآخر، فهم رسالة بوتفليقة خطأ)، والواقع ان بوتفليقة لم يتنكر لوعوده بخصوص المصالحة الوطنية، التي اكد على ان صلاحية موادها لا تتوقف على مدة زمنية معينة، بل هي مفتوحة لكل التائبين، ولكن ان يقبل احدهم بامتيازات المصالحة ويستفيد من فرصتها، ولكنه يبقى مضمرا لعداء دفين وعدوانية تجاه جهاز الدولة والسلطة القائمة وتجاه رجال الدولة، وربما تجاه المجتمع برمته، فهذا ما لم يقبله الرئيس بوتفليقة ولا يقبله المجتمع الجزائري، لان ذلك يعني انه لم يتقدم باندماجه في المجتمع (أعني التائب) ولا تحققت توبته، فالتوبة تعني بالضرورة الاقلاع والندم وكف اليد واللسان عن الايذاء، ولا نعلم ان احدا قال ان عمر بن الخطاب تنكر للقرآن ولا للاسلام والمسلمين عندما حرم المؤلفة قلوبهم من العطاء (الصدقات من الزكاة)، وقرر ذلك بأن قال ان الاسلام صار عزيزا قويا ولم يعد في حاجة الى المؤلفة قلوبهم،الذين لم تنفتح قلوبهم لقبول الاسلام بشكل كامل غير منقوص، فالتعاطف في مرحلة من المراحل يصبح غير كاف.
وبالمثل بالنسبة لمن تعاطفوا من الاسلاميين مع المصالحة الوطنية دون القبول بها برمتها، فان هذا يبقى غير كاف في هذه المرحلة الدقيقة بالنسبة للجزائر، وبالتالي فهم يعتبرون بمثابة الخارجين عنها "outsiders"، وبهذا هم مستحقون للانتقاد واللوم.
الجزائر واجبي
عندما قرر الرئيس بوتفليقة ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، فهو في البداية، كما يعلمه كل جزائري، كان بطلب ملح من العديد من الجمعيات الوطنية والنقابات والمؤسسات المختلفة، ومن عامة الشعب الجزائري، للتقدم كمرشح لعهدة رئاسية ثالثة، ولا شك ان الرئيس بوتفليقة احس بثقل هذا الواجب ورأى انه ليس من الجيد تخييب آمال الشعب الجزائري، الذي احبه فقرر الا يرده على اعقابه، وقرر الترشح لعهدة ثالثة بعد ان تمت مراجعة الدستور، اي تعديل المادة 74 منه في فقرته الثانية والتي تنص (قديما) على انه: »يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة، وهذه الفقرة غامضة وصياغتها كانت صياغة سقيمة جدا، وهي، في الواقع، اذا تأملنا النظر، لا تمنع بكل وضوح على الرئيس الترشح لعهدة ثالثة، فهي لم ترد بصيغة النفي بمعنى المنع كأن تنص بعبارة »لا يمكن..« للتدليل على هذا المنع بصورة واضحة لا تحتاج للتأويل، كما هو الحال في الدستور الروسي، والدستور الامريكي، والدستور الفرنسي خلال الجمهورية الرابعة في المادة 29 من الدستور الذي استعمل صيغة النفي la négation مرتن، وكذلك الدستور الفرنسي الحالي، الذي يستعمل للمنع على رئيس الجمهورية تجديد ترشحه اكثر من مرة واحدة، نفس صيغة المنع، اي النفي القطعي، ومن جهة ثانية، فان الفقرة الثانية القديمة من المادة 74 من دستور 1996 لا تستعمل صيغة الحصر، كأن تنص بعبارة »إلا مرة واحدة« او »سوى مرة واحدة لا غير«.. وهذا ما يجعلني، دون ان ادخل في كثير من التفاصيل والجزئيات، لان هذا يحتاج الى دراسة مطولة، اقول، ان الرئيس بوتفليقة عندما قرر تعديل هذه المادة، لم ينتهك الدستور، بل فعل ذلك، في اطار صلاحياته الدستورية، المخولة اليه، وما قام الا بتوضيح مادة سيئة الصياغة وسقيمة العبارة، فهي تحتمل المعنى القائل بالمنع، كما تحتمل المعنى القائل بعدم المنع، والمبدأ القانوني يقتضي بان المنع يجب ان يكون واضحا وصريحا، وهو ما لا ينطبق على المادة 74 الفقرة 2 القديم، وهو ما لا تفيده، ايضا، عبارة »يمكن..« وحدها. لذلك، فان حجة خصوم بوتفليقة الذين قاطعوا الانتخابات خاصة، والذين رفضوا الترشح امامه، ويصفون حجتهم بانها دستورية، هي في واقع الامر، حجة واهية كقبض الريح يسوقونها لدى قليلي المعرفة، فلا يعول عليها.
فالرئيس، بذلك، احترم الدستور بايضاح عبارته وزيادة الكشف عن فحوى نصوصه وروح معانيه، وليس حبا في السلطة والحكم، فالرئيس بوتفليقة، في اعتقادي، لا يقل همة ولا شرفا عن نابليون napoleon عندما قال، في 2 أبريل 1814: »انني لست معلقا بالعرش، لقد ولدت جنديا، إنه يمكنني ان اكون مواطنا دون تذمر«، فما هو، إذن، الا الاساس الاخلاقي والوازع الوطني اللذان استحثا الرئيس بوتفليقة لتجديد ترشحه، فالسلطة ليست غريبة عنه ولا هو غريب عنها.
السلطة المنتقدة.. عنب قارص
بغض النظر عما انجزه الرئيس بوتفليقة من انقاض كاهل الجزائر من عبء المديونية بتسديد ديونها، واعادة السلم والامن للبلاد.. ومعالجة مشاكل كانت تبدو مستعصية مثل السكن والصحة والشغل .. بحلول واستراتيجيات ومخططات ناجحة وناجعة بشكل مثير للاعجاب، وهذا يسهل التأكد منه بطريقة مسح اجتماعي "social survey" (حسب اصطلاح علماء الاجتماع) لا بمجرد الكلام والمزاعم، ولا بتوزيع الوعود الوردية التي تتبخر بعد سماعها مباشرة ولا بالشعارات الغامضة الموغلة في العموميات، فلا تغني ولا تسمن من جوع، واقصى ما تفعله، الدوران حول القنطرة كما يقول الفرنسيون..
واما منهج بوتفليقة، فهو الممارسة العملية والانتاج والنجاعة الميدانية وسرعة الانجاز واحترام العامل الزمني.
بنفس هذه الروح والفكر السياسي، استرجع بوتفليقة للسلطة بالجزائر اساسها الاخلاقي وهو المساواة في خدمة الجميع وتقديم المصلحة العامة.
فكل سلطة لا يمكننا ان نتعلقها في غياب هذا الاساس الذي يعتبر ايضا غاية من غاياتها، من اجل ذلك، فان درجة قبول سلطة معينة من طرف القاعدة الشعبية وتقبلها، تزيد وتنقص، بحسب قدرة تلك السلطة على الوصول الى تكريس اساس المساواة وتحقيقه، وعدم تقاعسها او عجزها عن الوفاء به والتزامه، وهو ما نجحت فيه السلطة الحالية في حكم بوتفليقة، ولكن رغم ذلك، فهي تواجه، في هذه الحملة الانتخابية، انتقادات دغمائية وشعبوية تقوم على الاستفزاز والتحريض، من طرف المترشحين المنافسين لبوتفليقة وغيرهم، كقول احدهم »السلطة اخذت اموالكم« (أدات لكم دراهمكم..) وقول غيره بأنها سلطة قديمة ووجب تغييرها، وهو كلام لا معنى له، مثلما قال لهم السيد عبد العزيز بلخادم »التداول على السلطة ماهواش (ماناج).. أهبط خليني نركب..« بل من اراد السلطة فعليه بالعمل والكد من أجل البلاد والتضحية بالنفس والنفيس، كما قال بوتفليقة في عبارة موجزة »الجزائر نموت عليها عربا وأمازيغا ومسلمين«.
إن كل العقبات التي تجدها السلطة اليوم في الجزائر في حكم بوتفليقة، معظمها يأتي مما يدبر في الخفاء من مؤامرات من الجزائريين ومن غيرهم، رغم انني لست من انصار نظرية المؤامرة، ولكن هذه حقيقة ملموسة في الجزائر، فمثلا غلاء المواد الاساسية للاستهلاك مثل البطاطا اليوم وغيرها من المواد التي منها يعيش المواطن الجزائري، هي في واقع الامر نتيجة عملية مضاربة تقوم بها جماعات مصالح تريد من وراءها احراج السلطة للتأثير على المواطن الجزائري لاعطاء صوته لغير بوتفليقة، ولكن هذه الطريقة مفضوحة والجزائري ليس ساذجا ولا غبيا، ويعلم ان المتسبب في موجة الغلاء هذه ليس السلطة، بالتأكيد، لان هذا ليس من مصلحتها في هذه الظروف الانتخابية، وهذا امر بديهي وتدركه كل الافهام، ومن لم يطلها قال »العنب قارص«.
الواجب الانتخابي
تنبثق لكل فرد من افراد الشعب، بمقتضى حيازته للسيادة، سلطة معنوية اي حقا في مراقبة سير السلطة وعملها، وحراسة اساليب ممارستها، ويقوم على رأس مظاهر هذه الحراسة، ممارسة الحق في التقرير.. وبطبيعة الحال، فان هذا الحق يستدعي بالضرورة واجبا معنويا يقوم على كاهل كل من يملكه وتتحقق فيه الشروط القانونية (السن والمواطنة)، فلا يصح اذن، ان يتخلى فرد من افراد الشعب عن العمل السياسي بممارسة واجبه الانتخابي، وكل الذين يتغيبون عن الانتخابات وصناديق الاقتراع باعتبارها مظهرا من مظاهر اداء هذا الحق والواجب، يدخلون في زمرة المقصرين اخلاقيا تجاه وطنهم وامتهم في اداء ما فرض عليهم، مما يعني انهم مسؤولون مسؤولية جسيمة عما يترتب عن تقصيرهم من فساد او استغلال وتلاعب.. وليس لهم حق التذمر فيما بعد، بل يصبحون شركاء للفساد والمفسدين، وهذا هو معنى مقولة: »كيفما تكونوا يولى عليكم«.
فلئن كانت شرذمة من اصحاب النوايا السيئة واعداء الوطن قد بثوا، في صفوف معينة من الشعب، فكرة عدم الاكتراث والانهزامية وترك المواقع وذهنية اهمال الشؤون العامة للشعب.. فان من واجبنا ان نوقظ شعبنا الجزائري الحر الابي، وننبهه الى ضرورة ترك هذه العادة السيئة، ونعمل على احياء الوجدان والوعي السياسيين لكي يعود الشعب الجزائري الى التراث التربوي لثورتنا المجيدة، والذي يمثله، بامتياز، الرئيس بوتفليقة في افكاره واقواله وعمله، وبالتالي، العودة القوية الى الاهتمام بالشؤون العامة للوطن والشعب والمشاركة في الحياة السياسية للبلاد، وممارسة حق التقرير، كما نجد في تراثنا الاسلامي ما يؤيد هذا المعنى، في القول المأمور »من لم يهتم بأمور المسلمين، فليس منهم« و»من مات وليس في رقبته بيعة، مات ميتة جاهلية«.. والنصوص كثيرة في هذا الباب.
لذلك، فان تقصيرنا، في هذا الجانب، سوف يحملنا مسؤولية تاريخية عظمى قد تترتب عنها آثار وخيمة للبلاد، نعوذ بالله منها، فما الغاية الا اسعاد الشعب وتحسين احواله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. وصيانة تراثه والمحافظة على ثقافته والسير به نحو سبل الرقي والتقدم ومنع الاستغلال والفساد.. وهذا، اعتقد جازما، وما عظمت عند الرئيس بوتفليقة وسائلي، انه معقود كله بناصية المرشح بوتفليقة في هذه المرحلة الراهنة.
واذا كان القدر خلاف هذا، فانني لا أملك الا ان اقول، كما قال الشاعر العربي:
أصيبت تميم يوم خلّى مكانه
ومرّت لهم بالنّحس طير بوارح.
انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.